الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

سوسن أحمد البراهمى تكتب.. زهرة عربية

صدى البلد

لما أردت أن أكتب عنها تحيرت فى اختيار اسم لها أسميها شهيدة العلم أم أسميها بنت مصر البارة أم أسميها عالمة الذرة المصرية ولكنها ابنة كل العرب أسميها ابنة الوطن العربى

ولما قرأت قصتها أثرت فى نفسى لكونها توفيت عن عمر يناهز 35 عاما أى أنها فى عمر الزهور
فأسميتها زهرة عربية وتحمست للكتابة عنها لانها لا تقل فى وطنيتها عن اى جندى استشهد مدافعا عن وطنه
فأردت ان اكتب عنها ليقرأ قصتها كل مصري وكل عربي ليأخذ منها درسا فى الوطنية
كانت تقطن بمفردها فى شقة فى بلد غريب ( امريكا ) ولم يكن بجوارها والدها او والدتها ولا أشقائها ولا احد من اقاربها ولكنها قالت لأ
دون خوف او تردد
لم تنتظر لتحدث والدها فى التليفون او ان ترسل له خطابا لتأخذ رأيه فى مسألة مساومتها على بيع وطنها ولكنها قالت لأ
دون خوف او تردد
لم تلتفت للملايين والدولارات التى وضعوها تحت اقدامها لتبيع وطنها ولكنها قالت لأ
دون خوف او تردد
كانوا يقرأونها جيدا ويعلمون مدى شغفها بالعلم ويعلمون ان متعتها الحقيقية فى وجودها فى المعامل لتحصيل العلم فأدخلوها معاملهم السرية ليظهروا لها أنها ستصبح ابنتهم ولكنها رفضت ان تبيع وطنها وقالت
لأ
دون خوف او تردد

انها سميرة موسى
اول عالمة ذرة مصرية وأول امرأة عربية تحصل على الدكتوراه

ولدت سميرة موسى فى 3 مارس عام 1917 م بقرية سنبو الكبرى مركز زفتى بمحافظة الغربية
اسرتها تتكون من اب وام ولها من الشقيقات واحدة ومن الأشقاء اثنان
حفظت جزء من القرآن الكريم فى طفولتها وكانت تحب قراءة الصحف مذ كانت صغيرة
التحقت سميرة موسى بمدرسة قصر الشوق الابتدائية ثم بمدرسة بنات الأشراف الثانوية الخاصة والتى كانت تقوم على إدارتها حين ذاك نبوية موسى الناشطة السياسية النسائية المعروفة
لما راى والدها نبوغها وتفوقها وحبها للعلم انتقل باسرتها الى القاهرة لتستكمل دراستها فترك محافظة الغربية واشترى فندقا فى حى الحسين ليستثمر أمواله وعاشوا بالقاهرة

ولما رأت نبوية موسى تفوق سميرة وحبها للعلم رعتها فاشترت لها معمل خاص للمدرسة لتقوم بعمل تجاربها لان سميرة موسى كانت تنوى الانتقال من هذه المدرسة الى مدرسة اخرى حكومية يتوفر بها معمل ليتيح لها تحصيل العلم فسارعت نبوية موسى بشراء معمل للمدرسة حيث ان الدولة فى ذلك الوقت كانت تمنح المدرسة التى يخرج منها طالبا متفوقا معونة مالية

وبالفعل تفوقت سميرة موسى وحصلت على المركز الأول فى الشهادة التوجيهية عام 1935 م ولم يكن مألوفا من قبل أن تفوز فتاة بالمركز الاول فى التوجيهية ولم يكن يسمح لهن بخول امتحانات التوجيهية إلا من المنازل حتى تغير هذا القرار عام 1925 م بإنشاء مدرسة الاميرة فايزة وهى اول مدرسة ثانوية للبنات فى مصر

وكانت أمارات نبوغها واضحة مبكرا فلقد استطاعت سميرة من تأليف كتاب الجبر الحديث حيث أنها قامت بإعادة صياغة كتاب الجبر الحكومى فى السنة الأولى الثانوية وطبعه والدها على نفقته الخاصة فوالدها أول من مهد لها طريق العلم بوقوفه بجوارها
اختارت سميرة موسى كلية العلوم جامعة القاهرة ( الملك فؤاد آنذاك ) بالرغم من أن مجموعها كان يؤهلها لدخول كليه الهندسة وكانت امنية كل فتاة فى ذلك الوقت هو الالتحاق بكلية الآداب لكن سميرة موسى اختارت كلية العلوم

ومن حسن حظها ان الدكتور مصطفى مشرفة كان استاذها فى كلية العلوم حيث انه كان عميد كلية العلوم واحد مدرسيها فى الجامعة
فلما حصلت سميرة موسى على البكالوريوس وكانت الأولى على دفعتها وارادت ان تتعين معيدة بالجامعة رفض الاساتذة الاجانب ( الانجليز ) فى ذلك الوقت تعيينها كمعيدة بالجامعة

فقدم الدكتور مصطفى مشرفة استقالته ووضعها على مكتب مدير الجامعة إذا لم يتم تعيين سميرة موسى معيدة بالكلية فاستجابوا لطلبه وعينت سميرة موسى أول معيدة بجامعة القاهرة

سافرت سميرة موسى الى لندن وحصلت على شهادة الماجستير فى موضوع التواصل الحرارى للغازات ثم سافرت فى بعثة الى بريطانيا درست فيها الإشعاع النووى

وحصلت على الدكتوراه فى الأشعة السينية وتأثيرها على المواد المختلفة
استطاعت سميرة موسى ان تنتهى من الدراسة فى سنتين فقط وقضت السنة الثالثة فى أبحاث متصلة وصلت من خلالها الى معادلة هامة تمكنها من تفتيت المعادن الرخيصة مثل النحاس لتصنيع القنبلة الذرية من مواد بسيطة

كما حصلت على منحة ( فولبرايت ) لدراسة الذرة بجامعة كاليفورنيا واستطاعت الحصول على نتائج فى مجال أبحاث الذرة اذهلت الأوساط العلمية فى امريكا واوربا فسمح لها بزيارة المعامل السرية للذرة بالولايات المتحدة الأمريكية لتكون المصرية الوحيدة التى سمح لها بذلك
تلقت عددا من العروض لتبقى فى أمريكا وتحصل على الجنسية الامريكية لكنها رفضت وفضلت العودة للوطن لمواصلة رسالتها العلمية ولخدمة وطنها

كانت تأمل أن تسخر علومها فى الذرة لخير البشرية وليس لهدمها فدعت الى عقد مؤتمر دولى بكلية العلوم تحت شعار الذرة من اجل السلام حيث شارك فيه كبار العلماء من شتى بقاع الأرض

أرادت ان تقتحم مجال العلاج الطبى حيث كانت تقول ان امنيتى ( أن يكون علاج السرطان بالذرة ( العلاج بالراديوم ) كالعلاج بالاسبرين
عاصرت ويلات الحرب وتجارب القنبلة الذرية التى دكت مدينتى هيروشيما ونجازاكى فى الحرب العالمية الثانية ولفت انتباهها الاهتمام المبكر من اسرائيل بامتلاك أسلحة الدمار الشامل وسعيها للانفراد بالتسلح النووى بالمنطقة

قامت سميرة موسى بتأسيس هيئة الطاقة الذرية بعد ثلاثة اشهر فقط من إعلان الدولة الإسرائيلية عام 1948 م كما حرصت على إيفاد البعثات للتخصص فى علوم الذرة

كانت سميرة موسى عضوا فى كثير من اللجان العلمية المتخصصة على رأسها ( لجنة الطاقة والوقاية من القنبلة الذرية ) التى شكلتها وزارة الصحة المصرية

لقبت سميرة موسى ب (مس كورى الشرق ) نسبة الى عالمة الفيزياء البولندية مارى كورى
قال عنها احد اساتذتها فى جامعة بدفورد فى تقريره العلمى الذى ارسله الى جامعة القاهرة ( ان تجارب سميرة موسى تغير وجه الانسانية لو وجدت المعونة الكافية )

أما عن هوايتها الشخصية
فهى كانت محبة للقراءة وحرصت على تكوين مكتبة كبيرة متنوعة تم التبرع بها الى المركز القومى للبحوث تشمل كتب الأدب والتاريخ كتب السير الذاتية للشخصيات القيادية المتميزة
كانت تهوى التصوير وخصصت جزء من بيتها للتحميض والطبع
شاركت فى جمعية الطلبة للثقافة العامة والتى هدفت الى محو الامية فى الريف المصرى وجماعة النهضة الاجتماعية والتى هدفت الى تجميع التبرعات لمساعدة الأسر الفقيرة كما انضمت ايضا الى جماعة انقاذ الطفولة المشردة

