قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

د. أحمد محمد شبل تكتب: رمضان والإصلاح بين الناس


مع قدوم شهر رمضان المبارك تكثر خصال الخير وتَعُمُّ، حيث ينادي فيه المنادي: ياباغيَ الخير أقبل وياباغيَ الشر أقصر، ومن أهم خصال الخير يُنَادى بهافي هذا الشهر الكريم والتي ينبغي أن يتمسك بها الصائمون السعي في الإصلاح بين الناس، فرمضان فرصة عظيمة لصفاء النفوس، ونقاء القلوب، والعفو فيه من أهم ما يميزه، فينبغي استغلال هذه الفرصة وعدم تفويتها،فالإصلاح بين الناس لا شك أنه من أعظم العبادات التي يتقرب بها المسلم إلى الله تعالى؛ وذلك لأنها عبادة يتعدى نفعها إلى الغير وكلما كان العمل نفعه يتدعى إلى الغير كان ثوابه أعظم، ولما يترتب عليها من صيانة البيوت من الخراب، ونبذ الكراهية، وإزالة الحقد والبغضاء التي من شأنها أن تهدد أمن المجتمع وسلامته، وقد حذَر النبي صلى الله عليه وسلم من وقوع ذلك فقال كما في "مسند أحمد": «دَبَّ إِلَيْكُمْ دَاءُ الْأُمَمِ: الْحَسَدُ، وَالْبَغْضَاءُ وَهِيَ الْحَالِقَةُ، لَا أَقُولُ: تَحْلِقُ الشَّعَرَ، وَلَكِنَّهَا تَحْلِقُ الدِّينَ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَا تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أَفَلَا أُخْبِرُكُمْ بِشَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ، أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ»، ولذلك جعل الله تعالى الإصلاح بين الناس من أفضل الأعمال؛ فقال تعالى كما في سورة النساء: "لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا"، وقد فَضَّل النبي صلى الله عليه وسلم الإصلاح على كثير من العبادات المستحبة كالصدقة وصيام النافلة فقال كما في "سنن أبي داود": «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَفْضَلَ مِنْ دَرَجَةِ الصَّلَاةِ، وَالصِّيَامِ، وَالصَّدَقَةِ؟» قَالُوا: بَلَى قَالَ: " إِصْلَاحُ ذَاتِ الْبَيْنِ قَالَ: وَفَسَادُ ذَاتِ الْبَيْنِ هِيَ الْحَالِقَةُ "، والإصلاح بين الناس وظيفة الأنبياء والمرسلين كما قال تعالى في سورة هود: "إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ".

القارئ الكريم، اعلم أن الله تعالى أمرنا أن نبادر بالإصلاح بين الناس وألا ندع الخصام بابًايدخل منه الشيطان للإفساد بين الناس والوقيعة بينهم، فقد قال تعالى: "إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ"، وتذكر دومًا أيها المصلح أن الصلح مهما كانت صعوبته على النفس إلا أن فيه الخير لكل الأطرافمهما كانت عواقبه؛ قال تعالى في سورة النساء: "وَالصُّلْحُ خَيْرٌ"، وقال أيضًا: "وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا"، ولك أن تعلم عزيزي القارئ أنه لأهمية الإصلاح بين الناس رخص الشرع الحنيف في أن يكذب الساعيفي الصلح -إذا لزم الأمر- وذلك لإزالة الوحشة، وعودة المحبة والألفة بين المتخاصمين، ففي الحديث الذي رواه البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لَيْسَ الْكَذَّابُ الَّذِي يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ، فَيَنْمِي خَيْرًا أَوْ يَقُولُ خَيْرًا"، فاستعن بالله ولا تعجز.

هذا وينبغيعلى من يتولى الإصلاح بين الناس أن يكون عادلا، وألا يميل عن الحق أبدا لأي سبب من الأسباب فإن الله تعالى نهانا عن ذلك حتى مع أعدائنا؛فقال تعالى في سورة المائدة: "يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى"، وينبغي على المصلح أن يحرص على آداء الحقوق لأهلها وألا يبخس أحدا حقه كما قال تعالى في سورة النساء: "إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ"، وكذلك ينبغي لمن أراد الإصلاح بين الناس وسعى فيه أن يُخْلِص نيته وأن تكون عنده إرادة حقيقية للصلح فإنه إذا توفرت عندههذه الإرادة الصادقة للإصلاح وفَقَهُ الله تعالى وأجرى الخير على يديه كما قال تعالى في سورة النساء: "إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا".

اللهم أصلح ذات بيننا وألِّف بين قلوبنا.