«نتردد كثيرًا على المقاهي، لكننا كنا نعاني بشدة من عدم فهم أصحاب المقاهي ما نريده من طلبات،بخلاف نظرات الاستعطاف أو السخرية التي كنا نجدها من البعض» هذه الكلمات كانت الدافع الأكبر وراء قرار مصطفى خيرت ومحمد مساعد، لعمل أول مقهي مخصص للصم بقنا.
مصطفى ومحمد، من بين مجموعة صم بقنا، يترددون كثيرًا على المقاهي، لمناقشة أمورهم في صمت، بعيدًا عن تدخلات المتطفلين، لكنهم لم يسلموا من نظرات تشعرهم بعدم الارتياح، ما يجعلهم بين الحين والآخر يغيرون مكان المقهى التي يقصدونها.
وبجوار نهر النيل، وفي مكان يتميز بالهدوء والبعد عن ضجيج المدينة وازدحامها، اختار الصديقان، مكان هادئ بمدخل مدينة قنا، ليكون مقرًا لمشروعهم الجديد، الذي اكتمل بعد فترة طويلة من الإجراءات.
المقهى الذي تم افتتاحه في شهر ديسمبر من العام الماضي، أصبح مقصدًا للصم من كافة المناطق بالمحافظة بقراها ونجوعها المختلفة، وتحول إلى ملتقى يجمعهم يتداولون خلال جلساته آخر المستجدات التي تعنيهم.
المقهى لا يحمل لافتته أو علامة ، ويفتح أبوابه للجميع صمًا أو آخرين، فالأصحاء مرحب بهم في المقهى، لكن شريطة الإلتزام بالقواعد التي تحكم المقهى الذي يتميز بطبيعة خاصة.
المظهر الخارجي لا يحمل أي ملامح مختلفة تدل على أنه مخصص لفئة بعينها، لكن مع أول تعامل تظهر حقيقة المقهى المترددين عليه، بعضهم يقابل الأمر بهدوء ويحاول التعامل من خلال المنيو المعد للطلبات وآخرون تأخذهم الدهشة كون المقهي الأول من نوعه بمحافظة قنا.
وقال مصطفى خيرت " صاحب المقهى" الصم يمثلون نسبة لا بأس بها بمحافظة قنا، مثلهم مثل أي فئة أخرى لهم تقاليدهم وأمورهم الخاصة التي يتناقشون فيها، لذلك كنا نجلس على أي مقهى لكن نأخذ ركن خاص بنا، وأحيانا كنا نجتمع في جمعية المستقبل للصم والبكم، وهو ما كان يمثل معاناة لنا في بعض الأحيان، ففكرت مع شريكي محمد مساعد، في عمل مقهى خاص بنا، وفي نفس الوقت يوفر لنا ما نحتاجه من أموال للانفاق على أنفسنا وأسرنا.
وأشار حاتم عبدالله "خبير لغة الإشارة"، إلى أن المقهى لايقل أهمية عن أي مقهى آخر في الإمكانيات وتلبية احتياجات المترددين عليه، بل يبذل القائمين عليه مجهود أكبر لإثبات قدراتهم على إدارة المكان باحترافية، و أنهم لا يقلون كفاءة و مهارة عن غيرهم من الأصحاء.
اقـرأ أيضًا..
سفن الحملة الفرنسية الغارقة في نيل قنا.. أبناء البارود يطالبون بإخراجها: شاهدنا بقايا منها تحت الماء