الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الثقافة الجماهيرية.. نموذج تنويرى ولد من رحم ثورة يوليو أعاد توزيع الإبداع على المناطق المحرومة وخلق أجيالا من المبدعين

جمال عبد الناصر
جمال عبد الناصر

لم تكن ثورة 23 يولويو 1952 مجرد ثورة لتغيير اوضاع سياسية فقط ، وإنما كانت ثورة أحدثت تغييرات جذرية فى المجتمع المصرى على كافة الاصعدة، فلم تتوقف تأثيراتها على المستويات السياسية فقط ولكنها امتدت أيضا إلى الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والثقافية أيضا، وخاصة الثقافية التى نالت اهتماما خاصا من ابطال ثورة يوليو للنهوض بثقافة المجتمع ووعيه .


 وكان اكبر دليل على هذا الاهتمام الشديد من الثورة بالجوانب الثقافية فى المجتمع المصرى ظهور  أول وزارة للثقافة في تاريخ مصر عقب الثورة ، لتعمل على صياغة الرؤى وتحقق الاهداف التى سعت لها الثورة فى نشر الثقافة فى ربوع مصر وعدم حكرها على فئات معينة فى المجتمع، ومع هذه الرؤى بدأت تتبلور وتتجسد فكرة الثقافة الجماهيرية لنشر الثقافة فى القرى والنجوع والمناطق النائية التى لم تنل نصيبها من الثقافة لتكون نبراسا يضىء بالثقافة لأبناء هذه المناطق المحرومة من الجرعات الثقافية المناسبة ، والتى تطورت فى مسماها فى عصرنا الحالى لـ "قصور الثقافة" . 


اقرأ أيضا || في ذكرى ثورة 23 يوليو.. متحف جمال عبد الناصر يخلد مسيرة القائد العربي


 بدأت قصة إنشاء أول وزارة ثقافة بعد ثورة 23 يوليو  عام 1958 عندما قرر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر إنشاء وزارة تعنى بشئون الثقافة ، كان على رأسها الراحل ثروت عكاشة، أول وزير للثقافة والإرشاد القومي ويعد أشهر من تولوا حقيبة الثقافة في تاريخ مصر، حيث تولى هذه المسئولية لفترتين تعتبران من أهم فترات النهضة الثقافية ، الأولى من عام 1958 إلى عام 1962 ، والثانية من عام 1966 حتى عام 1970 ، وفي هاتين الفترتين استطاع ثروت عكاشة أن يحدث تغييرا جذريا في المشهد الثقافي في مصر ، أدى إلى نهضة ثقافية حقيقية سواء على المستوى الفكري أو على مستوى البناء ، حيث يراه الكثيرون ، الشخصية الثقافية الأولى في مصر ، كان اسمه يتردد صداه على امتداد الوطن العربي ، وفي عواصم الثقافة في أوروبا ، وفي أروقة اليونسكو .


 شهدت هذه الفترة إرساء البنية التحتية للثقافة وإنشاء كثير من الهيئات التي عملت على إثراء الحياة الثقافية والفنية إلى يومنا هذا مثل المجلس الأعلى للثقافة ، وهو المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب آنذاك ، والهيئة العامة للكتاب ، ودار الكتب والوثائق القومية ، والتي كانت تحوي في ذاك الوقت نحو نصف مليون مجلد من الكتب والمخطوطات القيمة ، للمحافظة على التراث المصري بداخله ، وتأسيس فرق دار الأوبرا المختلفة مثل أوركسترا القاهرة السيمفوني وفرق الموسيقي العربية ، والسيرك القومي ومسرح العرائس ، والاهتمام بدور النشر ، حيث تم تأسيس المكتبة الثقافية ، والتي كانت النبتة الأساسية لمشروع مكتبة الأسرة ، حيث تقدم الكتب بأثمان زهيدة لتصبح في متناول الجميع والثقافة الجماهيرية التى انشئت لنشر الثقافة والوعى فى القرى والنجوع .


 تعتبر  الثقافة الجماهيرية المعروفة حاليا بالهيئة العامة لقصور الثقافة إحدى المؤسسات الثقافية ذات الدور البارز في تقديم الخدمات الثقافية والفنية . وهي هيئة مصرية تهدف إلى المشاركة في رفع المستوى الثقافي وتوجيه الوعي القومي للجماهير في مجالات السينما والمسرح والموسيقى والآداب والفنون الشعبية والتشكيلية وفي نشاط الطفل والمرأة والشباب وخدمات المكتبات في المحافظات ، وقد أنشئت في بادئ الأمر تحت مسمي الجامعة الشعبية عام 1945 ، ثم تغير اسمها في سنة 1965 إلي الثقافة الجماهيرية . والثقافة الجماهيرية فى منتصف الستينيات كانت تطرح مشروع الكتاب الأول لتشجيع الكتاب المبتدئين على النشر على حساب الثقافة الجماهيرية ، وفى تلك الفترة عملت الهيئة على نشر الاستنارة الفكرية ، وتحقيق وعي ثقافي شامل لكل طبقات المجتمع ، وتحويل مسار الفنون للشارع المصري ، بدلا من اقتصارها على الطبقة الأرستقراطية المثقفة ، في جميع أقاليم القطر المصري ، لكي تؤدي دورها الفعال تجاه جموع الشعب في كل مكان حتى للبسطاء منه.


 وفي عام 1989 صدر القرار الجمهوري لتتحول إلي هيئة عامة ذات طبيعة خاصة وأصبح اسمها الهيئة العامة لقصور الثقافة .. تقوم حاليا بالعمل على نشر الثقافة والتنوير فى ربوع الوطن بإعمال آليات العدالة الثقافية من خلال قصور الثقافة المنتشرة فى ربوع مصر (580 موقعا ثقافيا) ، والنزول بالثقافة الجماهيرية إلى الشارع المصرى ، حتى تصل لكل فئات الشعب لزيادة التوعية وتنمية المجتمع .