قيمته تكمن بين معركة الحق والباطل الخير والشر الوعى واللاوعى أثبت مسلسل الاختيار عدم صحة مقولة"الجمهور عايز كده" فهناك نظرية فى الإعلام تسمى "نظرية الغرس الثقافى" وهى تقوم على المتلقى "المشاهد" للرسائل الإعلامية بصورة مكثفة فتعمل على تشكيل الوعى والمعنى والوجدان لدى المشاهد وإبراز الحقائق للجمهور وهذه نظرية من النظريات المتعلقة بالقائم بالاتصال.
وهناك نظريات فى الإعلام معنية بنوع التأثير وحجمة على المتلقى وهما نوعان نوع به تأثير مباشر وهذا يكون "قصير المدى" ونوع أخر تراكمى وهو"طويل المدى".
وأعتقد أن القائمين على الصناعة تداركوا مدى أهمية هذان النوعان خاصة النوع الأخير "التأثير التراكمى" وهذا يقوم على تكرار الرسالة الإعلامية لتتراكم داخل المشاهد وتكون صورة ذهنية ويستجيب للرسائل الإعلامية وهذا ما فعله "فيلم الممر" والأن مسلسل "الإختيار" وهذا موضوع مقالى اليوم .
فى مقدمة مقالى أشكر شركة "سينرجى" على الدور الوطنى التى تقوم به فى معركة الوعى التى نعيشها الأن وعلى عدم بخلها كشركة إنتاج فى إظهار العمل بهذا الإبهار وهذه الجودة والإمكانيات وعلى إختيار فريق العمل وعلى رأسهم المخرج الشاب د.بيتر ميمى الذى أدار الملحمة الفنية بهذا الإبداع وأثبت أنه ليس مخرج وليد الصدفة وإنما وليد إبداعه ونتاج جهد ومذاكرة وشغل على النفس شكرا د.بيتر على هذه الصورة المتكاملة للعمل الذى جعل الجميع من الأسر المصرية والعربية يلتفون حول الشاشة الصغيرة مرة أخرى على عمل وطنى يزرع فينا الإنتماء ويغرس ثقافة الوحدة والفخر بأبطال جيشنا العظيم ويبث فى النفس عشق هذا البلد ويرسخ عند أجيال جديدة معانى جديدة للإنتماء والتضحية
مزجت مع المشاهد الدرامية مشاهد حقيقية وهذا كان له الأثر الإيجابى على المشاهد فإستشهادك بصور وفيديوهات حقيقية أعطى العمل ختم الصدق فى رؤية صناع العمل .
وأيضا الشكر لصاحب الملحمه وراسم خطوط الدراما وخريطة الإنتماء فى عروقنا كاتب السيناريو "باهر دويدار" والذى كان دوره لا يقل بطولة عن أبطال هذا الوطن لأنه عايش وجسد هؤلاء وتوغل فى قصصهم وجلس مع ذويهم وإستخلص خطوط عرضية رسم بها لوحة من ألف لون ولون لتكتمل الصورة الذهنية عند المشاهد ويجعلنا عند إستشهاد أى بطل من أبطال جيشنا نستدعى هذه الصور الذهنية التى رسمت فى الوجدان
وجعلنا نتعايش مع الواقع فهذه محاكاة للواقع الأليم الذى يعيشة أبطالنا فى سيناء .
بدأت مقالى بهؤلاء لأنهم خطوط الدفاع الأمامية لهذا العمل .
ونأتى لمن توحدنا مع شخصياتهم فى هذا العمل وعذرا لمن لم أستشهد بإسمه فجميعكم فخر لهذا البلد وتجسيدكم لهذه الأدوار لهو نصر للدراما المصرية وشرف لكل فنان مهما كان دوره قليل ومجهود كل فنان وصل لنا جميعا ولكن مساحتى قليلة فعذرا .
سأبدأ بالفنان أمير كرارة مفاجأتى بك كانت كبيرة لأننى للأسف لم أرى "كلبش" ولذلك الجماهير لم تتفاجأ لأنك فاجأتهم من قبل فالمفاجأة عندى أنا
بالنسبه لى كنت أحب الضابط منسى وكتبت عنه حين إستشهاده مقال بعنوان"المنسى شهيد برتبة إنسان" ولكن تجسيدك لدور أحمد هو التجسيد الإنسانى لدور كل قائد وهو رد إعتبار لكل أبناء الجيش المصرى الذين عانوا الكثير وكانوا يشعرون أن دورهم لم نقدره حق التقدير مشاهدك رسخت فى وجداننا قيمة القائد المؤمن الكبير بأفعاله الجبار على الأعداء وجابر كسر المنكسرين من المستضعفين حتى وإن كان من الأعداء مثلما جاء بدور أم التكفيرى شكرا أمير كرارة .
لن أنسى المبدع الذى أبهرنى بصورته مدير التصوير حسين عسر
فجعل من الصورة أرضا حقيقية للخلية سواء لأبطال الجيش المصرى أو للتكفيريين الكاميرات المستخدمة ودقة الألوان وتكملة رتوش السيناريو وجعلها واقعا أحسنت يا أستاذ.
الفنان أحمد العوضى لقد أوجعت الكثير ليس لأنك تقوم بدور "عشماوى" ولكن لأننا رأينا الخيانة متجسده وتذبح وتفجر فى قلب الوطن لقد صنعت حاجزا بين الحق والباطل وجعلتنا نستمد فخرنا بجيشنا من هذا الحاجز حاجز الخيانة الذى يمثله "عشماوى" أداءك كان فى الصميم جعلتنا نكرهك من شدة الصدق هناك من ينتقدك على "التكشيرة وانعقاد حاجبيك" ولكن من يقرأ عن "هشام عشماوى" ويستمع لأحاديث زملاءة سيجده هكذا لن أنسى النظرة بعد الإنفجار الأول أحسنت يا أستاذ وأتمنى لك مزيدا من النجاح ولكن أنصحك بإختيار الأدوار بعد الأن لأن كاركتر عشماوى سيستمر معك لفترة والجمهور سيقارن النظرة وأى كلمة مع كل دور إلى أن تخرج من عباءة عشماوى لأننا عايشناك فى كل تفاصيله .
هناك مجموعة من الفنانيين أبهرنى أدائهم ووضعوا نقاط من التميز على خريطة هذا العمل مثل:
ضياء عبدالخالق"توفيق فريج أو أبوعبدالله" تقمص شخصية الإرهابى ورأيت أمامى قائد جماعة بالفعل فهو بارع فى هذه المنطقة.
محمود حافظ "سعد" ممثل عابر للقلوب بخفة دمه وتلقائيته فى التجسيد يلعب الدور بحرفية .
إسلام حافظ "معتصم" الثعبان الناعم فملامحه ناعمه وقرصته سامه كتكفيرى مستتر فهناك "معتصم" بيننا كثيرون .
رشدى الشامى"الشيخ حسان" هذا الفنان عميق جعلنى من شدة صدقه أبكى عليه بحرقه وأترحم على هذا الشهيد فمشهد إعدامه وأداءه التعبيرى بوجهه وقت إستشهاده جعله يحفر مكانه فى الوجدان وجعلنى أزداد سخطا على أعداء الله التكفيريين .
ماجدة منير "أم التكفيرى" هذه الأم السيناوية البسيطة جعلتنى أتعاطف معها فهى ليس لها ذنب ولكن تجسيد الفنانه وبراعتها فى الإتقان جعلنى أسقف لها فلما لا وهى أستاذة مسرح .
ولن أنسى الذى جاء الإختلاف على شخصيته فى الفيسبوك "سالم لافى" الذى جسد شخصيته الفنان محمد دياب ببراعه وأتقن نطقه السيناوى وجذبنا أدائه وتوحدت مع الأداء وكنت مقتنعه أننى أمام شاب سيناوى وبغض النظر عن شخصية سالم والإختلاف القائم هل هو مهرب وضد البلد أم أصبح وطنى وكان مع الخير فى معركة الشر بعيدا عن هذا وذاك فدياب فى كل عمل يثبت لنا أنه ممثل بالفطرة وأن موهبته فى التمثيل تخطت موهبته بالغناء بمراحل كثيره وأتوقع له بعد عدة سنوات سيصبح غول تمثيل وسيصبح نجم فى منطقة مختلفة ويستطيع أن يحمل عملا كاملا .
هناك متميزين فى أدوارهم برغم أن مشاهدهم قليلة إلا أنهم أبكونا عند موتهم مثل الفنان كريم محمود عبد العزيز والفنان محمد عادل إمام فهم جسدوا أدوار لأبطال صعدت أرواحهم بمنتهى العزه والفخر ومن شدة أدائهم تعايشت مع موتهم بوجع "أبكيتونا" شكرا يا أساتذه.
وهناك وجوه كانت جديده بالنسبه لى ولكنهم جسدوا أدوارهم بحرفية وهؤلاء كثيرون حقا وجميعهم متميزون .
أنا قررت أن أكتب المقال اليوم وقبل نهاية المسلسل لسبب
أننى مقتنعة أن مشاهد النهاية يكتب فيها مقالات ولأن المساحة محدودة قررت أن يكون هذا الجزء الأول ويليه مقال جزءثانى عن نفس العمل .
فى بداية المسلسل كنت أتمنى أن يكون التتر مصاحبا لأغنية حماسية وطنية لترتبط بالأذهان أسوة "بليالى الحلمية" أو حتى موسيقى مثل "رأفت الهجان" ولكن بعد مرور الحلقات وتحليلى للمسلسل وجدت أنها أنسب موسيقى فالملحن "تامر كروان" إختار دمج الأسلوب الكلاسيكى مع العربى ليلائم جلال وهيبة العمل لأنه عمل استثنائى وهناك هيبة لموتهم .
و إستخدام الآلات الشرقية للتعبير الدرامى و تلوين الموسيقى بلوننا العربى الأصيل جعل تفاعل في التوزيع الموسيقى تحت جمله صغيرة (موتيفا) متكررة تترك أثرها فى النفس لمجرد سماعها فكانت علامة مميزة للعمل وإنشاد النهاية فى الحلقة الأولى كان الخنجر فى قلوبنا فأبكانا "متدمعيش يا أمايا" من شدة الخجل أمام تضحيات هؤلاء الأبطال أحسنت يا أستاذ مع فريق عملك .
شكرا لكل فريق العمل أمام الكاميرا وخلف الكاميرا الذين رسموا الصورة الذهنية لهولاء الأبطال ومثلوها خير تمثيل
وأخيرًا القوة الناعمة ورسالة الفن الحقيقية تكمن فى جعل الفن هو منبر وسلاح ذو حدين إما خنجر فى قلب مصر أو راية للنصر وتوحيد البيت من الداخل .
فيجب على صناع الدراما أن يراعوا الصدق والموضوعية والتوازن فى أعمالهم فهناك مسؤولية مجتمعية تقع علينا جميعا وأنتم فى الصف الأول ف بالفن ندمر أجيالا مثل مسلسلات البلطجة والمخدرات والأفلام التى تجسد مصر على أنها بئر من الرذيلة كأفلام خالد يوسف ويخرج جيل يتذمر ويدمر أو نرتقى بالأجيال ونبث فيهم الإنتماء ويخرج نشء يبنى ويعمر .