الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الهجرة والأنبياء!


مع بداية كل عام هجري تأتي ذكرى هجرة النبي عليه الصلاة والسلام باعتبارها الحدث الذي فصل بين فترة الاضطهاد في مكة وفترة الاستقرار في المدينة، والهجرة قام بها البعض من الأنبياء بعدما واجهوا نفس المواقف والأقوال من الكفار: (مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِن قَبْلِكَ..) فصلت 43.

فالكفار هددوا الرسل السابقين واتباعهم بالطرد إذا لم يعودوا إلى ملة الكفر: (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُم مِّنْ أَرْضِنَآ أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا..) إبراهيم 13، حدث ذلك مع النبي شعيب عليه السلام: (قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ مِن قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَكَ مِن قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا..) الأعراف 88.

ومع النبي لوط عليه السلام: (قَالُوا لَئِن لَّمْ تَنتَهِ يَا لُوطُ لَتَكُونَنَ مِنَ الْمُخْرَجِينَ) الشعراء 167، ولم يتغير موقف الكفار من النبي عليه الصلاة والسلام: (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ..) الأنفال 30. 

وتعتبر الهجرة مرحلة من مراحل الجهاد، فبالهجرة من مكة إلى المدينة انتقل المسلمون من الجهاد بالقول إلى الجهاد بالقتال، يتضح ذلك في ارتباط الهجرة بالجهاد وتفضيل من جمع بينهما: (الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ اللّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ) التوبة 20.

إن الهجرة في تاريخ الأنبياء السابقين كانت تعني الخروج بالأقلية المؤمنة فرارًا من الاضطهاد وترك الكفار ليلاقوا العذاب الذي تم وعدهم به، ولكن الهجرة في سيرة النبي عليه الصلاة والسلام كانت خروجًا بالأقلية المؤمنة فرارًا من اضطهاد القوم الكافرين، ثم الاستعداد لجهادهم من أجل نشر الإسلام.

لقد ارتبطت الهجرة في رسالة القرآن الكريم بالجهاد لأن الرسالة خاتمة، وبهذا انتهى نزول الاهلاك العام للكافرين في الدنيا، وكان ارتباط الهجرة بالجهاد في آيات القرآن الكريم دليلًا على الحكمة من الأمر بالهجرة في رسالة الإسلام، حيث جاءت الهجرة لتعبر عن الانتقال من مرحلة الصمود والصبر إلى مرحلة القتال دفاعًا عن النفس وعن حرية العقيدة.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط