الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الملكة حتشبسوت امرأة تخلت عن أنوثتها لتحكم عرش مصر فى زى الرجال

الملكة حتشبسوت
الملكة حتشبسوت

الملكة "حتشبسوت" ملكة ذات طابع خاص ومميز واحدة من أعظم ملكات التاريخ ودرة تاج مصر الفرعونية، السيدة الحاملة للقب فرعون لأطول مدة بين الفراعنة الإناث اللاتي حكمن مصر واعتبرت فترة حكمها نقطة تحول محورى فى تاريخ مصر القديمة وتشهد لها آثارها المعمارية الفريدة بعظمة حكمها واهتمامها بالثقافة والفنون فضلا عن حالة الرخاء التى تميزت بها سنوات حكمها لمصر .

قال الباحث الأثري الطيب حسن عبد الله، إن معبد الدير البحرى الخاص بالملكة حتشبسوت، والتي تعني خنمت أمن حتشبسوت، أي خليلة آمون المقدمة على الأميرات، هو معبد تخليد ذكرى أعظم ملكة فرعونية والتى حكمت فيما بين 1479 ق. م حتى 1458 ق. م، أى ما يناهز الواحد والعشرين عاما، وهى إحدى بنات تحتمس الأول، ثالث ملوك الأسرة الثامنة عشرة، وأمها هى الملكة "أحمس"، وليس أحمس نفرتارى كما يلتبس على الكثيرين منا، ولها ابنة مشهورة فى التاريخ المصري وهى "نفرو رع"، وقد قام ببنائه المهندس العبقرى سننموت والذي أمضى خمسة عشر عاما فى تشييده من الحجر الجيرى".

وأضاف عبد الله أن "حتشبسوت هى من أذكى ملكات مصر القديمة، حيث قامت بإنشاء معبدها فى بطن جبل الغرب بالقرنة نظرا لقدسية تلك البقعة، وترعرعت حتشبسوت فى البلاط الملكى وكان لها أخ يدعى تحتمس الثانى، وبعد أن مات الملك تحتمس الأول كان من الطبيعى أن يحكم ابنه من خلفه، لكن تحتمس الثانى كان مريضا وليس ملكا قويا، لذا تزوجته أخته حتشبسوت حفاظا على الدم الملكي وساعدته فى حكم مصر ما يقرب من ست سنوات، ومات الملك وكان أيضا من الطبيعي أن يرث العرش ابنه تحتمس الثالث من زوجة أخرى تدعى "إيزيس"، لكن هنا كانت خطة حتشبسوت للاستيلاء على العرش، حيث أعلنت الوصاية الشرعية على الوريث وخططت مع كهنة آمون على أن تكون الخطة كالآتى "الولادة الإلهية" والتى روت فيها أنها من نسل الإله آمون، رب طيبة، إذ لن يستطيع أحد الوقوف فى وجهها، كيف وهى ابنة الإله؟".

وفرضت الظروف على الملكة حتشبسوت أن تظهر إلى شعبها وتخطب فيهم وهي ترتدي زي الرجال، حتي يتقبل الشعب أن تتولي حكم البلاد، وذلك نتيجة لما كان شائعًا في هذه الحقبة التاريخية، وهو عدم تقبلهم أن تحكم البلاد امرأة، ولكن ذلك لم يمثل عقبة في طريقها بل بقوتها وذكائها تغلبت على هذه الأعراف التي تنال من شأن المرأة.

وأكد أن "تحتمس الثالث قاده قدره للحياة العسكرية والتى برع فيها، فقد خاض ما يقرب من سبع عشرة حملة لحماية الإمبراطورية المصرية آنذاك من ألد أعدائها، ولم يخسر أى حملة منها، وإنجازاته ملأت المعابد المصرية وذاع صيته كأعظم القادة العسكريين فى زمانه وحتى الآن".

وأشار إلى أن "حتشبسوت حكمت بعد حكمها المشترك مع زوجها تحتمس الثانى ستة عشر عاما أخرى منفردة بحكم مصر، وكانت أهم إنجازاتها جلب مسلتين من محاجر أسوان للجرانيت الوردي، كل مسلة تزن ما يقرب من 330 طنا وبطول 29 مترا لتزيين الصالة الواقعة بين الصرح الخامس والرابع فى معبد الكرنك، والتى كرستها لأبيها آمون رع، سيد عروش الأراضين، والتى أذهلتنا بالفترة القياسية التى استغرقت فقط سبعة أشهر منذ قطعهما ونقلهما وتنصيبهما بالكرنك".

وتابع: "وأيضا تلك الرحلة الشهيرة إلى بلاد بونت (ربما الصومال حاليا) والتى أمرت القائد "با نحسى" ليرأس تلك الرحلة الفريدة إلى هناك، حيث أمرت ببناء خمس سفن تجارية عملاقة ولكن ليست نيلية إنما سفن بحرية، حيث بدأت من مكان يسمى "مرسى الجواسيس" قريبا من القصير على شاطئ البحر الأحمر، محملة بكل أنواع الخيرات المصرية ومقايضتها بنظيرتها الأفريقية".

وقال عبد الله: "ومضت الأيام بحتشبسوت إلى أن جاءت نهايتها، وها هنا جاءت الأقدار مجددا بالوريث الجنرال تحتمس الثالث للعرش أخيرا، لكن كانت المفاجأة غير السعيدة، إنه الانتقام العائلي، حيث دمر كل ما يخص الملكة من آثار فى الأقصر شرقها وغربها ودمر معظم صورها الجدارية من معبدها وأيضا حاول حجب مسلاتها بالكرنك، وكان الغل منها يزيد يوما بعد يوم، ومضت الأيام مرة أخرى إلى أن جاءت الموجة الثانية من التخريب على يد إخناتون لمحو كل آثار وأسماء آمون، حيث كانت ثورته الشهيرة ضد آمون وكهنة طيبة".