قصة اغتيالها
عالمة ذرة عربية كان من الطبيعى أن تكون محل اهتمام الاوساط الامريكية والاوروبية ومن الطبيعى ايضا ان تكون مراقبة ماذا تفكر ماذا تنوى فعله فلما كانت تحضر الدكتوراه كان ترسل رسائل لوالدها لتطمئنه عليها وتحكى له اخبارها وكان من الطبيعى ان يحاولوا جاهدين معرفة ما تكتبه فى رسائلها لوالدها فهى دائما تقول فى رسائلها لوالدها
ابى لو كان فى مصر معمل مثل المعامل الموجودة هنا كنت استطيع ان اصنع اشياء كثيرة
( وطبعا هم فهموا ماتقصده انها كانت تعنى انها فى قدرتها اختراع جهاز لتفتيت المعادن الرخيصة الى ذرات عن طريق التوصيل الحرارى للغازات ومن ثم الى تصنيع قنبلة ذرية رخيصة الثمن )
وكانت آخر رسائلها لوالدها تقول فيها
ابى لقد استطعت أن أزور المعامل الذرية فى أمريكا وعندما أعود الى مصر سأقدم لبلادى خدمات جليلة فى هذا الميدان وأستطيع أن أخدم قضية السلام

وبالفعل كانت تنوى فور عودتها الى مصر إنشاء معمل خاص لها فى منطقة الهرم بالجيزة
كانت سميرة موسى مراقبة من قبل الموساد فأرسلوا إليها راقية ابراهيم الممثلة المشهورة اسمها الحقيقى (راشيل ابراهام ) وهى يهودية الأصل ارسلوها لتوطيد علاقة صداقة بسميرة موسى

وحكت بالتفصيل حفيدة راقية ابراهيم ( راشيل ابراهام ) حفيدتها اسمها ريتا ديفيد توماس فى احدى التصريحات الصحفية اثناء زيارتها لمصر ان جدتها راقية إبراهيم كانت صديقة مقربة لعالمة الذرة المصرية سميرة موسى وهذا من واقع مذكرات راقية إبراهيم التى كانت تكتبها بيدها وكانت تخفيها فى كتبها القديمة فى شقتها بكاليفورنيا وتم العثور عليها ذكرت فيها أن جدتها تعاونت مع الموساد بشكل كبير فى تصفية سميرة موسى فقد كانت دائمة التردد على منزل سميرة موسى مما أتاح لها تصوير منزلها بكل دقة وفى احدى المرات استطاعت سرقة مفتاح شقتها وطبعه على (صابونة ) واعطته لمسئول الموساد فى مصر وبعد أسبوع قامت راقية إبراهيم بالذهاب للعشاء مع سميرة موسى فى ( الاوبيرج ) مما هيأ للموساد دخول الشقة وتصوير ابحاثها ومعملها الخاص وذكرت ريتا ان العلاقة بين سميرة موسى وراقية ابراهيم انتهت عام 1952 م عندما قامت سميرة بطردها من منزلها بعدما تدخلت راقية كوسيطة بينها وبين الولايات المتحدة لاعطائها الجنسية الامريكية وعندما رفضت سميرة موسى العرض هددتها راقية ابراهيم بأن العواقب لن تكون طيبة وهنا انتهت العلاقة بينهما وكانت وقتها سميرة موسى فى امريكا وقبل ان تعود سميرة موسى لمصر يوم 15 اكتوبر عام 1952 م استجابت لدعوة لزيارة معامل ذرية فى ضواحى كاليفورنيا وفى طريق كاليفورنيا الوعر المرتفع ظهرت سيارة نقل فجأة لتصطدم بسيارتها بقوة وتلقى بها فى وادى عميق ولكن السائق قفز من السيارة واختفى للأبد وأوضحت التحريات أنه كان يحمل اسما مستعارا وأن إدارة المفاعل لم ترسل سيارة لسميرة موسى من اصلا ولم تدعوها لزيارة المعامل الذرية من اصلا وهكذا تكشفت الحقيقة
رحم الله الشهيدة سميرة موسى وادخلها الله فسيح جناته