الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الانتقام أولا وأخيرا.. في الدراما!


من ملاحظات دراما رمضان هذا العام كان "تيمة" الانتقام التي طغت على عدد من المسلسلات صاحبة الإنتاج الكبير فوجدنا تلك هي السمة المشتركة حيث أن البطل أو البطلة يبحث عن حقه ليأخذه بالثأر ! واللافت أن مرتكبي الجريمة من أبناء الأسرة الواحدة "الأشقاء" وظهر ذلك بوضوح في مسلسلي البرنس وخيانة عهد !

وبالطبع كان قليل من أحداث السيناريوهات أقرب للمنطق وأغلبها أقرب للخيال بسبب المواقف المفتعلة الكثيرة ! لا أعترض هنا على فكرة "الصراع" بين أفراد العائلة الواحدة لأنه نموذج متواجد بيننا ولكن طريقة العرض والعنف بين الأشقاء أزعجت الجمهور، في الماضي كيف كان يعرض كتاب السيناريو الصراع ! نجده لا يصل لشغل "العصابات" وأقصى درجات الإنتقام بين الأشقاء مثلما شاهدنا، اتمنى ان تقل تلك الأفكار "الدموية" في عرضها بالمسلسلات لانها ليست الأفكار الشائعة في المجتمع وتقديمها يثبتها في ذهن المشاهد بشكل غير مباشر! واتمنى العودة للدراما الاجتماعية المحببة منذ عشرات السنين للجمهور دراما أسامة انور عكاشة ورفاقه، هل ليالي الحلمية والمال والبنون والشهد والدموع لم يكن بهم صراع وعبر ودروس ! بالطبع نعم ولكن ليس بهذه الصورة المقززة، نصيحة لأصحاب "ورش" الكتابة أقرأوا كثيرا أدب الروايات.

وأذكر أن الرئيس طلب في لقاء مع عدد من الفنانين قبل عدة سنوات أن يقدموا أعمالا " تحسن من القيم والأخلاق".

رأي الجمهور مهم بالنسبة لي في السينما أشاهد الفيلم في أكثر من صالة عرض وأتلقى مباشرة رد الفعل، في الدراما ممكن القول أن السوشيال ميديا وتحديدا "تويتر" أصبح مؤشر مهم حيث يتحول لساحة نقاشات يوميا حول المسلسلات التي تلفت الأنظار سلبا أو إيجابا في العالم العربي، هذا العام وجدت اهتماما أقل بالمشاهدة والمتابعة عن الأعوام السابقة! ربما لظروف حدث "كورونا" والذي جعل المزاج العام للجمهور غير مهيأ نفسيا ولكن في نفس الوقت كانت هناك جرعة سخرية زائدة تجاه عدد من المسلسلات بسبب الأخطاء الفنية المثيرة أو أداء الممثلين، الجمهور هو الترمومتر الأهم في حياة أي نجم ويجب عدم تجاهله.

من أكثر المسلسلات التي حظيت بالمتابعة في كثير من حلقاتها كان "الإختيار" وظهر في "التريند" أكثر من مرة خلال شهر رمضان ووصل في إحدى الحلقات للتريند العالمي وهي سابقة لم تحدث في الدراما العربية. 
وتفسير إهتمام الجمهور بهذا العمل هو أن الجمهور كان يبحث عن البطولة الحقيقية، والتي عاصرها مؤخرا مع تذكير المشاهدين بعرض لقطات تسجيلية حقيقية للعمليات الإرهابية.

ولذلك يجب إعادة تقديم أعمال السير الذاتية عن مثل هؤلاء الأبطال وبالفعل يتم التحضير لجزء ثان تحت نفس الأسم عن شخصية أخرى معاصرة ضحت من أجل الوطن.

المسلسل كان فنيا ممكن أن يكون أفضل خاصة في الثلث الثاني للحلقات حيث هدأ ريتم السيناريو كثيرا بعد البداية القوية وكانت الأحداث "منعدمة " وأيضا النهاية وإلقاء القبض على الإرهابي عشماوي تشعر انها تمت "بتسرع"! وكان يجب توضيح جانب آخر لهذا الإرهابي خاصة في ليبيا، ولكن في العموم العمل جيد جدا وخطوة فنية مهمة لصناعه خاصة المخرج بيتر ميمي والبطل أمير كرارة. 

المسلسل الآخر الذي حظي بجانب كبير في نقاشات الجمهور كان "100 وش" وهو من مفاجأت دراما رمضان وكان يغرد خارج سرب "الانتقام" وكأن الجمهور كان يبحث عن دراما جديدة وأيضا كوميدية فوجدها في هذا المسلسل ولقي إهتماما جماهيريا كبيرا ورغم البداية السريعة للأحداث وخوف الجمهور من المط والتطويل إلا ان السيناريو نجح في خلق أحداث جديدة "مسلية" وظل متماسكا حتى نهاية الأحداث والتي تغيرت من أجل جزء ثان بعدما تأكد صناع المسلسل من ترحيب الجمهور بذلك وفي إعتقادي من أفضل نهايات حلقات دراما رمضان كانت نهاية مسلسل 100 وش وايضا يحسب للمخرجة كاملة أبوذكري إتاحة الفرصة لعدد من الممثلين ليكونوا بجانب بطلي العمل طوال الحلقات ونجحوا جميعا في تحقيق خطوة جماهيرية مهمة وعلى رأسهم نيللي كريم و آسر ياسين.

أيضا من المسلسلات التي أحدثت جدلا كبيرا كان مسلسل "البرنس"بسبب "قسوة" أحداثه بين الأشقاء، ولكنها قسوة مفرطة ! ومن محاسن المسلسل فريق التمثيل المتميز وهو أحد أهم أسباب جذب الجمهور له حيث أتاح السيناريو الفرصة لأكثر من شخصية في مساحات مؤثرة بالأحداث مثل بطل العمل رضوان البرنس، وممكن القول أن شخصيتي "فتحي وفدوى" لفتا الأنظار، اما رضوان وهو البطل الرئيسي للقصة فكان غائبا عن تحريك الأحداث فترات كثيرة، رغم أن الشخصية كان لديها مساحات كبيرة للتأثير دراميا واللافت أنه فجأة بعدما بدأت مسيرة الانتقام وكاد ان يقتل شقيقيه في مشهد مشاجرة استعراضية ثم أرتكب جريمة قتل ضد مجرم محترف، هدأ فجأة وتحول إلى مخبر سري بطريقة "بدائية" وغير منطقية يلتقط صور وفيديوهات تدين أشقائه ! كما قلت في مقال سابق "الحلول الدرامية" بها أزمة ليست في "البرنس" فقط ولكن في أعمال كثيرة يتم عرض أحداث بدون تمهيد او تفاصيل وحبكة مقنعة وذلك بسبب الاستسهال والتسرع!

المخرج وفيما بعد المؤلف محمد سامي يجيد شحن المشاعر في أعماله ويعرف كيف يستغلها دراميا ويكاد يبني موضوعاته على تلك المواقف "خناقة" رفاعة الدسوقي ومقتله "الأسطورة"، مشهد تحول المدرس الطيب إلى قاتل يحرق ويدمر في "ولد الغلابة" ، مشهد ترك الفتاة في الشارع "البرنس"، وأيضا يقدم أقصى ما تسمح به الرقابة، لا ننكر انه صنع دراما شعبية حققت نجاحا جماهيريا ولكن الملاحظات كانت كثيرة خاصة على المستوى الأخلاقي والتي لم تنال إعجاب الكثيرين ، ولم يضيف هذا العمل ل محمد رمضان كثيرا لرصيده كممثل أداءه كما هو مثل معظم أعماله بنفس ردود الأفعال حتى تساقط "الدموع" ! على العكس من أحمد زاهر وروجينا اعادا اكتشاف نفسيهما ونور أجادت أيضا في شخصية جديدة عليها.

المسلسل الآخر الذي كان يقوم على الانتقام هو خيانة عهد للفنانة الكبيرة يسرا وكانت الخيانة والانتقام أيضا بين أبناء الأسرة الواحدة ! وهنا أتمنى أن تعود يسرا للدراما الإجتماعية الكوميدية وتبتعد عن الدراما النفسية المركبة، وهو أيضا من الأعمال التي لفت فريق الممثلين الأنظار فيها ، إلى جانب يسرا كانت عودة قوية لجومانا مراد وظهرت حلا شيحا بشخصية مفاجئة للجمهور وقدمت أداء جيد ومعها بيومي فؤاد. 

أيضا من المسلسلات التي شغلت الجمهور خاصة الشباب كان "النهاية" بعيدا عن القصة والسيناريو والتي كانت تحتاج لمزيد من التفاصيل حول الشخصيات الكثيرة للعمل وبعيدا عن الظروف "الاستثنائية" والتي أثرت على سيناريو الأحداث وأدت لارتباكه، المسلسل نجح في تدشين نوع جديد على الدراما المصرية والعربية وهي بداية جيدة جدا ونجح في جذب اهتمام قطاع كبير من الجمهور كان لا يقبل على مشاهدة الدراما بشكل عام، ممكن القول إنه جذب جمهور السينما من الشباب، وهو خطوة مهمة لبطله يوسف الشريف وأعماله المختلفة والجديدة دائما.

أيضا من الأعمال التي لفتت نظر الجمهور منذ البداية كان "الفتوة" نجح في إعادة دراما التراث الشعبي القديمة والمحببة لدى الجمهور وكان يفتقدها بعدما سيطرت دراما الاكشن و الساسبنس، شاهدنا صورة مميزة وديكور رائع ومستوى تمثيل لافت من معظم الأبطال، خاصة الفنانين الكبار والشباب مثل مي عمر ويعتبر خطوة نجاح لياسر جلال والذي يخوض أكبر تحدي فني في مسيرته العام القادم مع شخصية خالد بن الوليد وفي إعتقادي هو أنسب الممثلين لتجسيد الشخصية. 

كان هناك أيضا دراما شعبية في مكان قديم مرتبط بالتراث والآثار وهو مسلسل "سلطانة المعز" قدم المخرج محمد بكير الحارة المصرية القديمة بصورة وديكور جيدين، ورغم مجهود غادة عبدالرازق واجادتها في تقديم الشخصية، لا يمكن أن تكرر أداءها ابدأ، إلا أن السيناريو كان به كثير من الملل، وبعض الشخصيات كانت غير جذابة.
فلانتينو لم يحقق النجاح الجماهيري المنتظر ولكن يظل عادل إمام صاحب الحضور الأهم بين الجميع والجمهور ينتظره وأرى انه كان يحتاج لتعديلات كثيرة في كاست العمل ولكن هو من أفضل الأعمال الكوميدية مع 100 وش ، كان له سيناريو واضح ولم يعتمد على إسكتشات مثل معظم الأعمال الكوميدية الأخرى.

ياسمين عبدالعزيز قدمت تجربة أفضل من تجربتها العام الماضي، مسلسل "ونحب تاني ليه" من الأعمال الجيدة على المستوى الفني ولكن لايزال جمهورها الأكبر ينتظرها في الكوميديا، ولذلك كان تفاعل الجمهور كبيرا في مواقفها الكوميدية مع سوسن بدر على سبيل المثال والتي قدمت أداء متميز هي وشريف منير.

ربما ظلم توقيت ومحطة العرض عدد من المسلسلات في ظل زحام الشاشة في موسم رمضان ولديهم فرصة بالتأكيد في العرض الثاني للحكم عليها بشكل أكبر، مثل مسلسل "شاهد عيان" لحسن الرداد به مجهود كبير ، وأرى أن فكرته سينمائية أكثر.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط