جاء قرار الحكومة التركية، بتحويل متحف آيا صوفيا إلى مسجد كاشفًا مدى إصرار نظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، على إحياء الإمبراطورية العثمانية، وبعث أسوأ ما فيها من ممارسات.
ونقلت إذاعة "فويس أوف أميركا" الأمريكية عن مدير برنامج الحقوق وبناء السلام بجامعة كولومبيا الأمريكية ديفيد فيليبس ، أن "أردوغان يرى نفسه خليفة للمسلمين، لكنه يمارس سياسة توسعية خارج تركيا".
وأضاف فيليبس "تحت ذريعة مكافحة الإرهاب، هاجم أردوغان الأكراد في سوريا والعراق، واستخدم جيشه لتوسيع نفوذ تركيا في ليبيا".
وأوضحت الإذاعة أن الجيش التركي يتمدد خارج حدوده للمرة الأولى منذ سقوط الدولة العثمانية قبل قرن من الزمان، وفي كل مكان من سوريا المدمرة إلى المنطقة الكردية في شمال العراق، ومن قطر الغنية بالنفط إلى الدول الفقيرة في شرق وغرب إفريقيا، ومن البلقان إلى ليبيا، هناك بصمة واضحة للوجود العسكري التركي.
وقال المفكر والكاتب التركي سونر كاجابتاي: "يمكن القول إن أردوغان لديه إمبراطورية مصغرة، إنها ليست بالضبط الإمبراطورية التي يعتقد أنه سيبنيها لأنها بالتأكيد ليست إمبراطورية شرق أوسطية، وليست إمبراطورية تحظى بدعم الغرب".
وأضافت الإذاعة أن بعض الأطراف المحلية تستدعي التدخل العسكري التركي لتستقوي به إذا ما أوشكت على السقوط أمام قوى منافسة، كما هو الحال مع حكومة الوفاق الليبية في طرابلس، لكن تركيا تتمدد عسكريًا على كل حال تبعًا لمصالحها وبغض النظر عن ترحيب حكومات أو أطراف محلية من عدمه، وكثيرًا ما تفسر المصالح التجارية دخول الجيش التركي ساحة ما، لعل أهمها وأبرزها ليبيا الغنية بثروة هائلة من النفط.
وتتهم جماعات حقوقية تركيا ووكلاءها، بارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في كل من سوريا والعراق، تحت ذريعة القضاء على تهديد حزب العمال الكردستاني التركي وحلفائه داخل الحدود السورية والعراقية.
وأدانت كل من الحكومتين العراقية والسورية التدخلات التركية، واعتبرتها انتهاكات لسيادتها، ولكن بغض النظر عن اعتراضهما، تقول تركيا إنها لا تعتزم سحب قواتها من العراق وسوريا في أي وقت قريب. وفي شمال العراق، تستثمر الشركات التركية بشكل كبير في قطاعات النفط والبنوك والبناء.
وفي عام 2015، أنشأت تركيا قاعدة عسكرية في قطر، وهي أول قاعدة من نوعها في الشرق الأوسط منذ انهيار الإمبراطورية العثمانية، وبعد مقاطعة الدول العربية الداعية لمكافحة الإرهاب، مصر والسعودية والإمارات والبحرين، لقطر عام 2017 أرسلت أنقرة المزيد من القوات إلى قطر، مستغلة خوف الأخيرة من أي عمل عربي موجه ضد دعمها لتنظيمات إرهابية، والذي كان السبب الرئيسي لقرار المقاطعة العربية.
ومع أن نظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ليس العامل الوحيد المزعزع للاستقرار في الشرق الأوسط والبحر المتوسط، فقد أصبح من الواضح تمامًا أن أردوغان يتبع مسارًا سيؤدي لا محالة إلى حروب إقليمية، ولا يتورع عن التلاعب بحلف شمال الأطلسي (الناتو) من خلال اتخاذ خيارات لا رجعة فيها تدفع الأمور إلى حافة هاوية خطيرة، وفق ما رأى موقع "أحوال" التركي.
وأضاف الموقع أنه بفضل تغاضي الإدارة الأمريكية المحير عن استفزازاته الإقليمية والدولية، وغياب الإجماع والحسم لدى الاتحاد الأوروبي، استطاع نظام أردوغان استغلال هذه التناقضات للبقاء في ظروف كان يمكن أن تدمره مائة مرة في ظروف تاريخية أخرى.