الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

في ذكرى ميلادها.. سهير القلماوي حكاية لن تموت

صدى البلد

تحمل الكاتبة الكبيرة سهير القلماوي التي تحل اليوم ذكرى ميلادها، عدة ألقاب ريادية؛ فهي أول مصرية تتحصل على درجتي الماجستير والدكتوراه، وأول محاضِرة في الجامعة، وأول رئيس قسم فيها، كما أسهمت في إقامة أول معرض دولي للكتاب بالقاهرة سنة 1969، عندما كانت تترأس "المؤسسة المصرية العامة للتأليف والنشر" بين عامي 1967 و1971.

كانت صاحبة "أهرامات عربية" أستاذة لنخبة من الكتّاب المصريين، من أمثال صلاح عبد الصبور وعبد المنعم تليمة ورجاء النقاش وجابر عصفور، عملت في الإذاعة، وبعد شهرين من رحيل جمال عبد الناصر عام 1970، كتبت مقالًا مطولًا بعنوان "الثورة الناصرية في الثقافة"، أصبحت نائبًا في البرلمان عام 1979، ونالت الكثير من الجوائز التقديرية، وهي علامة أدبية وسياسية بارزة مصرية وهي من شكلت الكتابة والثقافة العربية من خلال كتابتها والحركة النسوية والمناصرة.

ولدت سهير القلماوي في 20 يوليو 1911 بالقاهرة، وعاشت هناك طيلة حياتها، ونشأت في عائلة تفخر بتعليم إناثها ولذلك كانت قادرة على الاستفادة من مكتبة أبيها ذات الأعمال الشاسعة بسن مبكر، ويبدوا أن كُتابا مثل طه حسين ورفاعة الطهطاوي وابن إياس ساهموا في موهبتها الأدبية بشكل كبير وشكلوا صوتها كأديبة .

وخلال طفولتها أثناء ثورة 1919، نشأت سهير القلماوي وسط تأثير السيدات المصريات خلال الفترة التي كانت بها الناشطة النسوية العظيمة هدى الشعراوي والشخصية القومية البارزة صفية زغلول، وركزت تلك النساء وناشطات نسوية أخريات على نقل المناظرة النسوية للشوارع لإنشاء حركة بعيدة المدى، أثر هذا المقصد على بعض مبادئها النسوية. 

وعام 1928 تخرجت القلماوي من الكلية الأمريكية للفتيات، وكرست نفسها لدراسة الطب كوالدها في جامعة القاهرة، ومع ذلك، وفور تلقيها الرفض، شجعها أبوها على التخصص في الأدب العربي عوضًا عن ذلك. 

وتلقت القلماوي الإرْشاد من الدكتور طه حسين الذي كان رئيس قسم اللغة العربية ورئيس التحرير بمجلة جامعة القاهرة، وقام طه حسين بجعل القلماوي مساعدة رئيس التحرير في مجلة جامعة القاهرة عام 1932 وهكذا أصبحت القلماوي أول امرأة برخصة الصحافة في مصر، خلال فترة دراستها، أيضًا، كانت مذيعة لخدمة البث الإذاعي المصري، بعدما حصلت على الماجستير في الآداب، تلقت منحة لإجراء البحوث في باريس لشهادة الدكتوراه عام 1941، بعدما انتهت من رسالة الدكتوراه، أصبحت أول امرأة تحصل على الدكتوراه من جامعة القاهرة.

ومن بين أكثر من ثمانين منشور لها، أول وأشهر عمل للقلماوي هو أول مجلد قصص قصيرة الذي نشر عام 1935، كان هذا العمل، الذي نشر بالقاهرة، أيضًا بمثابة أول مجلد قصص قصيرة تنشره امرأة في مصر. 

وتحلل القلماوي في أحاديث جدتي الدور الاجتماعي للإناث باعتباره الحافظ والمجدد لتأريخ المجتمع عبر السرد الشفوي بهذا العمل، يتألف هذا العمل من قصة جدة تحكي ذكريات الماضي لحفديتها، وطورت خط هذه القصة بداخل النقد الإجتماعي ومنظور المدنيين الذين لزموا بيوتهم في زمن الحرب. 
وتستنبط الجدة الأخلاق من ذكرياتها عن الأحداث وترسم مقارنة بين الماضي والحاضر، ودائمًا ما تؤثر الماضي، وتلمح القلماوي عبر هذا العمل بأن حكايات الزوجات القديمة وقصص الجدات لما قبل النوم يمكن أن تحمل رسالة نسوية عميقة، كعديد من الأعمال الخيالية خلال حقبة الثلاثينات، تقدم مجموعة قصصها وصفا واقعيا لمجتمع الطبقة المتوسطة المصرية ونظرة عن المجتمع القروي بعين الطبقة المتوسطة.

ووضعت رسالة الدكتوراه الخاصة بها والتي تتألف من بحث عن "ألف ليلة وليلة" الأساس لمهمتها النسوية، كانت تهدف لأعداد امرأة جديدة: امرأة ذكية ومثقفة وحكيمة مسؤولة بشكل كامل عن حياتها وأسرتها، امرأة لا تستخدم فطنتها وفضائلها لتتساوى بالرجل، ولكن أيضًا تسعى جاهدة لإعادة تثقيف الرجل لتحظى بالمساواة. وظهرت هذه الرسالة في كتب النقد الأدبي الخاصة بها، في النقد الأدبي 1955، والعالم بين دفتي كتاب 1985. 

وصورت أيضًا تراجمها لبعض الأعمال مثل القصص الصينية لبيرل باك (1950) وترويض النمرة لشكسبير (1964) النضالات النسوية وضرورة إعادة تثقيف الرجل، وأسست القلماوي أيضًا وأصدرت العديد من المجلات الثقافية التي تطرقت للمواد المعاصرة كالسنيما والموسيقى والفنون، ومن بين بعض الأعمال البارزة الآخرى الشياطين تلهو (1964)، وأدب الخوارج (1941)، والعالم في كتاب (1958).

واعتُبر كتابها "أحاديث جدتي" أول عمل من نوعه تنشره امرأة في مصر، فمن خلاله قامت بتحليل الدور الاجتماعي للإناث باعتباره الحافظ والمجدد لتأريخ المجتمع عبر السرد الشفوي.

ورغم كل إنجازات القلماوي، يبدو من الصعب أن نطلق عليها ثائرة في مجال حقوق النساء، فهي ابنة بيئتها المتنورة التي لقيت الدعم من العائلة، وقد حالفها الحظ مرة أخرى حين وصلت إلى الجامعة في لحظة "المؤامرة الخطيرة جدًا والسرية" التي وصفها طه حسين حين كشف عن اتفاق مجموعة من الجامعيّين على "أن يخدعوا الحكومة وأن يختلسوا منها حقًا ولا يشاوروها فيه، وهو الإذن للفتيات بالتعليم العالي". قال صاحب "الأيام" ذلك أثناء تخريج القلماوي (مع ثلاث آخريات التحقن بعدها) من كلية الآداب.