الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

كورونا: منعطف عالمي خطر



ما یشھده العالم في ظل تسارع وتیرة انتشار فیروس "كورونا" یمثل منعطفًا نوعیًا خطرًا، وتحد صعب 
للبشریة جمعاء، لاسیما بعد إعلان منظمة الصحة العالمیة أن الفیروس بات "وباء عالمي"، ما یعني أن 
تطبیق ھذه الاجراءات بالدقة والفاعلیة اللازمین. انتشاره في الدول كافة بات مسألة وقت ویتوقف على صرامة الاجراءات الوقائیة وكذلك جدیة السلطات في 
اعلان منظمة الصحة العالمیة بحد ذاتھ یشیر إلى أن التوقعات القائلة بامكانیة السیطرة على انتشار الفیروس 
في مناطق جغرافیة محدودة باتت منتھیة، وأن انتقالھ ـ بحسب الاحصاءات الرسمیة ـ إلى أكثر من مائة دولة 
یعني بالتبعیة تحولھ إلى وباء عالمي، ولكن ثمة بٌعد حیوي في ھذا الاعلان یتعلق بالفصل بین عالمیة الوباء 
من ناحیة وخطورتھ من ناحیة ثانیة، فالانتشار الجغرافي لا یعني بالضرورة أن خطورة الوباء تساوي حجم 
انتشاره الجغرافي الھائل.
الحقیقة أنني قرأت الكثیر مما كتب من آراء حول تعامل الدول مع ھذا الوباء، واستغربت كثیرًا من تبني 
بعضًا من المحسوبین على الخبراء والمتخصصین في مجالات مختلفة، فكرة كارثیة تقول بأن التعتیم على 
أخبار تفشي الوباء تناسب دولھم وتتماشى مع ثقافة شعوبھم تفادیًا للھلع والخوف، وھي فكرة خاطئة تمامًا بل 
وتتنافي مع المعاییر والبروتوكولات الصحة العالمیة، وتضر بالدول نفسھا قبل أن تضر غیرھا من الدول 
والشعوب، ولذا أجد لزامًا التعبیر عن التقدیر والاحترام لما اتخذتھ بعض دول مجلس التعاون، وفي مقدمتھا 
الامارات والمملكة العربیة السعودیة الشقیقة، من إجراءات استباقیة وقائیة جادة للحفاظ على سلامة السكان 
والمقیمین فیھا، حیث اثبتت الدولتان أن ھناك تطورًا ھائلًا في استراتیجیات إدارة الأزمات وأن العلم بات لھ 
الكلمة العلیا في صناعة السیاسات واتخاذ القرارات الاستراتیجیة؛ ففي مثل ھذه الحالات التعتیم ھو الخیار 
الأسوأ للأسف الشدید، فالأمر في مثل ھذه الحالات لا یتعلق بالسیادة أو الھیبة الوطنیة، فالخطر بات یھدد 
الدول جمیعھا، كبیرھا وصغیرھا، وقد رأینا كیف تسبب التعتیم في تفشي فیروس "كورونا" في المدن 
الایرانیة، بسبب إصرار السلطات على اتباع سیاسة انكار والاستغراق في نظریة المؤامرة، والتركیز على 
اتھام "دول معادیة" بالاساءة إلى الملالي، ومحاولة توظیف الأمر سیاسیا و استغلال تفشي الوباء في 
الترویج للادعاءات التي تربط بینھ وبین العقوبات الأمریكیة وعدم حصول إیران على الأدویة! 
القاسم المشترك بین معظم حالات تفشي فیروس كوروناـ بحسب الخبراء المتخصصین ـ ھو الاستھتار 
والمماطلة والانكار والجھل وضعف المؤسسات الصحیة والتسویف وتأجیل التعامل مع مصدر الخطر، ولذا 
فإن التكتم بات یمثل مجازفة بتحول الفیروس إلى وباء قاتل داخل أي دولة، ولا یجب أن ننسى ھنا أن 
منظمة الصحة العالمیة قد حذرت من وجود عدد من الدول ـ لم تسمھا ـ التي تمارس التعتیم، وأن زیادة 
الاصابات بفیروس "كورونا" خلال الأسبوعین الماضیین قد زاد عالمیًا بمقدار 13 ضعفًا عن الصین نقطة 
الاصابات في دول العالم المختلفة. الانتشار الأساسیة للفیروس، ما یعني تراجع أو انحسار في معدلات الاصابة بین الصینیین مقابل ارتفاع 
ولاشك ان انتشار الفیروس في ایطالیا وبعض دول أوروبا الأخرى قد أبطل مفعول نظریة المؤامرة وحد 
من انتشارھا بعد أن أخذت اھتمامًا لیس قلیلًا في مناطق شتى من العالم، حیث ادى تفشي الفیروس في 
ایطالیا إلى غلق المدن وفرض حجر صحي على نحو 60 ملیون نسمة، ما أكد للجمیع أن العالم بصدد خطر 
صحي حقیقي یتجاوز فكرة المؤامرة والصراع على الھیمنة والنفوذ في القرن الحادي والعشرین، كما ردد 
البعض في بدایات الأزمة حیث روجت سیناریوھات لا علاقة لھا بواقع الأزمة ولا تطوراتھا!
الحقیقة أن التداعیات العالمیة المتزایدة لانتشار فیروس كورونا تستوجب من الدول كافة توخي أقصى 
درجات الصرامة في تبني الاجراءات الطارئة التي تطالب بھا منظمة الصحة العالمیة، واتباع اقصى درجات الشفافیة والمكاشفة في التعامل مع الاصابات، ما یسھم في الاسراع باحتواء الخطر والسیطرة علیھ، 
لاسیما أن ھناك عدد من الدول قد أظھرت ان بالامكان قمع الفیروس والسیطرة علیھ كما تؤكد منظمة 
الصحة العالمیة.
المستشارة الالمانیة تحذر من احتمالیة اصابة نحو %70 من سكان البلاد ـ نحو 58 ملیون شخص ـ المسألة ھنا تتعلق بحمایة مواطني العالم ولیس بشعب دون آخر، والأمر جد خطیر وقد رأینا كیف أن 
ھناك علاج معروف ومن ثم فالرھان ینصب على كسب الوقت. بفیروس كورونا، وأشارت إلى أن الأمر یتعلق بابطاء انتشار الفیروس ولیس بانھاء خطره تمامًا لأنھ لیس 
قناعتي أن العالم قد تحول خلال الأسبوعین الماضیین إلى التعامل بشكل أكثر جدیة مع تھدید كورونا لاسیما 
بعد التفشي في بعض دول أوروبا، وھذا الأمر قد ینتج روابط تعاون دولیة قویة في مواجھة الخطر ولكن لا 
في حال تفشي الفیروس في دول آسیویة وافریقیة ذات تعدد سكاني كبیر وامكانیات مادیة وصحیة محدودة. یزال الأمر في ھذا الصدد غیر واضح، ولا تزال كثیر من التساؤلات مطروحة حول سیناریوھات الخطر.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط