الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الصحة بعافية حبتين


لم يكن يوما عاديا، صحوت على صوت هاتفى لأجد بنت جارتى تخبرنى أن أمها مريضة للغاية وتعانى من مضاعفات مرض السكر اللعين وبأنهم نقلوها إلى مستشفى خاص، طلبت منها أن تهدأ وطمأنتها مع أي انتفض من القلق على والخوف ولكنى لا بد أن أظهر أننى الكبيرة وكل معانى المسئولية، جريت بسرعة إلى حيث وجدتها وحولها أطباء من الصعب أن تصفهم بذلك الوصف فهم تجار كل شىء يقولونه مدفوع الثمن وكل تعاملاتهم بكام وادفع حالا ، تخيلت أننى بوضعى الاجتماعى كرئيس تحرير أستطيع التواصل مع القائمين على المنظومة الصحية المريضة فى بلدنا هذا وعلى مدى استنزفت فيها أسرة جارتى ماديا طلبوا منى ما كنت أود أن أعرضه عليهم ولكنى كنت مترددة بأن ننقلها إلى مستشفى حكومى انطلاقا من علمنا بتعليمات القيادة السياسية بأنه من حق المريض أن يعالج فى مستشفى حكومى وأن الأخيرة لا ينبغي أن ترفض حتى وإن لم يكن معه أموال، وبالفعل شرعت فى القيام بهذه الخطوة المربكة فوجدت أنه لا توجد وزارة صحة ولا يوجد شخص معنى بالمهمة الإنسانية تستطيع أن تتواصل معه و اقصى ما تستطيع فعله أن يصلوك بمن هو مسئول عن توفير غرف رعاية والتى تشترط أن تطلب رقم ١٣٧ طوارئ ومن خلاله يوضع اسمك وسط ملايين الاسماء وانت وحظك وانتظر او لا تنتظر ، عش أو مت ، فالوزارة المعنية بصحة المواطنين غير مهتمة وغير مسئولة . أيام ثقيلة مرت ، خرجت منها بحكمة ثقيلة على النفس أن من يمرض فى هذا الوطن فقد ضمن الدخول الى الجنة لأنه نال جزاءه وكفر عن سيئاته كلها فى هذه الدنيا وفى هذا البلد الذى يموت فيه الفقير ألف مرة وهو على قيد الحياة ويموت ملايين المرات اذا كتب عليه المرض ، المستشفيات فى وضع مزرى ، الأطباء، الممرضين، العمال، الصيدلية كل شىء يجعلك فى وضعية الاستغراب مما آل إليه وضع المنظومة الصحية، رأيت بعينى كبار سن أعينهم تئن وهى تستعطف الممرضات والأطباء من أجل مجرد الإجابة على استفسارات حياتية، هزنى دموع امهات وتوسلات آباء ممن يسمونهم ملح الأرض وهم يسعون سعيا من اجل استعطاف الأطباء للكشف على ابنائهم، رأيت مناظر وحالات من الصعب ان توجد فى دولة كانت منارة للعلم ومركز للطب ومنها تخرج عباقرة الأطباء والعلماء ، شاهدت بعين رأسى كل ما تستطيع أن تصنفه بأنه خارج نطاق الإنسانية فى بلد يحرص رئيسها على إصلاح تراكمات سنين من الإهمال والفساد والفوضى، وأيضا يسعى سعيا دؤوبا لإصلاح المنظومة الطبية وتوفير مظلة صحية لكل المواطنين والغاء طوابير الانتظار، ولكن الواقع يقول ان الوزارة من أساسها غير موجودة وأن العاملين فيها كما يقولون بالبلدى مكبرين دماغهم، فمجرد الحصول على كيس دم لمريض قد يفقد حياته إذا لم يتوفر له هذا الكيس ، مجرد ذلك يصبح بمثابة حلم لأليس فى بلاد المخايب إن صح التعبير . وعلى هذا الأساس المقزز لم يكن غريبا أن نستقبل خبر وفاة طبيبات المنيا فى هذه المنظومة البائسة ، وايضا لم يكن غريبا أن نسمع ونقرأ كل ثانية عن الكثير من المخالفات والتجاوزات داخل مكان القائمين عليه كانوا يوصفون بملائكة الرحمة ، الوضع فى بلادنا ليس بحاجة لمزيد من الاهات تجعل المشهد الطموح الذى تكرس عليه القيادة السياسية جهودها ومشاريعها وانجازاتها يبدو مذبذب المعالم وتنتقص من روعته إخفاقات المنظومة الصحية التى تعد أحد أضلاع مثلث التنمية المهم ؛ فالمواطن الصحيح جسميا مواطن فاعل ، ولن تتقدم الدولة إلا بالاعتماد على أبناء أصحاء ، نرجو من القيادة السياسية ان تنظر بعين الحزم على هذا القطاع الحيوي وأن تكلف من يتابعون حالات محدودى الدخل ومن لا تكفلهم الرعاية الصحية ، كما اننا نطالب الصحة بان تتعافى حتى تستطيع ان تقوم على قدميها وتؤدى مهامها الصحيحة وليست الزيارات والأفيشات والتصريحات، أرض الواقع الطبى تئن وأرواح كثيرة تموت إهمالا أو فقرا او تجاهلا ، فهل من مجيب وهل من معين ؟؟
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط