الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

دبلوماسية الملاكمة ومسلسل صفقة القرن


إلى متى يتعاملون معنا بهذه الطريقة المفضوحة؟!، وكأننا في مباراة ملاكمة أبدية، يضربوننا في ليبيا وإثيوبيا وغاز المتوسط والخليج، ليعطونا نوك أوت في فلسطين!.. متصورين إننا سنلقي لهم الفوطة، خاصة إن الأغلبية ولن نقول الكل رمى بالفعل!.. ويترقبوننا...

هذه "المخمضة" التاريخية الجديدة القديمة ،بأهدافها المنوعة ، وأشخاصها المتغيرين، تأخذ منحنا جديدا هذه المرة ، فمن الممكن ألا نكون نحن المستهدفون بشكل مباشر، لكننا عصفور من ضمن عصافير يريدون أن يقعوهم بحجر واحد!

ويجب أن ندرك متغيرات الإقليم الذي نعيشه بشيخ سعودى يصلى ومجموعته أمام معسكر الأوشفيتز النازى ، ترحما على اليهود الذي راحوا فيه، ويروج للفيديو المتحدث الإعلامي لجيش الإحتلال ، محتفيا بإنه ، فالشيخ السعودى لا يتذكر مذابح العصابات الصهيونية ، التى راح فيها مئات الآلاف من المصريين والفلسطينيين واللبنانيين والسوريين، بخلاف إن اللاجئين الفلسطينيين لن يعودوا لوطنهم ولن يعوضوا حتى في الصفقة المرتقبة، فيما يطالب من أسموهم باللاجئين اليهود العرب المطرودون من الدول العربية ، بتعويضات!

ترامب الذي تذكر ما يسمى، بالجزء السياسي لصفقة القرن، فجأة ، فقط يريد أن يحول الأنظار عن محاكمته التاريخية ، التى يصفها بالعملية الحزبية المخزية، وهو أيضا يريد أن ينقذ حليفه وصديقه في تل أبيب ، نتنياهو، والذي يعانى من أزمة مشابهة لترامب، فمن الممكن جدا أن ينتهى تاريخه السياسي الطويل ، الذي تجاوز فيه بن جوريون نفسه ، بسبب ملفات الفساد الأربعة التى وجهت له فيها اتهامات مباشرة وينتظر حصانة برلمانية تحميه ، تمنعه المعارضة من الحصول عليها ، فيما يشبه عزل ترامب، لكنه هو الأقرب وفق أغلب السيناريوهات !

وطبعا هذه نظرة مباشرة على تعقدها، لكنها حاكمة في المشهد ، وتحمل كل زواياه الأخري المتشابكة في كل الملاعب، فمن الممكن ألا تكون المستهدفة صفقة القرن بالفعل، هذه المرة ، بل التمويه على ملفات أخرى منها التعامل غير التقليدى مع النظام الإيرانى، الذي يشكلونه على أهدافهم الجديدة الآن، بعد نهاية مرحلة سليمانى وداعش سوريا ، والتحول من تقسيم سوريا والعراق لإقليم أخر، معلن للجميع إنه ليبيا وغاز المتوسط ، ومن الممكن أن يكون مشهدا آخر !

ترامب يعانى بالفعل ظاهريا، ورغم ذلك مرشح للاستمرار في البيت الأبيض لولاية ثانية، لعدم ترتيب البيت الديمقراطى في مواجهة الجمهورى، وأيضا للمستويات الاقتصادية الناجحة لترامب، وتجاوزه المدرسة البوشية في التعامل مع الشرق الأوسط بما يرضي اللوبيهات الصهيونية، جدا !

تفاصيل خطة "صفقة القرن" المعروفة في الكواليس ، يعلنها ترامب رسميا ، قبل حضور نتنياهو وجانتس الى البيت الأبيض، حيث دعاهما فجأة الثلاثاء ، بعدما كان سيزور زوج إبنته كوشنير القدس المحتلة عقب انتهائه من اجتماعات دافوس، ولكن ألغى الزيارة متعللا بالتقلبات الجوية ، في تبرير مضحك جدا ، ويثير التساؤلات أكثر منه ، يمنعها !.. ويبدو أن نائب ترامب لم يعد مقنعا له ليقوم بمثل هذه المهمة الصعبة. رغم إنه زار تل أبيب خلال الساعات الأخيرة للمشاركة فيما أسموه بمنتدى الهولوكوست العالمى ، وكأن الأجواء الطقسية لم تمنعه ، لكن منعت كوشنير ، رغم أن الفاصل سويعات !

