الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

بني وأحمر وأبيض وأخيرًا أسود.. مدير متحف النسيج يكشف أسرار تغير لون كسوة الكعبة

كسوة الكعبة المشرفة
كسوة الكعبة المشرفة

قال د.أشرف أبواليزيد مدير عام متحف النسيج المصرى إنه تعتبر الكعبة المشرفة هى أقدس بقعة للمسلمين على وجه الأرض، وتهفو أفئدتهم إليها ويتمنون زيارتها والطواف حولها ولو مرة فى العمر بيهيبتها وجلالها وجمال ثوبها الأسود وأحزمتها الذهبية.

وكشف سرا عن كسوتها التي يحتفظ المتحف بأجزاء منها، حيث قال: غير أن كثيرًا من الناس ربما لا يعرفون أن كسوة الكعبة ذات اللون الأسود والأحزمة الذهبية المطرزة بآيات القرآن الكريم، لم تستقر على هذا الوضع إلا منذ القرن السابع الهجرى، فقد كانت كسوة الكعبة قبل ذلك يتغير لونها من عهد إلى آخر.

وتابع لموقع صدي البلد: ومنذ أن عاد إبراهيم عليه السلام ليرفع القواعد من البيت وابنه إسماعيل فقد كسا الكعبة المشرفة كما يذكر الطبرى فى تاريخ الأمم والملوك، غير أن تبع أسعد أبوكرب ملك حمير هو أول من ثبت تاريخيًا بأنه جعل للكعبة بابا وكساها ثوبًا من الأديم (الجلد) البنى الفاتح فى القرن الرابع الميلادى تقريبا.

وقال: وتتحدث النوار بنت مالك أم زيد بن ثابت عن شكل كسوة الكعبة قبل بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم فتقول "رأيت قبل أن ألد زيدًا على الكعبة مطارف خز أخضر، وأصفر، وكرار، وأكسية من أكسية الأعراب وشِقاق شَعَر"، وقال عمر بن الحكم السلمي: نظرتُ إلى البيت وعليه كسى شتى من وصائل (ثياب حمر مخططة) وأنطاع (جلود)، وكرار، وخز، ونمارق عراقية، كل هذا قد رأيته عليه".

وقد يكون ذلك بسبب أن بعض الأغنياء يهدون للكعبة أكسية تغطي بعضًا منها، فيوضع عليها أكثر من كساء، وعندما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة أبقى على كسوة قريش لها، حتى جاءت امرأة تطوف بالبيت وتبخّره فاحترقت كسوة قريش، فكساها رسول الله صلى الله عليه وسلم الثياب اليمانية، وهي ثياب مخططة بيضاء وحمراء ، وألبس الخليفتان أبو بكر ومن بعده عمر رضي الله عنهما، الكعبة المشرفة ثيابًا بيضاء تسمى القباطي، وهي أثواب بيضاء رقيقة تصنع في مصر.

وتابع: ثم كساها عبد الله بن الزبير في سنة 64هـ/683 م بالديباج الأحمر، وفي أيام الخلافة العباسية كُسيت باللون الأبيض، قال الفاكهي (ت 272هـ/885 م): "رأيت كسوة لهارون الرشيد من قباطي مصر ( أبيض رقيق) مكتوب عليها (بسم الله بركة من الله للخليفة الرشيد عبدالله هارون أمير المؤمنين -أكرمه الله - مما أمر به الفضل بن الربيع أن يعمل في طراز تونة سنة تسعين ومائة".

وفي سنة 200هـ/815 م قدم مكة حسين بن حسن الأفطسي الطالبي وملكها، وكسا الكعبة ثوبين رقيقين من حرير أحدهما أصفر، والآخر أبيض، ثم في عهد المأمون سنة 206هـ/822م صار يكسوها ثلاث مرات في السنة، فيكسوها الديباج الأحمر يوم التروية، والقباطي (أبيض رقيق) يوم هلال رجب، والديباج الأبيض يوم سبع وعشرين من رمضان.

وقال أبو اليزيد: ولما تملك الفاطميون مكة ثبَّتوا الكسوة البيضاء، إلا أنه في سنة 456هـ/1064 م بعث ملك شاه سلطان السلاجقة كسوة لها وهي ديباج أصفر، ثم استمرت كسوة الفاطميين البيضاء مدة حكمهم للحجاز.

وفي خلافة الفاطميين حج الداعي الإسماعيلي ناصر خسرو سنة442هـ/1051م ووصف كسوة الكعبة في كتابه (سفر نامة) بقوله: "وَالكسوة التي تغطى بها الكعبة بيضاء، وقد طرزت في موضِعين عرض كل منهما ذراع، وبينهما عشر أذرع تقريبا، ومن فوقهما وتحتهما عشر أذرع أيضا بحيث ينقسم ارتفاع الكعبة إِلى ثلاثة أقسام كل منها عشر أذرع بواسطة طراري الكسوة ".

وبعد سقوط الدولة الفاطمية كساها الخلفاء العباسيون الديباج الأبيض، وغيَّر الخليفة الناصر قبل سنة 614هـ / 1218 م لون الكسوة إلى اللون الأخضر، حيث كساها أول حكمه بالديباج الأخضر، وقد شاهدها باللون الأخضر ابن جبير في رحلته سنة 614هـ/ 1218 م حيث قال في وصفها: "وكسوة الكعبة المقدسة من الحرير الأخضر ، ثم غيَّر الخليفة الناصر العباسى (ت622هـ/ 1225 م) كسوتها إلى الديباج الأسود وهو شعار العباسيين.

وأضاف أبو اليزيد: ثبت لونها الأسود منذ ذلك الحين إلى اليوم، وقد شاهدها الرحالة الذين زاروا مكة في القرون التي تلت القرن السابع بهذا اللون،كالرحالة ابن بطوطة سنة 728 هـ، ،والمرة الوحيدة التي تغير لونها منذ ذلك الحين كانت في عهد الإمام سعود بن عبدالعزيز من أئمة الدولة السعودية الأولى، فقد كساها سنة 1221هـ/ 1807 م الخز الأحمر (قماش من صوف ناعم وحرير )، ثم عاد إلى كسوتها باللون الأسود.