الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

القنبلة مقابل رأس الجنرال.. هل تثأر إيران لمقتل قاسم سليماني بالحصول على سلاح نووي؟

قاسم سليماني
قاسم سليماني

في الثالث من يناير الحالي، أصدر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمرًا بشن غارة جوية لاستهداف قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، وبعدها بأيام ردت إيران بقصف قاعدتين في العراق تستضيفان قوات أمريكية.

لكن رد إيران الحقيقي والمثير للمخاوف جاء بإعلانها التحرر من كل القيود على تخصيب اليورانيوم الواردة بالاتفاق النووي، بما في ذلك القيود المتعلقة بالنسبة المئوية للتخصيب والتخزين والبحث والتطوير، حسبما ذكرت مجلة "ذا ناشونال إنترست" الأمريكية.

اقرأ أيضًا:


وأوضحت المجلة أن إيران أقدمت على هذه الخطوة لتسريع وتيرة برنامجها النووي الذي لم يكبحه الاتفاق النووي كثيرًا، ولأنها أدركت أن ما يتوافر لديها من أسلحة تقليدية لا يكفي لردع الولايات المتحدة أو خصومها الإقليميين.

وصحيح أن ترامب قطع على نفسه عهدًا بمنع إيران من الحصول على سلاح نووي، إلا أنه أظهر بوضوح عدم رغبته في استخدام القوة العسكرية على نطاق واسع ضد إيران، وعرض استئناف التفاوض مع الأخيرة على اتفاق نووي جديد دون شروط مسبقة، بل إنه ألمح إلى إمكانية التعاون مع إيران ضد داعش، وحول "أولويات مشتركة" أخرى.

لكن إيران من جانبها تشعر بأن اغتيال قاسم سليماني قد كشف مدى ضعفها العسكري، ولم تفلح عروض ترامب المغرية في دفعها إلى نسيان الخلل الذي لحق بقدرتها على الردع، بل إن حتى ردها الانتقامي على اغتيال قاسم سليماني لم يسفر عن إصابة أي أمريكي، بالرغم من إشارة تقارير إلى أنها تعمدت تفادي إصابة القوات الأمريكية بشكل مباشر، في سبيل احتواء التصعيد.

وربما يكون هذا الرد الإيراني كافيًا لإشباع رغبة مؤيدي النظام الإيراني ووكلائه للانتقام، لكن طهران تعرف جيدًا أنه لا يكفي بحال لردع خصومها، فالولايات المتحدة قتلت واحدًا من أهم قادتها العسكريين ردًا على مقتل متعاقد أمريكي في قصف سابق للحشد الشعبي الموالي لطهران على قاعدة أمريكية بالعراق وهجوم أتباعه على السفارة الأمريكية ببغداد، وبالمقابل كشف الرد الإيراني افتقارها لقدرات عسكرية فعالة.

ولا تفتقر إيران إلى الوسائل التقليدية الكفيلة بترميم قدرتها على الردع فحسب، بل تفتقر كذلك إلى التمويل اللازم لصيانة ترسانتها العسكرية العتيقة المتهالكة، لا سيما مع الحصار الاقتصادي الذي تفرضه العقوبات الأمريكية عليها، ومن ثم فالوسيلة الأسرع لاستعادة هيبتها المفقودة هي الحصول على سلاح نووي، ذلك الطريق الذي تركه الاتفاق النووي مفتوحًا وممهدًا أمام إيران، بالنص على حقها في تخصيب اليورانيوم وتضمين بند عن أجل محدد ينتهي فيه الاتفاق وتُرفع القيود المفروضة على التخصيب.

ومع ذلك، لا أفق أمام إيران لاستخدام السلاح النووي (إذا ما نجحت في الحصول عليه) ضد خصومها، فأبرز خصومها الإقليميين هي السعودية، التي تضم الحرمين الأكثر قداسة في العالم الإسلامي، وإذا ما حدث ووجهت لها إيران ضربة نووية فستجازف باستعداء العالم الإسلامي كله، كما أن الإشعاع الناتج عن هذه الضربة المفترضة سيضر دولًا مجاورة تحافظ على قدر من العلاقات الودية مع إيران، وستدفعها إلى صف خصومها.

وأشارت "ذا ناشونال إنترست" إلى أن الهدف الحقيقي لسعي إيران للحصول على سلاح نووي هو غرض دعائي بالأساس، فهي وإن كانت لا تنوي استخدامه حقًا فإنها تنوي استغلاله لبناء سمعة الردع وتخويف الخصوم، فلطالما عمدت آلتها الدعائية لنسج أساطير عن كونها دولة انتحارية، ويحتل الاستشهاد والتضحية مكانة مركزية في خطابها السياسي.

وبعبارة أخرى، تخلق إيران إيحاءً بأنها تشكل خطرًا لا يُستهان به بخصوص استخدام السلاح النووي ضد خصومها الإقليميين، في الوقت الذي تطوق هؤلاء الخطوم بميليشيات موالية لها كل ما تستطيع فعله هو شن هجمات محدودة النطاق، وهنا لا يتجاوز دور السلاح النووي التأثير على معنويات الخصوم وإجبارهم على قبول نوع من الهيمنة الإقليمية الإيرانية، دون نية أو قدرة فعلية على استخدامه.