قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
عاجل
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

د. علي عبدالحكيم الطحاوي يكتب: كيف يحدث السلام في الشرق الأوسط ؟

د. علي عبدالحكيم الطحاوي
د. علي عبدالحكيم الطحاوي

منطقة الشرق الأوسط تتشابك فيها المصالح وتتعقد فيها الملفات السياسية والأمنية والاقتصادية، ولذلك ظلت عبر عقود منطقة للتوتر العالمي ومسرحًا لصراعات إقليمية ودولية متداخلة . 

وأرى ما يحدث من تصعيد الاحتلال الإسرائيلي في المنطقة وممارساته في الشرق الأوسط وفي حق الشعب الفلسطيني من استيطان وتهجير وحصار وانتهاكات يومية بحق المدنيين، يبدو الحديث عن السلام للبعض كأنه حلم بعيد المنال .
لذلك يجب أن أوضح لكم أن التجارب التاريخية تؤكد أن أشد لحظات الصراع تصعيدًا هي التي تدفع في النهاية إلى البحث عن حلول جذرية عندما تصل الأطراف إلى قناعة بأن تكلفة استمرار النزاع أصبحت أكبر من كلفة السلام .

من هنا أقول أن السلام في الشرق الأوسط لا يمكن أن يتحقق بمجرد اتفاقيات شكلية أو تفاهمات مرحلية، بل يحتاج إلى معالجة أصل المشكلة المتمثل في الاحتلال لأنه العامل الرئيسي وراء غياب الاستقرار في المنطقة وأي تسوية تتجاهل حقوق الشعب الفلسطيني أو تسعى لتجاوزها بحلول سواء اقتصادية او إنسانية مؤقتة ستظل هشة وقابلة للانفجار في أي لحظة .

لذلك يجب أن يصبح الاعتراف بالحقوق التاريخية والسياسية للشعب الفلسطيني وفي مقدمتها حقه في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، الأساس الذي لا غنى عنه لأي عملية سلام حقيقية .

ومن خضم هذا المشهد المضطرب نجد الدور المصري كعنصر محوري في معادلة السلام فمنذ توقيع اتفاقية كامب ديفيد عام 1978 م أثبتت مصر أنها طرف مسؤول وقادر على التوفيق بين منطق السلام العادل ومتطلبات الأمن القومي العربي . 
لذلك يجب معرفة التاريخ لمصر وأيضًا منذ تولي الرئيس عبدالفتاح السيسي قيادة مصر حتي اليوم وتأكد القاهرة مكانتها كوسيط إقليمي رئيسي وتدير اتصالاتها مع جميع الأطراف بقدر عالٍ من الحكمة والواقعية .

الرئيس السيسي يدرك أن القضية الفلسطينية ليست مجرد ملف سياسي، بل هي مسألة أمن قومي عربي، وأي تجاهل لها لن يؤدي إلا إلى استمرار دوامة العنف والتطرف وعدم الاستقرار ولذلك تحركت مصر في كل جولات التصعيد الأخيرة سواء في غزة أو غيرها ، لتكون الضامن لوقف إطلاق النار والمسهل لإدخال المساعدات الإنسانية، والداعم لجهود إعادة الإعمار ،وهذه الأدوار لم تقم بها القاهرة باعتبارها طرفًا خارجيًا بل باعتبارها صاحبة مصلحة مباشرة في استقرار المنطقة وصون أمنها القومي .

لذا تتجلى رؤية القيادة المصرية في أن السلام الحقيقي لا يمكن أن يكون مجرد هدنة عسكرية أو تهدئة أمنية بل هو مشروع شامل يقوم على العدالة والتنمية معًا . 
فمصر تطرح دائمًا أن الحل السياسي يجب أن يتكامل مع الدعم الإنساني ودعم الاقتصاد وإعادة إعمار المناطق المتضررة بما يمنح الشعوب الأمل ويقطع الطريق على استغلال الفقر واليأس في تغذية التطرف . 
ولهذا فإن مبادرات الرئيس السيسي لا تقتصر على المفاوضات السياسية وإنما تشمل الدعوة إلى تنمية شاملة تجعل من السلام خيارًا مستدامًا وليس مجرد ضرورة مؤقتة .

ويجب معرفة أن الدور المصري في معادلة السلام يحظى بقبول دولي واسع لأن العالم يدرك أن القاهرة هي الدولة الوحيدة القادرة على التواصل مع جميع الأطراف بحكم موقعها الجغرافي وثقلها السياسي وعلاقاتها التاريخية .

ومن هنا فإن جهود الرئيس السيسي تتكامل مع التحركات الدولية لكنها تمتاز بكونها واقعية وتستند إلى خبرة طويلة في التعامل مع القضية الفلسطينية وسائر الملفات الإقليمية .
وأرى أن السلام في الشرق الأوسط يحتاج إلى عدة عناصر متوازية:
* اتحاد الدول العربية الإسلامية 
* إرادة سياسية حقيقية لدى الأطراف المنخرطة في النزاع للاعتراف بالحقوق الأساسية للشعوب .
* ضغوط دولية رادعة على الاحتلال لوقف الاستيطان والانتهاكات وفرض التزامات واضحة .
* دور إقليمي محوري تتصدره مصر بدعم عربي وإسلامي جماعي يعزز من فرص التوصل لتسوية عادلة .
* ربط مسار السلام بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية، لضمان استقرار طويل المدى .

وأرى المطلوب من الدول العربية :

* إنشاء تحالف عسكري إقليمي بقيادة مصر لتعزيز الدفاع المشترك ومكافحة التهديدات الأمنية .
* تعزيز دور جامعة الدول العربية لتكون أكثر فعالية في صنع القرار وتنفيذ السياسات المشتركة وفرض مقترحاتها واتفقياتها وتأثيرها عالميا والعمل على حق الشعب الفلسطيني . 

لتنفيذ هذه المراحل يتطلب إرادة سياسية قوية ، وتعاوناً إقليمياً ، وجهوداً مشتركة للتغلب على المشاكل التاريخية وتحقيق التكامل العربي الإقليمي في الوطن العربي وشمال إفريقيا للحفاظ على مكانة الدول العربية عالميا .

ومن تاريخ مصر الماضي والحاضر بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي قادرة ان تقدم نموذجًا عمليًا في كيفية تحويل الأزمات إلى فرص لبناء مسار جديد يوازن بين الاعتبارات الإنسانية والسياسية والأمنية .

وذلك رغم صعوبة الظروف فإن الإصرار المصري على أن لا سلام حقيقي إلا بالعدالة يعيد صياغة معادلة السلام في الشرق الأوسط على أسس أكثر صلابة .
فالسلام ليس خيارًا مستحيلًا بل هو الطريق الوحيد لضمان مستقبل آمن للمنطقة بأسرها وإذا كان الاحتلال هو سبب التصعيد وعدم الاستقرار، فإن العدالة والاعتراف بالحقوق، والتحرك الإقليمي والدولي المنسق واتحاد الدول العربية هو الطريق الذي يمكن أن يقود إلى سلام دائم .

وفي قلب هذه الجهود ستظل مصر بما تحمله من مسؤولية تاريخية ودور قيادي، حجر الزاوية الذي لا غنى عنه لبناء شرق أوسط أكثر استقرارًا وأملاً .