في لفتة وفاء غير مسبوقة في تاريخ وزارة الخارجية، وبمبادرة كريمة من معالي الدكتور بدر عبد العاطي، وزير الخارجية، نظّمت الوزارة يوم 10 ديسمبر 2025 احتفالية وطنية بقصر التحرير لتكريم نخبة رفيعة من رموز الدبلوماسية المصرية الذين كرّسوا حياتهم لخدمة الوطن وأسهموا بعلمهم وخبرتهم في ترسيخ مكانة مصر الإقليمية والدولية وتعزيز دورها المحوري في محيطها العربي والأفريقي والدولي.
جاء التكريم تقديرًا لمسيرة طويلة من العطاء الدبلوماسي، شملت وزراء وقامات بارزة شكّلوا أعمدة السياسة الخارجية المصرية للدولة المصرية، وفي مقدمتهم:
محمود فوزي
يُعد محمود فوزي مؤسس الدبلوماسية المصرية الحديثة وأول وزير خارجية في العهد الناصري، وقد تميّز بحنكة سياسية فائقة وحضور دولي مؤثر، أسهم من خلاله في ترسيخ شخصية مصر الدبلوماسية وبناء تقاليد مهنية راسخة ما زالت تشكّل مرجعًا للعمل الخارجي حتى اليوم.
محمود رياض
مثّل محمود رياض أحد أعمدة الدبلوماسية المصرية وصانعًا رئيسيًا للعمل العربي المشترك، حيث اضطلع بدور محوري في تعزيز التضامن العربي وترسيخ العمل المؤسسي في مرحلة بالغة الدقة من التاريخ العربي.
محمد مراد غالب
كان الدكتور محمد مراد غالب مهندس العلاقات المصرية–السوفيتية وقناة الاتصال الأساسية بين الرئيس جمال عبد الناصر والقيادة السوفيتية، وأدار بمهارة واحدة من أكثر العلاقات الدولية تعقيدًا وحساسية خلال حقبة الحرب الباردة.
محمد حسن الزيات
اضطلع الدكتور محمد حسن الزيات بدور محوري في الإعداد الدبلوماسي والسياسي لنصر أكتوبر، حيث أسهم في تأمين الغطاء الدولي للقرار العسكري المصري والحفاظ على سرية الخطط الاستراتيجية في مواجهة القوى الكبرى.
إسماعيل فهمي
جسّد إسماعيل فهمي نموذج الدبلوماسي المتزن الذي قدّم المصلحة الوطنية على أي اعتبار، مفاوض قوي وعُرف بصلابته المهنية وحكمته السياسية خلال حرب أكتوبر.
محمد إبراهيم كامل
عُرف محمد إبراهيم كامل بالنزاهة والتمسك الصارم بالمبادئ، ورغم قصر فترة توليه وزارة الخارجية، ترك أثرًا سياسيًا عميقًا بموقفه الرافض لاتفاقية كامب ديفيد، إلى جانب تاريخه النضالي ضد الاحتلال البريطاني.
مصطفى خليل
يُعد الدكتور مصطفى خليل رجل دولة بارزًا شغل منصب رئيس الوزراء ووزير الخارجية لفترة وجيزة، وكان أحد مهندسي المفاوضات التي أفضت إلى توقيع اتفاقية السلام المصرية–الإسرائيلية، مؤديًا دورًا مهمًا في مرحلة مفصلية من تاريخ مصر.
كمال حسن علي
جمع كمال حسن علي بين الخبرة العسكرية الرفيعة والعمل الدبلوماسي، وبرز كنموذج فريد للتكامل بين الشجاعة العسكرية ورجاحة الفكر السياسي، وتميّز أداؤه بالانضباط والقدرة على بناء الثقة مع القوى الدولية.
عصمت عبد المجيد
تميّز الدكتور عصمت عبد المجيد بنهجه الهادئ والمتزن في إدارة الملفات العربية والدولية، حيث شغل منصب وزير الخارجية ثم الأمين العام لجامعة الدول العربية، وأسهم بحكمته في التعامل مع قضايا إقليمية بالغة التعقيد.
بطرس بطرس غالي
ترك الدكتور بطرس بطرس غالي بصمة مصرية خالدة على الساحة الدولية، حيث مثّل نموذجًا للدبلوماسي العالمي، وأسهم في تعزيز الحضور المصري داخل المنظمات الدولية من خلال فكره العميق وخبرته الواسعة.
أحمد ماهر
كان أحمد ماهر من أبرز الدبلوماسيين المصريين المعاصرين، وتولى وزارة الخارجية بين عامي 2001 و2004، بعد مسيرة طويلة شغل خلالها مناصب رفيعة، وأسهم بخبرته في إدارة علاقات مصر الدولية في مرحلة دقيقة.
نبيل العربي
جسّد الدكتور نبيل العربي صوت القانون الدولي والدبلوماسية الهادئة، حيث شغل منصب وزير الخارجية والأمين العام لجامعة الدول العربية، وعُرف بدفاعه الصلب عن الحقوق العربية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.
أسامة الباز
يُعد الدكتور أسامة الباز أحد العقول الاستراتيجية البارزة في الدبلوماسية المصرية، وأسهم بفكره العميق وخبرته الطويلة في دعم عملية صنع القرار السياسي وخدمة المصلحة الوطنية العليا.
وشهدت الاحتفالية حضورًا رفيع المستوى من كبار المسؤولين ووزراء الخارجية السابقين والشخصيات العامة، إلى جانب أسر المكرّمين، في مشهد عكس عمق التقدير والعرفان لعطائهم الوطني. وأكد وزير الخارجية في كلمته أن هذا التكريم يجسّد اعتزاز الدولة بإرث هؤلاء الرواد، ويشكّل مدرسة مهنية وإنسانية تهتدي بها الأجيال المقبلة، مشددًا على التزام الوزارة بمواصلة البناء على هذا الإرث الراسخ في خدمة الأمن القومي والمصالح العليا للدولة.
واختُتمت الفعالية بعروض توثيقية لمسيرات المكرّمين، وتكريم أسرهم، وافتتاح متحف يضم مقتنياتهم، تأكيدًا على أن هذا الاحتفاء ليس استذكارًا للماضي فحسب، بل تجديدٌ للعهد على مواصلة المسيرة بذات الإخلاص والانضباط والوفاء لمصر.
د. منال إمام تكتب: رموز غابت عن سمائنا لكنها خالدة في وجدان الزمان