الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

البهلوان والملك


يحكى فى الأثر القديم عن أحد الملوك لم يكن يوازيه أحد فى مملكته وكان يتحكم فى الدنيا من أقصاها إلى أقصاها . 

هذا الملك كان لديه ابنة وحيدة على مجموعة من الأولاد جعلها المفضلة والمقربة إلى أبيها . أميرتنا هذه كبرت ونضجت ودلالها زاد وتعلق أبيها زاد أيضا . وأصبحت هى كل شىء ولا يعصي لها أمرا ولا ترفض لها كلمة وكل طلباتها أوامر واجبة النفاذ ؛ إخوة الأميرة غاروا منها ومن تفضيل أبيهم لها ولكنهم أخذوا يمنون أنفسهم بزواجها وبذلك تنتهى معاناتهم من إيثار أبيهم لها . 

كلما يأتى من يتقدم لخطبتها إما أن يرفضه الملك وإما أن ترفضه هى ، والإخوة غاضبون ممتعضون ولكنهم لا يستطيعون أن يظهروا  ما في داخلهم ويفصحوا به خوفا من بطش أبيهم.
 
طال الحال واعترى القصر حالة من الملل والكآبة أشار الوزير على الملك حتى يتغير ذلك الجو بأن يبحث له عن مهرج أو بهلوان كما كان معروف حينها ولم يعارض الملك ولا الأميرة المكتئبة وقام الوزير بنفسه بالسفر وجوب البلاد طولا وعرضا وعاد من بلاد الله وتحديدا من القسطنطينية ببهلوان معروف عنه الطاعة لأولي الأمر وتنفيذ كل مايملى عليه وأيضا محبا للظهور والشهرة.

دخل البهلوان القصر وهو يضع نصب عينيه إسعاد الملك والأميرة ولم يبال بإخوتها فقد كان كل همه هذان الاثنان فقط وبالفعل نجح فى أن يعيد الابتسامة إلى القصر بما يرتجله من حركات ومزحات وحكايات مبهجة أضفت على القصر نكهة جديدة وساهمت فى إعلاء روح الفكاهة التى كانت قد اختفت بسبب حزن الملك على عدم زواج أميرته وتعاسة الأميرة بعدم تقدم من يتناسب لها.

الإخوة لم يكونوا مهتمين بعدم مراعاتهم فى فكاهات وقفشات المهرج بقدر سعادتهم بتحول مناسك الحياة فى القصر إلى حوارات وضحكات بين الملك والأميرة بمساعدة المهرج وترك زمام الحكم والمملكة لهم يفعلون مايشاءون لدرجة أن الدول الخاضعة لمملكتهم لم تعد تخاطب الملك كما كانت تفعل وصارت المخاطبات لابن الملك الكبير الذى يشرك إخوته فى كل مايأتى إليه.

وسط كل هذا حدث المهرج نفسه بأن يستغل تقربه من الملك فى إعطائه صلاحيات أكثر من كونه مجرد بهلوان وأظهر ما لديه من آراء وأقنع الملك بقدرته على المجازفة وفعل أي شىء من أجل ملكه والمملكة، تحرك البهلوان يمينا ويسارا بمباركة الملك وإعطاءه إشارات المرور الخضراء اينما كان معطيا أوامره لكل تابعيه بأن يغضوا البصر عما يفعله البهلوان فى هذه البلاد ومع بعض العباد.

ازداد البهلوان غيا وغرورا وطلب من الملك أن يزوجه ابنته ووقع هذا الطلب وقع الصاعقة على الملك وابنته التى اشتاطت غضبا كيف لصعلوك مثله أن تسول له نفسه بأن يقترن بها أميرة المكان والزمان وصاحبة الصون والعفاف ..وتوعدت وهددت وحولها إخوتها ينتظرون ردة الفعل الملكية على هذا البهلوان الأهوج وإن كانوا من داخلهم يتمنون أن تتزوج أختهم من أي كان وتغادر القصر إلى لا رجعة ويصبح أبيهم وحيدا معهم وخاصة أن الزمن أخذ منه ما اخذ وصار كهلا والموت مهما بعد توقيته إلا أنه قادم لا محالة.

الملك هدأ من روع ابنته وأكد لها أنه سيفعل ما يرضيها وأحضر البهلوان ورحب به وأكد له أنه لا يجد لابنته خيرا منه ولكن ثمة شرط لإتمام هذه الزيجة ألا وهو محاربة كل أعداء الملك فى كل مكان والقضاء عليهم وحينها يقدم له ابنته عروسا على الرحب والسعة، استقبل البهلوان أو المهرج أيا كان مسماه كلمات الملك بفرحة وخاصة قبول الملك له زوجا لابنته، وخرج من القصر متوجها بجنوده إلى عدة دول مجاورة للمملكة وأخرى بعيدة لتأديب من لا يحب الملك ومن يومها وهو مشتت وكلما تثبت للملك ولاءه وقضاءه على كارهيه كلما أرسله الملك إلى مكان آخر .. هذه الحكاية تذكرنى بالرئيس التركى رجب طيب أردوغان وبما يفعله من عبث تحت غطاء أمريكى أوروبى وبدعم نفطى ...
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط