الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

تصعيد المفاوضات لمستوى رؤساء حكومات الدول الثلاث.. مصر تواصل تحقيق المكاسب في ملف سد النهضة

صدى البلد

أعلن وزير الري السوداني اليوم الأربعاء، إحالة المسائل الخلافية حول سد النهضة إلى  رؤساء وزراء الدول الثلاث، ما اعتبر بمثابة فشل لجولة المفاوضات الأخيرة بين الدول الثلاث، مصر وإثيوبيا والسودان، على مستوى وزراء الري.

وقال عباس إنه على الرغم من التوافق على نحو 90% من المسائل الفنية بشأن السد، إلا أن الخلافات القانونية لم تحل، ما دفع السودان إلى طلب إحالة المسائل الخلافية إلى رؤساء وزراء الدول الثلاث، وهو ما وافقت عليه القاهرة وأديس أبابا.

شهدت الجولة الأخيرة من المفاوضات على الرغم من فشلها، مواصلة مصر لتحقيق المكاسب الدولية في ظل مسعاها لحماية حقوقها في مياه النيل أمام المماطلة والتعنت الإثيوبيين.

كما شهدت الجولة التفاوضية موقفا أكثر وضوحا وإيجابية من قبل دولة السودان، التي أكدت بوضوح موقفها كطرف رئيسي في عملية التفاوض، وضرورة بناء السد وتوزيع الحصص بشكل منصف بين الدول الثلاث.

بيان السودان

وأصدرت وزارة الري السودانية بيانا أعقب الجلسة الثلاثية الأخيرة، والذي جاء به:"تواصلت اليوم المفاوضات الثلاثية بين مصر وإثيوبيا و السودان برئاسة وزراء الري في البلدان الثلاثة، و سبقت هذه الجلسة اجتماعات اللجان الفنية والقانونية سعيا للتوصل لحلول مرضية و عادلة حول القضايا الخلافية".

وأضافت:"رغم التقدم المعتبر الذي تم تحقيقه في الجوانب الفنية المتعلقة بملء و تشغيل سد النهضة، إلا أن الخلافات في الجوانب القانونية كشفت عن خلافات مفاهيمية حقيقية بين الأطراف الثلاث حول عدد من القضايا على رأسها مدى إلزامية الاتفاق و آلية حل النزاعات و عدم ربط الاتفاق بأي اتفاقيات أخرى باعتبار أن الاتفاق الحالي يفترض أن يتعلق بملء و تشغيل السد وليس بتقاسم حصص المياه بين الدول الثلاثة".

وتابعت:"وعلى ضوء هذه التطورات، طلب الوفد السوداني إحالة الملفات الخلافية لرؤساء الوزراء في الدول الثلاثة للوصول لتوافق سياسي بشأنها بما يوفر الإرادة السياسية التي تسمح باستئناف المفاوضات في أسرع وقت بعد التشاور بين وزراء الري في الدول الثلاثة".

النقاط الأساسية والخلافية

وأعقب البيان السوداني، مؤتمرا صحفيا لوزير الري السوداني ياسر عباس، والذي أوضح خلاله عددا من النقاط المهمة حول طبيعة الخلافات بين الدولة الثلاث، خلال الاجتماعات الـ7 الأخيرة.

وقال إن الاجتماعات شهدت أجواء إيجابية و"أخوية" سادتها روح التفاؤل رغم تعقيد المسائل، كما شهدت الاتفاق على المسائل الفنية لما يصل إلى 95%، المتعلقة بالملء الأول في الظروف العادية والسنين الجافة والممتدة الجفاف والتشغيل المستمر بعد ملء سد النهضة.

وأضاف أن النقاط التبقية يمكن الخلاف حولها، وأنه ليست من النقاط الصعبة، مثل التشغيل المستمر لسد النهضة وتفاصيل اللجنة الفنية المشتركة التي ستشكل فيما بعد، والجوانب القانونية المكملة للجوانب الفنية.

ويتعلق الجانب القانوني بشأن مدة إلزامية الاتفاق، النقطة التي شهدت تباينا واضحا على حد قول عباس، وكون الاتفاقية حول تشغيل وملء سد النهضة، أم بشأن تقسيم حصص المياه، وماهية آلية فض النزاعات، مشيرا إلى أن الاتفاق ابتدع آلية "ممتازة جدا" للتعاون، تبدأ باللجنة الفنية المشتركة المنوط بها متابعة تنفيذ الاتفاق، ولجنة وزراء المياه للدول الثلاث، ورؤساء الدول، فيما يكمن الخلاف في آلية فض المنازعات ما بعد لجنة رؤساء الدول.

وقال المختص بالشؤون القانونية في الفريق التفاوضي السوداني، أن تقدما كبيرا تحقق على الجانب الفني، حيث تم التوافق على سلامة عمليات السد، وهي قضية كبيرة جدا اتفقت عليها الدول الثلاث، وكذلك قضية تبادل البيانات، لكن لابد أن يكتمل ذلك بالإطار القانوني لكي تتحقق تلك المكتسبات بشكل حقيقي، حيث كانت السودان أكدت في يناير ضرورة التوصل لاتفاق ملزم وليس مجرد قواعد استرشادية يمكن تعديلها حتى بشكل أحادي.

وأضاف أن هناك قضيتين مهمتين أيضا، أولا: علاقة هذه الاتفاقية بالاتفاقيات الأخرى بما فيها اتفاقية مياه النيل، معربا عن موقف السودان من رفض ذلك، وأن الاتفاقية الجاري العمل عليها تختص فقط بعمليتي ملئ وتشغيل سد النهضة فقط وليس لها علاقة بالاتفاقيات الأخرى خاصة التي تتعلق بتوزيع حصص المياه.

وأشار إلى أن إثيوبيا قدمت مقترحا بأنه لابد من الدخول في اتفاقية تقسيم المياه خلال 10 سنوات، الأمر الذي رفضه السودان ومصركذلك باعتباره يخرج عن اختصاص الاتفاقية الجاري العمل عليها، مشددا على أن المفاوضات لم تتطرق إلى مساءلة الحصص بالمرة.

 وعن آلية فض النزاعات، أكد على ضرورة وجود وسائل وآليات فعالة لفض النزاع في اتفاقيات معقدة كهذه تحتوي على العديد من الجوانب والنقاط، في حال تجاوز الخلاف مرحلة رؤساء الدول، مشيرا إلى ضرورة وجود دعم سياسي قوي من قبل الدول الثلاث لكي يتم التوصل إلى اتفاق نهائي بشأن السد.

وعن اللجوء لمجلس الأمن في حال عدم توصل رؤساء الوزراء إلى اتفاق، قال عباس إنه في حال توفرت الإرادة السياسية لد البلدان الثلاث في حل القضايا القانونية العالقة 

هناك اتفاقات في المفاهيم العامة، لكن الأرقام هناك بعض الخلافات في الأرقام، "ما الحد الأدنى للمياه التي تمر عبر السد في السنوات الجافة، وفي حال امدت من سنة لأربع سنوات، أرقام مثلا كانت 500 متر مكعب في الثانية، أو ما يسمى بالتصرف البيئي الآن تم الاتفاق حول 300..وفقا للأرقام التي اقترحها السودان"، مؤكدا أن القضاية لعالقة يمكن الاتفاق حولها دون اللجوء لمجلس الأمن، معربا عن أمله في عودة المفاوضات مرة أخرى في أسرع وقت.

وعلى جانب آخر، أوضح عباس أن المراقبين الثلاث من الولايات المتحدة وومفوضية الاتحاد الأوروبي وجنوب إفريقيا لم يلعبوا دور الوسيط واقتصر حضورهم على المراقبة فقط.

وقال عباس إن من حق إثيوبيا بناء السد وتحقيق الأهداف التنموية، ولكن بشرط عدم "إحداث ضرر ذو شأن" للدول الأخرى، موضحا أن هذا كان محر التفاوض الرئيسي بين الدول الثلاث طوال مدة الـ8 سنوات الماضية.

وأضاف أن مصلحة السودان ومصلحة الأجيال القادمة هي الأولية الأولى للخرطوم،  بالنسبة للخرطوم والتي لا تتعارض مع مصلحة مصر وإثيوبيا.

وعن سؤال، هل من حق إثيوبيا تعديل الاتفاقية بناء على المادة الخامسة من اتفاقية إعلان المبادئ ، قال المفاوض القانوني السوداني إن هذا غير صحيح، لأن المادة تعطي إثيوبيا الحق في تعديل أشياء بسيطة بشأن القضايا التشغيلية اليومية للخزان، وليس تعديل نصوص الاتفاقية أو إلغاءها.

وعن سؤال، هل من حق إثيوبيا ملء بحيرة السد بعد فشل جولة التفاوض؟ قال عباس إن السودان لا يقبل بشكل قاطع الملء الأحادي لسد النهضة دون توقيع اتفاق.

موقف مصر والموقف الدولي

تمسكت مصر منذ بداية الجولة الأخيرة من المفاوضات بحقوقها في مياه النيل، وعدم قبولها أن يتسبب السد في أي ضرر لمصالحها، وتمسكت كذلك بوثيقة واشنطن كأساس للتفاوض.

وطالبت مصر باتفاق ملزم  مع إثيوبيا والسودان بشأن سد النهضة، برعاية الأمم المتحدة، وأن هذا الاتفاق لابد أن يكون مكتوبًا، وبخاصة فيما يعنى بقواعد وإجراءات ملء السد.

ويسعى المفاوضون إلى تأكيد المقترحات المصرية بأنه فى حالة الاتفاق يجب أن يتحول إلى اتفاق بـ صبغة إلزامية قانونًا، ووضع آلية قانونية لفض النزاعات التي قد تنشب بين الدول الثلاث حول ملء وتشغيل سد النهضة، والتعاطي مع النقاط الفنية المثارة من الجانب المصري، بشأن إجراءات مواجهة الجفاف، والتمسك بالحقوق التاريخية لمصر والسودان فى مياه النيل.

كذكلك، ذكرت قناة "العربية" نقلا عن مصادر لم تسمها إن مصر ترفض إلغاء التفاهمات السابقة بشأن سد النهضة، وأن مصر تريد جهة دولية ضامنة لأي اتفاق بشأن سد النهضة، كما تطلب من إثيوبيا اتفاقا مكتوبا وملزما بضمانات دولية.

في المقابل، أشارت المصادر إلى رفض إثيوبيا وجود أطراف دولية ضامنة لأي اتفاق. وأن مصر تمسكت بالعودة لحوار واشنطن بشأن سد النهضة.

من جانبها واصلت الولايات المتحدة دعمها للموقف المصري، ورفضها للتعنت والمماطلة من قبل الجانب الإثيوبي، حيث أعلن مجلس الأمن القومي الأمريكي، اليوم الأربعاء، إن الوقت قد حان للتوصل إلى اتفاق بشأن سد النهضة الإثيوبي الكبير المتنازع عليه في إثيوبيا قبل ملئه بمياه نهر النيل. 

وفي تغريدة على حسابه الرسمي، ذكر مجلس الأمن القومي الامريكي إن "257 مليون شخص في شرق أفريقيا يعتمدون على إثيوبيا كونها تظهر كـ قيادة قوية، وهو ما يعني إبرام صفقة عادلة". 

هل فشلت المفاوضات؟

بالنظر إلى ما أورده الجانب السوداني، يمكن القول أن الجولة الأخيرة من المفاوضات رغم التقدم الكبير المحرز على جوانب عدة، فإنها لم تنجح في تحقيق الهدف المنشود منها، حيث بقيت بعض القضايا القانونية المهم والحاسمة للغاية عالقة، ما اضطر إلى إحالتها لمستوى آخر، رؤساء الوزراء، وهذا ما أشار إلى الجانب السوداني بشأن أمله في عودة التفاوض مجددا، نظرا لعدم وجود مدة زمنية محددة لدراسة الخلافات على مستوى رؤساء الوزراء، ما يعني أن المفاوضات قد تعثرت ولم تفشل بشكل كلي.

على جانب آخر، فإن تعنت ومماطلة الجانب الإثيوبي باتا أمرين معروفان عالميا، ما يزيد من موقف القاهرة قوة، وما دفع الولايات المتحدة إلى الوقوف إلى صف مصر بعدما ظهر لها ذلك من خلال مراقبتها ورعايتها لجولة المفاوضات السابقة حيث قلبت إثيوبيا الطاولة بعد التوصل لاتفاق، وكذلك الجولة الحالية.