الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

رمضان البيه يكتب: رحلة سفر

صدى البلد

في إحدى سفرياتي وسياحاتي الروحية لسيدي أبو الحسن الشاذلي رضي الله عنه وأولياء الصعيد سيدي أبو الحجاج الأقصري وسيدي عبد الرحيم القنائي وسيدي العارف بسوهاج وسيدي السلطان الفرغل بأبو تيج وغيرهم من أولياء الصعيد توجهت إلى محطة القطار المتوجه إلى أسوان وبعدما ركبت القطار، فإذا بالرجل الذي يجلس بالمقعد الذي بجواري يقبل علىّ فرحا ويصافحني بحرارة شديدة وهو يقول: "ايه الحظ السعيد ده والله كنت طلبت من ربنا أن يجمعني بك وأشوفك، أنا كان نفسي أشوف حضرتك من زمان، وأنا صديق لك على الفيس ومتابع جيد لكل ما تكتبه وتنشره، وكل ما يعرض لك من الأعمال في وسائل الإعلام في الإذاعة والتلفاز وفي الصحف، والبوابات الإلكترونية ومتابع سفرياتك وأخبارك وأنت يا أستاذ رمضان دائم السفر، وواضح إن حضرتك بتحب السفر وزيارة الأولياء ..


رحبت به وجلسنا طول الرحلة التي امتدت إلى أكثر من عشر ساعات نتحدث سويا عن السفر والترحال، وكان مما قلته في ذلك، أخي الكريم كلنا في رحلة سفر منذ أن جئنا إلى هذه الحياة ..منذ لحظة الميلاد مرورا إلى عالم البرزخ بعد الوفاة، وصولا إلى أن نلقى الله تعالى في الآخرة نحن في رحلة سفر، رحلة لم تبدأ كما يظن الكثير من الناس من المولد منذ أن جئنا إلى هذه الدنيا، بل كان لنا وجود سابق في عالم يسمى بعالم الذر أو عالم الأرواح أو عالم العهد والميثاق وهو عالم سافرت فيه الأرواح، وانتقلت من مكنون علم الغيب الإلهي، حيث كان لنا وجود مسبق في علمه سبحانه وتعالى من قبل عالم الذر ، وانتقلنا بالقدرة الإلهية إلى ظهر أبينا آدم عليه السلام، وكانت أول محطة وصول لأرواحنا..


ثم سافرت الأرواح من ظهر أبينا آدم عليه السلام إلى عالم الأرحام حيث كان التكوين الخلقي وارتداء أثواب البشرية، ثم ارتحلنا من عالم الأرحام إلى عالم الدنيا والظهور والشهادة الذي نحن فيه الآن، ونحن فيه في سفر دائم إلى أن نتوفى، وتنتهي الآجال المقدرة لنا من الله عز وجل، ونصل إلى محطة عالم البرزخ..


عالم الخروج من التقييد والتحرر من الثوب البشري إلى عالم الإطلاق، وفي إشارة إلى ذلك يقول سبحانه: "فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد"، ونستقر فيه بحالة وكيفية لا يعلمها إلا الله، إلى أن يأذن سبحانه وتعالى بالبعث والنشور، فنبعث ونسافر بالأرواح والأجساد إلى عالم الآخرة، عالم الديمومة، عالم الخلد والخلود والدوام والبقاء، حيث المحطة الأخيرة التي لا سفر بعدها..


المهم أن ندرك أننا في حال سفر دائم في رحلة الأنفاس، وأننا مختبرون ومبتلون في رحلة السفر، وأننا مقبلون بعد ذلك على الإله الخالق مقدر الأقدار، والذي قدر لنا كل هذه الرحلات، حيث المستقر ومحطة الوصول التي ليس بعدها سفر، والمهم أن ندرك أن بدايتنا كانت في علم الله تعالى  ومستقرنا ومآلنا إليه عز وجل وأننا مفارقون كل من جمعنا الله به في رحلة سفرنا، وأن الوحيد الذي يصحبنا دوما ولا مرافقة له هو الله وحده سبحانه وتعالى، وعلى التحقيق ليس لنا سواه ولنتذكر دائما قوله تعالى: "ياأيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه"، وعلينا أن نعد أنفسنا لهذا اللقاء، وياحبذا إن كان اللقاء لقاء حبيب بحبيبه، اللهم أحسن لنا الخاتمة واللقاء، وأجعل أنفاسنا وحركاتنا وسكوننا في طاعتك وذكرك..