رغم حالة القشعريرة التي تنتابني كلما تحدثت عنها أو حتى تذكّرتها، إلا أنني لا أملك إلا أن أُبدي بعض الاحترام لذلك الكائن الجريء، الذي اقتحم منزلي بلا دعوة، واستوطنه لثلاثة أيام كاملة كأنها صاحبة البيت وأنا الضيف العابر.
كل شيء بدأ مساءً هادئًا، بينما كنت أتهيأ لمشاهدة فيلمٍ درامي يذكرني بأن الحياة ليست عادلة، حتى سمعت صوت خشخشة غامضة في المطبخ.
تساءلت في البداية: "هل تلك الريح؟ أم أن الجيران قرروا إقامة حفلتهم السنوية داخل ثلاجتي؟" لكن الحقيقة كانت أكثر رعبًا— وأقل تهذيبًا — كانت العرسة في أول ظهورٍ رسمي لها.
ظهرت من بين أكياس السكر كأنها شبح من عالم أشبه بحكايات الرعب، طويلة قليلاً، نحيفة أكثر مما ينبغي، ولها نظرات لم أرَ مثلها حتى في أفلام التحقيقات الجنائية.
لم تفر، ولم تختبئ، بل نظرت إليّ بتحدٍّ صريح، وكأنها تقول: "من فينا المالك الحقيقي هنا؟".
بدأت حرب الأعصاب. كنت أتحرك بخطى محسوبة، أُغلق الأبواب كقائد يُعدّ لمعركة مصيرية، وهي في المقابل تتنقل بخفةٍ وفخامةٍ لا تليق إلا بجاسوسةٍ مخضرمة.
في الليلة الثانية قررتُ أن أضع فخًا، قطعة جبن في زاوية المطبخ، لكن العرسة — يا لدهائها — تناولت الجبن واختفت، تاركةً لي الفخ فارغًا وإحساسًا عميقًا بالإهانة.
أما في اليوم الثالث، فقد بلغت الحرب ذروتها.
قررت أن أستعين بسلاحٍ متطور: "العم حسنين"، جاري الخبير في مكافحة الكائنات الغريبة. دخل البيت حاملًا عصاه كأنه ذاهب إلى معركة مقدسة، وبعد مطاردة بطولية أشبه بمشهد أكشن بين الجدران، اختفت العرسة كما جاءت، دون أثر، تاركةً وراءها فوضى..هل اختفت أم ستعود مرة أخرى ؟!! يبدو أنها ستعود حاملة معها لحظات من خيبة الأمل .. على الأقل بعد ثلاثة أيام منحت لى هذه العبقرية الصغيرة هدنة لكى أفكر كثيرا فى هذا المخلوق قليل الحجم ..
يبدو أن القصة لها فلسفة أبعد من مجرد كائن مشاغب ينغص عليك عيشتك..على العموم أنا فى هدنة حاليا لحرب تبدو كحرب طروادة مع عرستى التى ربما تصبح صديقة يوما ما وليست عدوا .. وللحديث بقية.…