الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

رغم برامجكم وإعلاناتكم.. اللهم إنى صائم


غالبا ما يحضر رمضان الكريم ومعه التركيز المتزايد على حضور المرأة بموسم الإعلانات والدراما الأكبر طوال العام، ويكون اهتمام لجان التقييم منصبا على المحتوى وكأنه أشد من ساعات الطاعة الاستثنائية، رغم أن تقاريرها قد تخرج مهترئة لا معنى لها.

جرعة إعلانات رمضان هذا العام يثير بعضها شجاعتك للاعتراف برؤية راقية لواضعي محتواها ومختارى مضمونها، ومباشرة؛ ‏‎أجد إعلان ‎صيدليات شهيرة "متكلف على الآخر"؛ به حقنة تفاؤل "تخلى العيان يخف من غير أدوية"؛ حتى أننى اعتزلت الاسبرين والاسبوسيد وأدوية القولون بداية رمضان مع عينته.

‏شركة حديد كبرى؛ ربما استغلت انشغال ‎رجل أعمال صاحب شركة منافسة بالزواج من فنانة شابة، وقامت بإنتاج إعلان ترويجي يجعلنا مع شعارات الوطنية المترددة على مسامعنا خلاله؛ نرفع الأكف بالدعوات أن يعيد الله لنا "الدخيلة" وأن تشتعل نار الإنتاج مجددا بشركة الحديد والصلب ولو كان الترويج لإنتاجها عبر إعلانات بـ"البويا" على جدران بيوتنا.

أغنية "ابن الجيران" لإعلان شركة الفانلات والسليبات القطنية؛ بمشاهدها وتخاريفها تمثل مرحلة "بجحة" جدا من التحرش اللفظى والمرئي العلني؛ بالرجل الصامت المنكسر طبعا، دون انتظار صوت نسوي يطنطن هنا أو هناك أو تصدر لجنة تقييم بعيدة عن "الأعلى للإعلام" بيانا بشأنها، ربما وجدت صاحبات فكر نسوي فى الغنوة ردا مناسبا على "بنت الجيران" التى عبر مطربها عن ثباته حال غيابها رغم تعاطي "الخمور والحشيش" ولو مؤقتا فى "كوبليه" جرى تعديله بمشاركة فى حفل ما.

"أنت استثنائي.. أنت النسخة الأصلية"، شعار حملة بنك؛ وعنوان رائع لأغنيتها؛ بمضمونها الحيوي الذي يمنح متلقى رسالتها جرعة ثقة فى زمن الإحباط الكوروني، تجعلك تحلم بعودة العم طلعت حرب ومعه عزيز صدقي أيضا، وكأنها عادة رمضانية أن تأتى حملة إعلانية لهذا البنك الوطني ببشارة نترقبها مع حالة مصرية متجددة.

برامجيا.. رامز جلال بدأ وكأنه مجنون رسمي نظمي فهمي فعلا مع أولى حلقاته هذا العام؛ حينما تحدى مجتمعا نسويا بطبعه وتشريعاته؛ وفعل ما فعل بالفنانة غادة عادل؛ وقال ما قال من ألفاظ عن مجتمع المطلقات والمرأة المعيلة والسينجل ماذر وتنظيم الأسرة... إلخ، حتى إننى توقعت صدور إدانات من حملة "تمرد ضد قانون الأسرة" ذاتها ضد ما فعل بالممثلة الشابة؛ وهى الحملة المعروفة بمواقفها المناهضة لأفكار كيانات نسوية تستبعد الرجال وشرائح نسائية متعددة من مشروع الأسرة وبنية المجتمع العائلي كله.

"إغلب السقا"؛ أو متغلبهوش؛ فكرة خفيفة الظل ثقيلة التطبيق حرفيا مع مسابقات وجمهور ونجوم وإنتاج ومسرح وإنفاق يفقدها مدلولها؛ فى توقيت حرج اقتصاديا لشرائح مجتمعية واسعة.

ذوات الاتهامات المتشابهة بخدش "....." والتحريض على "....." إلخ؛ أثرن اهتمامات صناع الهاشتاج وكأن القبض عليهن فى توقيت متزامن مع شهر رمضان الكريم انتصار للحالة الإيمانية المتعاظمة افتراضا خلاله، ولا يضاهى هذا الشعور سوى تعبيرات شاردة بالاستياء لغلق دور العبادة كمكان للتجمعات؛ متجاهلة إغلاق منابر العلم ودور السينما والمسرح وأندية الرياضة والمقاهى وغيرها شملتها القرارات الحكومية تحقيقا للهدف ذاته؛ وهو "منع التجمعات" كإجراء احترازي لمواجهة جائحة كورونا، لكن أراد البعض تصويرها حربا ضد العقيدة وهم ليسوا بأنصارها بالضرورة.

أفهم أن التقييم المثالي لبرامج ودراما وإعلانات رمضان يباشره المشاهد بنفسه، بلا لجان أو سلطات توجه هواه ومزاجه وتحدد إقباله أو امتناعه عن شيء، وأعتقد أن أزمة كورونا تدفعنا للاعتراف بأزمة الوعى التى نبدأ فعليا الآن تجاوز الاعتراف بها نحو التعامل معها وتخطيها.

ولا أفهم معنى لهذا الصخب الموسمي المصاحب للشهر الكريم وبه جمهور مضاعف للعمل الخيري دون إعلانات وبشر أكثر للتعبد دون مظاهر، ومعهم متفرغون كثر لروافد ثقافية أكثر تعددية، لكنني متأكد أن هؤلاء وأولئك لن يعدلوا إرادة من قالها وانتوى؛ "اللهم إنى صائم".
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط