الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الشعب سيموت في غضون أشهر.. لبنان يتجه إلى تكرار سيناريو مجاعة 1915

 لبنان يتجه إلى تكرار
لبنان يتجه إلى تكرار سيناريو مجاعة 1915

أصبح لبنان يعاني في الفترة الحالية من انهيار جنوني لـ الليرة وارتفاع أسعار السلع؛ ما أدى إلى حدوث أزمة طاحنة داخل البلاد، وسط تفشي فيروس كورونا المستجد، الأمر الذي يعكس اتجاه البلاد لمجاعة كبرى مثل التي حدثت في عام 1915، ووفاة الكثير خلال أشهر قليلة.

وفي تقرير لصحيفة "تليجراف" البريطانية، أبرز تلك الأزمة الخانقة، فبالكاد أصبح يندهش محمد أستاذ الاقتصاد السوري، عندما يهتز هاتفه عند استقباله تحديثا عن خفض قيمة الليرة اللبنانية، ليهز رأسه ساخرًا: "رائع، الآن راتبي يساوي 60 دولارًا".

اقرأ أيضا:

وفي الأسبوع الماضي وحده، فقدت الليرة اللبنانية أكثر من 40% من قيمتها، وهنا أصبح الملايين من المواطنين يراقبون مدخراتهم ورواتبهم التي أصبحت تتبخر بسبب انهيار العملة المحلية وارتفاع معدل تضخم أسعار الغذاء إلى ما يقرب من 200%.

ووفقًا لصحيفة "تليجراف"، وقف محمد في أحد الأسواق في مخيم شاتيلا للاجئين في بيروت، وأخذ يحسب  كمية الطعام التي يستطيع توفيرها له ولزوجته وطفليه، في النهاية قرر شراء البطاطس لتناول العشاء، فجلب ثلاث حبات منها، مع نصف كيلو فلفل أحمر وبعض الخيار فقط لأسرته.

ويقول محمد "قبل أزمة الدولار، كان راتبي الشهري كمساعد محاسب مستقل يكفي لمدة 15-20 يومًا.. الآن يكفي لمدة خمسة أيام فقط. أعتقد أنهم سيجعلوننا جميعًا على الأرجح نترك وظائفنا في نهاية يوليو.

وأضاف: "عائلتي قد أنهت بالفعل الحد الأدنى الذي يمكننا العيش به والبقاء عليه. نحن نقترض من السوق لتناول الطعام لبقية الشهر". 

هكذا أصبح حال لبنان، بعد أن وصلت إلى أسوأ أزمة اقتصادية في التاريخ الحديث وفقدت الليرة أكثر من 80 % من قيمتها منذ أكتوبر الماضي، عندما بدأت الاحتجاجات المناهضة للفساد على الصعيد الوطني تهز البلاد. 

وعلى الرغم من ربط عملتها بالدولار، إلا أن الناس يستخدمون الآن على نطاق واسع قيمة السوق السوداء للجنيه كمرجع للقيمة الحقيقية للعملة. 

ووفقًا لتقرير حديث للأمم المتحدة، بحلول نهاية شهر أبريل، كان أكثر من نصف البلاد يكافح من أجل شراء المنتجات الأساسية حيث ارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسبة 56 في المئة منذ أكتوبر. وتشير النتائج الأولية إلى أنها ارتفعت بين منتصف مارس ومايو بنسبة 50 في المئة.

يأتي ذلك كله مع تفشي فيروس كورونا، والتي تسببت في ارتفاع البطالة، وانخفاض قيمة الأجور، وسط استضافة لبنان حوالي 1.5 مليون لاجئ.

ولم يعد اللاجئون وغيرهم من الأشخاص الفقراء هم الذين يشعرون بالقلق بشأن القدرة على إطعام عائلاتهم حيث يستمر الاضطراب الاقتصادي في لبنان في الخروج عن نطاق السيطرة.

ووفقًا لـ"تليجراف"، قال مارتن كولرتس، الأستاذ المساعد في برنامج الأمن الغذائي في الجامعة الأمريكية ببيروت: "من المساعدة التي قدمها برنامج الغذاء العالمي، كان بإمكان اللاجئين على استهلاك بعض الأطعمة في الماضي.. إن ما يثير القلق الآن هو أن غالبية اللبنانيين يسيرون على مسار مشابه".

وأضاف أنه من المؤكد أن تتجه لبنان إلى تكرار مجاعة 1915-1918 الذي خسر فيه نصف سكانه، مؤكدا "بحلول نهاية العام سنشهد حصول 75 في المائة من السكان على معونات غذائية، ولكن السؤال هو ما إذا كان سيكون هناك طعام يتم توزيعه".

وأشار: "من المؤكد أننا سنشهد في الأشهر القليلة الجديدة سيناريو خطيرًا للغاية يتضور فيه الناس جوعًا ويموتون من الجوع وآثاره".

وأوضح كولرتس أن احتمال انتشار الجوع على نطاق واسع في لبنان يثير مخاوف متزايدة بشأن الموجة الثانية من فيروس كورونا، حيث من المرجح أن يموت الأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة.

ومثل الانهيار الاقتصادي، كان لبنان ينزلق نحو انعدام الأمن الغذائي منذ عقود.

ومع البنية التحتية المتداعية، ونقص استثمارات الدولة وسوء الإدارة السياسية فيساهم القطاع الزراعي بنسبة 3 % فقط في الناتج المحلي الإجمالي السنوي.

ومثل كل قطاع في لبنان، الزراعة مليئة بالفساد والتجار الأقوياء الذين يستغلون المزارعين والمستهلكين. وتسبب فيروس كورونا والأزمة الاقتصادية الآن في تعطل نهج لبنان غير المستدام تجاه انهيار كل جزء من اقتصاده تقريبًا.

والنتيجة أن لبنان يستورد ما يصل إلى 80 في المئة من طعامه، مما يجعله عرضة لتقلبات الأسعار وانهيار عملته. وما يجعل الأمور أسوأ هو أن معظم المستوردين يضطر إلى استخدام الدولار عند شراء السلع بينما يدفع عملائهم داخل لبنان مقابل الليرة اللبنانية.

وأوضح مسؤول في برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة أن هناك ركيزتين أوليتين للأمن الغذائي. أولًا، الحصول على ما يكفي من الغذاء في البلد وثانيًا، الأشخاص الذين لديهم القدرة الشرائية للوصول إليه ..لبنان يواجه ضربة مزدوجة مع ضرب كلا العمودين في نفس الوقت.

وقال رئيس نقابة مستوردي المواد الغذائية والمنتجات الاستهلاكية والمشروبات هاني بوشالي إن الواردات تراجعت بالفعل بنحو 50 % عن العام الماضي.

ومن المقرر أن يزداد النضال من أجل مستوردي المواد الغذائية فقط حيث يضطرون الآن إلى شراء حوالي 80 في المئة من عملتهم الأجنبية للواردات على سعر السوق السوداء المتزايد باستمرار.

وبحسب الدكتور كولرتس، فيحتاج لبنان إلى حوالي 500 مليون دولار سنويًا لاستيراد المواد الغذائية، خصوصًا وأن 13 في المئة فقط من أراضيه صالحة للزراعة.