الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

في ذكرى ميلاده.. تعرف على مسيرة حياة محمود السعدني من البداية حتى الرحيل

صدى البلد

يعد الكاتب الكبير محمود السعدني، الذي تحل اليوم ذكرى ميلاده، من رواد الكتابة الساخرة في الصحافة العربية، حيث أنه شارك في تحرير وتأسيس عدد كبير من الصحف والمجلات العربية في مصر وخارجها، ترأس تحرير مجلة صباح الخير المصرية في الستينات كما شارك في الحياة السياسية في عهد الرئيس جمال عبد الناصر وسجن في عهد أنور السادات بعد إدانته بتهمة الاشتراك في محاولة انقلابية.

أصدر محمود السعدني، وترأس تحرير مجلة 23 يوليو في منفاه في لندن، عاد إلى مصر من منفاه الاختياري سنة 1982 بعد اغتيال السادات وأستقبله الرئيس مبارك، كانت له علاقات بعدد من الحكام العرب مثل معمر القذافي وصدام حسين، اعتزل العمل الصحفي والحياة العامة سنة 2006 بسبب المرض.

ولد السعدني في منطقة الجيزة بالقاهرة الكبرى، عمل السعدني في بدايات حياته الصحفيه في عدد من الجرائد والمجلات الصغيرة التي كانت تصدر في شارع محمد علي بالقاهرة عمل بعدها في مجلة "الكشكول" التي كان يصدرها مأمون الشناوي حتى إغلاقها، ثم عمل بالقطعه ببعض الجرائد مثل جريدة "المصري" لسان حال حزب الوفد وعمل أيضًا في دار الهلال كما أصدر مع رسام الكاريكاتير طوغان مجلة هزلية أغلقت بعد أعداد قليلة.

أيد السعدني ثورة 1952، وعمل بعد الثورة في جريدة الجمهورية التي أصدرها مجلس قيادة الثورة وكان رئيس مجلس إدارتها أنور السادات ورئيس تحريرها كامل الشناوي، بعد تولي السادات منصب رئاسة البرلمان المصري، تم الاستغناء عن خدمات محمود السعدني من جريدة الثورة أسوة بالعديد من زملائه منهم بيرم التونسي وعبد الرحمن الخميسي.

عمل بعد ذلك في مجلة روز اليوسف الأسبوعيه مديرًا للتحرير عندما كان إحسان عبد القدوس رئيس التحرير وكانت روز اليوسف حينها مجلة خاصة تملكها فاطمة اليوسف والدة إحسان.

أثناء زيارة صحفية إلى سوريا قبيل الوحدة بين البلدين، طلب أعضاء الحزب الشيوعي السوري من السعدني توصيل رسالة مغلقة للرئيس جمال عبد الناصر فقام بتسليمها لأنور السادات دون أن يعلم محتواها، وكان في الرسالة تهديدا لعبد الناصر، لذا تم إلقاء القبض عليه وسجن ما يقارب العامين أفرج عنه بعدها فعاد ليعمل في روز اليوسف بعد أن أممت ثم وتولي رئاسة تحرير مجلة صباح الخير.

انضم إلى التنظيم الطليعي وكان له في تلك الفترة نفوذ كبير، وعقب وفاة عبدالناصر حدث صراع على السلطة بين الرئيس أنور السادات وعدد من المسؤلين المحسوبين على التيار الناصري مثل شعراوي جمعة وسامي شرف ومحمود فوزي وغيرهم، انتهى الصراع باستقالة هؤلاء المسؤلين واعتقال السادات لهم وتقديمهم للمحاكمة بتهمة محاولة الانقلاب وكان اسم محمود السعدني من ضمن أسماء المشاركين في هذا الانقلاب وتمت محاكمته أما "محكمة الثورة" وأدين وسجن.

كما يقول محمود السعدني فإن القذافي حاول التوسط له عند السادات إلا أن السادات رفض وساطته وقال "أن السعدني قد أطلق النكات علىّ وعلى أهل بيتي (زوجته جيهان السادات) ويجب أن يتم تأديبه ولكني لن أفرط في عقابه".

بعد قرابة العامين في السجن أفرج عن السعدني ولكن صدر قرار جمهوري بفصلة من صباح الخير ومنعه من الكتابة بل ومنع ظهور اسمه في أي جريدة مصرية حتى في صفحة الوفيات. بعد فترة قصير من المعاناة قرر السعدني مغادرة مصر والعمل في الخارج.

غادر السعدني مصر متوجهًا إلى بيروت حيث استطاع الكتابة بصعوبة في جريدة السفير وبأجر يقل عن راتب صحفي مبتدئ، والسبب في صعوبة حصوله على فرصة عمل هو خوف أصحاب الدور الصحفية البيروتية من غضب السادات. قبل أندلاع الحرب الأهلية غادر السعدني إلى ليبيا للقاء القذافي والذي عرض عليه إنشاء جريدة أو مجلة له في بيروت إلا أن السعدني رفض ذلك خوفًا من اغتياله على يد تجار الصحف اللبنانيين والذين سيرفضون بالتأكيد هذا الوافد الجديد والذي سيعد تهديدًا لتجارتهم الرائجة.

أثناء الحوار وبدون قصد، سخر السعدني من جريدة القذافي الأثيرة "الفجر الجديد" ونعتها بالـ"الفقر الجديد" عندما عرض عليه القذافي الكتابة فيها وانتهى لقائه معه بدون نتيجة، ولم يبد القذافي حماسًا كبيرًا لإصدار مجلة 23 يوليو التي اقترح السعدني إصدارها في لندن بل سخر من فكرة إصدارها هناك كما لم يرق له إصدار مجلة ساخرة.

في عام 1976 وصل السعدني إلى أبوظبي للعمل كمسئول عن المسرح المدرسي في وزارة التربية والتعليم في الإمارات، ويبدو أنه لم ترق له الفكرة، لذا قبل بالعرض الذي تقدم به عبيد المزروعي وهو إدارة تحرير جريدة الفجر الإماراتيه.

كان العرض مقامرة سياسية جازف بها عبيد المزروعي بخاصة وان السعدني وضع شروطا مهنية قاسية أهمها عدم التدخل في عمله وهو الشرط الذي يبدو أنه تسبب بعد أقل من أربعة أشهر بمصادرة أحد أعداد جريدة الفجر من الأسواق بسبب مانشيت أغضب السفارة الإيرانية في أبوظبي وكان إيران يومها تطالب بالإمارات كلها وتعتبرها من "ملحقيات إيران". لذا لم تغفر سفارة إيران للسعدني رفعه شعار (جريدة الفجر جريدة العرب في الخليج العربي) وطالبت السفارة الإيرانية صراحة حذف صفة "العربي" عن الخليج لانه (خليج فارسي) كما يقولون.

تعاقد محمود السعدني مع منير عامر من مجلة "صباح الخير" القاهرية، ليتولى وظيفة سكرتير التحرير وليدخل إلى صحافة الإمارات مدرسة صحافية مصرية جديدة هي "مدرسة روزاليوسف" بكل ما تتميز به من نقد مباشر وتركيز على الهوية القومية والابتعاد قدر الإمكان عن التأثير المباشر للحاكم وصانع القرار.

بعد ضغوط إيرانية على حكومة الإمارت أضطر السعدني إلى مغادرة أبوظبي إلى الكويت حيث عمل في جريدة السياسة الكويتية مع الصحفي أحمد الجار الله ولكن تلك الضغوط لاحقته هناك أيضًا فغادر إلى العراق ليواجه ضغوط من نوع جديد، وهي ممارسات الموظفين العراقيين المسؤولين في مكتب مصر بالمخابرات العراقية الذين مارسوا ضغوطًا كبيرة عليه لإخضاعه فكان قراره بعد لقاء مع نائب الرئيس العراقي في ذلك الوقت صدام حسن بمغادرة العراق إلى لندن.

عاد السعدني إلى مصر بعد اغتيال السادات بفترة وأستقبله الرئيس مبارك في القصر الجمهوري بمصر الجديدة ليطوي بذلك صفحة طويلة من الصراع مع النظام في مصر.

تعتبر مذكرات السعدني - الولد الشقي من أروع ما كتب في أدب السيرة الذاتية في الأدب العربي، وقد كتبها في سلسلة من الكتب (من نهاية الستينات وحتى منتصف التسعينات)، ومن مؤلف6اتته أيضًا ملاعيب الولد الشقي: مذكرات ساخرة، السعلوكي في بلاد الإفريكي: رحلات إلى إفريقيا، الموكوس في بلد الفلوس: رحلة إلى لندن، وداعًا للطواجن: مجموعة مقالات ساخرةـ عزبة بنايوتي: مسرحية، قهوة كتكوت: رواية، والمضحكون : وصف لبعض الشخصيات الكوميدية في السينما المصرية.