وكما هو متوقع، المستوطنون والفصائل الفلسطينية أكلوا الطعم ، كل على طريقته، فحرق المستوطنون مسجدا واقتحموا الأقصى فجرا، قبل ساعات من مظاهرات دعت لها حماس بعد صلاة الجمعة بالمسجد الأقصى، للتعامل مع مستجدات صفقة القرن.

ورئيس مجالس مستوطنات الضفة الغربية يوسي دجان أعرب عن قلقه من الصفقة الأمريكية، وطالب بفرض ما أسماه بالسيادة الإسرائيلية على كافة مستوطنات الضفة، رغم أن هذا هو المسرب بالفعل ، وكل الساسة الإسرائيليين متفقون عليه دون أى مزايدة من ترامب وفريقه !

وفق الصفقة الأمريكية ، لم يتبق للفلسطينيين أي شيء، سوى أن يتمنوا أن تكون مجرد مناورة انتخابية، فالصفقة لن تحمل أى خير لهم ، مجرد مسخ ديموغرافي سيسمى دولة فلسطينية محدودة ومنزوعة السلاح بسيطرة إسرائيلية تامة على حدودها،  بعد ضم كافة مستوطنات الضفة الغربية لإسرائيل بالإضافة لغور الأردن والقدس طبعا!.. ورغم ذلك يقول الرئيس الأمريكي إنه قد يعارض الفلسطينيون خطة الصفقة في البداية، لكنها جيدة جدا بالنسبة لهم!!!

المفارقة إنه من الممكن أن يكون الجنرال بينى جانتس رئيس تكتل كاحول لاڤان المعارض لليكود، هو المنقذ للفلسطينيين بوصفه العرض كله مناورة لإنقاذ نتنياهو، حيث قال إن البيت الأبيض يتدخل من أجل انقاذ نتنياهو، ومساعدته في الانتخابات، وتأجيل مناقشة الحصانة بالكنيست، ويفكر مع قيادات حزبه خلال الساعات الأخيرة في عدم تلبية دعوة ترامب ، وهناك مؤشرات كبيرة لذلك ، خاصة إنه متفوق على نتنياهو في استطلاعات الرأى ، بحوالى أربعة مقاعد !

وطبعا يهاجمه مسير أعمال رئيس الوزراء نتنياهو ويعتبرها فرصة تاريخية لا يجب إضاعتها، فهى بالطبع فرصة تاريخية له شخصيا، قبل أى أحد ، وهو يعرف أن الكل يدرك ذلك!

إجمالا، الوضع مرشح جدا للتصعيد، خاصة أن الضربات الإسرائيلية مستمرة في العراق ، ويدور الحديث حول تصفية قيادى بارز في حزب الله العراقي، رغم النفى ، والبالونات المتفجرة لاتزال ترسل من غزة، والسيناريوهات المخابراتية الإسرائيلية ترشح الضفة للإنفجار ، فيما الأردن على صفيح ساخن أساسا بعد خروج المظاهرات اعتراضا على ضخ الغاز الإسرائيلى، ولبنان تملأها الفوضي ، وإيران لاتزال تنتظر الفرصة لإنتقام جديد من تصفية سليمانى بعد فضح أمرها رغم انشغالها في أزمة الطائرة الأوكرانية ، بالتالى المشهد كله مؤهل لانفجار كبير، فهل هذا ما يريده ترامب ونتنياهو لإنقاذ نفسيهما وأمور أخرى, وهل تفطن الأطراف الفلسطينية وغيرها من قوى المنطقة لذلك أم لا ، أم كل هذا تمويه على حدث آخر؟!

حلقة جديدة من مسلسل كوارث ٢٠٢٠ ، التى أتصور أنها ستتنوع وتستمر ، فيجب أن نكون متيقظين لها!
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط