الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

تركيا حليف الناتو العاق.. أردوغان وسياسة تحويل الأصدقاء إلى أعداء.. هل تنضم أمريكا إلى القائمة.. الاقتصاد التركي في دور الجاني والمجني عليه

صدى البلد

  • ميركل تنفجر في وجه أردوغان وتهدده بشكل مباشر
  • تركيا أصبحت قطعة غير مناسبة لـ بازل الناتو
  • شعبوي قومي داخليا أصم انتهازي خارجيا.. سياسة أردوغان باختصار


أصبحت سياسات نظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مثار مخاوف عالمية بسبب دورها في تأجيج الصراعات وخلف حالة دائمة من عدم الاستقرار في شتى بقاع الأرض، مستغلة بذلك كونها عضوا في حلف شمال الأطلسي "الناتو" والمصالح المشتركة مع عدد من القوى العالمية الكبرى، لكن ما يستقو به أردوغان في طريقه أن يكون بمثابة الحبل الذي يلتف حول عنق نظامه.


نشر موقع "ذا نتيربريتر" التابع لمركز أبحاث "لوي إنستيتيوت" الأسترالي تقريرا بعنوان "تركيا ليست لاعب فريق"، بمعنى أنها ليست بالحليف الجيد أو بالحليف الجيد ضمن مجموعة من الدول في إشارة لأزماتها داخل الناتو.


يقول التقرير إن تركيا أصبحت بشكل متزايد جزءا من لعبة "بازل" الناتو الذي لا يناسبها، أي أنها قطعة لا يمكنها الانسجام به، وأن العلامة التجارية الساسية لأردوغان من الشعبوية والقومية التركية جعلته مثار انتقادات من معظم أعضاء الناتو من حين لآخر.


باتت خطط تركيا للانضمام إلى الاتحاد الأورووبي تبدو وكأنها ذكرى بعيدة بشكل متزايد، حيث كان انتقاد أنشطة أنقرة من قبل خلفائها الأوروبية حول مجموعة من القضايا ثابتا نسبيا.


في عام 2017، على سبيل المثال، رفض الهولنديون السماح لوزير الخارجية التركي بالهبوط في البلاد وطردت وزيرا تركيا، حيث كان كلاهما يحاولان التعامل مع مسيرات بشأن الاستفتاء التركي على توسيع السلطات الرئاسية.


أغلقت النمسا عددا من المساجد التي تمولها تركيا وطردت العديد من الأئمة الأتراك الذين تدعي أنهم كانوا يستوردون المثُل القومية التركية.


لكن في المجال الأمني، ​​لم تضع التحركات السياسية أردوغان على خلاف مع شركائه الآخرين في الناتو فحسب، بل زادت أيضًا من احتمالات حدوث صدع أكثر خطورة.


كان هناك العام الماضي شراء تركيا نظام الصواريخ المضادة للطائرات S-400 الروسي والذي أسفر عن حظر أمريكي لأنقرة من مبيعات الجيل القادم من مقاتلات F-35.


وقالت واشنطن في ذلك الحين إن الطائرات المخصصة لتركيا ستشتريها القوات الجوية الأمريكية بدلًا من ذلك.

وفي العام الماضي وضع الاتحاد الأوروبي أيضًا حدًا لمبيعات الأسلحة إلى تركيا بعد التوغل العسكري لأنقرة في شمال سوريا.


لكن النزاع الليبي المعقد بشكل متزايد والنزاع المنفصل ولكن المرتبط أيضا باحتياطيات الغاز في شرق البحر المتوسط ​​هو الذي يفاقم التوترات.


تدعم فرنسا، وهي عضو عسكري رئيسي في حلف شمال الأطلسي، إلى جانب عدد من الزملاء الغريبين مثل روسيا والإمارات العربية المتحدة، قوات الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، بينما تدعم تركيا حكومة الوفاق.


تزود تركيا ميليشيات الوفاق بالمرتزقة السوريين كجزء من مغامرتها الليبية، ومع صعود حكومة الوفاق الوطني الآن، هناك خطر بتصاعد الصراع وبأن يصبح أكثر تعقيدًا بموافقة البرلمان المصري الأسبوع الماضي على نشر قوات خارج البلاد لتأمين حدودها الغربية إذا لزم الأمر.


استخدمت تركيا أيضًا تحالفها مع الوفاق للتوقيع على مذكرة تفاهم للحدود البحرية في نوفمبر 2019 والتي تم تصنيفها على أنها "غير قانونية" و"غير منطقية" وتسببت في حالة من الغضب في مصر واليونان وإسرائيل ولبنان.


تعتبر هذه الدول الأخرى تركيا مفسدًا في الاندفاع لتطوير الاحتياطيات الغنية بالغاز في شرق البحر الأبيض المتوسط​​، وذلك باستخدام سيطرتها على جمهورية شمال قبرص التركية (غير المعترف بها دوليًا) ومذكرة التفاهم كمبرر لأفعالها.


وبالتالي، فإن تصرفات تركيا تضعها على خلاف مع شركاء الناتو الآخرين - وخاصة فرنسا. تصاعدت التوترات بين فرنسا وتركيا منذ شهور، وفي يناير من هذا العام وعدت فرنسا بتقديم دعم بحري لمساعدة اليونان في مواجهة مع تركيا في شرق البحر الأبيض المتوسط. لكن في الشهر الماضي، وقع أخطر حادث بين البلدين عندما سعت سفينة فرنسية كانت جزءًا من مهمة بحرية تابعة للناتو في البحر المتوسط ​​لتفتيش سفينة مسجلة في تنزانيا تعتقد أنها كانت تهرب أسلحة إلى ليبيا.


كانت ترافقها سفن تابعة للبحرية التركية، التي أعلنت أن السفينة كانت تحمل إمدادات إنسانية، والتي ادعى الفرنسيون أنها حذرتها بشدة من سفينتها. تم تبادل الإهانات العلنية وإجراء تحقيق في الناتو، ولم يتم الكشف عن نتائجه.


لقد أكسب خطاب أردوغان وأعماله القومية المتطرفة إياه عددًا قليلًا من الأصدقاء، والقرار الأخير بإعادة فتح آيا صوفيا في اسطنبول كمسجد بعد أكثر من 80 عامًا كان خلالها متحفا، جعل حتى البابا يقول إنه "تألم بشدة" بسبب هذه الخطوة.


لكن أردوغان هو في صميمه وغريزتة سياسي محلي ولا يبالي  بما تعتقده الدول أو القادة الآخرون. وهو أيضًا انتهازي على صعيد السياسة الخارجية، ومع ذلك، وبالنظر إلى إدارة مشتتة وغير فعالة في واشنطن، فقد سعى إلى تعزيز مصالح تركيا الإقليمية مع مراعاة القليل من مصالح شركائه في الناتو، معتبرا أنهم بحاجة إليه أكثر مما يحتاج إليهم، ولكن ينبغي عليه أن يتوقع المزيد من التراجع من إدارة بايدن، التي ستكون متعددة الأطراف بشكل غريزي وأكثر استعدادًا لرفض سياسات أنقرة الخارجية الأحادية، وذلك في حال فوز جو بايدن في انتخابات الرئاسة الأمريكية.


كنائب للرئيس، اختبر بايدن أسلوب قيادة أردوغان، بما في ذلك تعرضه للتنكيل عندما زار تركيا في عام 2016. لكن في تغريدة العام الماضي، انتقد بايدن نهج ترامب تجاه التدخل التركي في سوريا في تغريدة:"أولا، أعطى ترامب الضوء الأخضر لأردوغان لتطهير الأكراد عرقيا وهم الذين ساعدونا في هزيمة داعش.


الآن يرحب بأردوغان بأذرع مفتوحة وصفقات محببة، من الصعب تجنب الاستنتاج بأن مصالح ترامب الشخصية، وليس مصالح الولايات المتحدة، تقود سياسته مرة أخرى.


إذا كانت التغريدات تمثل أي مؤشر على النية السياسية - وفي هذه الأيام يبدو أنها الوسيلة المفضلة لإعلان السياسات - فقد تجد تركيا صعوبة في إدراك طموحاتها الإقليمية إذا كان هناك تغيير في الموقف تجاه وحدة التحالف من إدارة جديدة في واشنطن.


وبخلاف هذا التقرير، بدا أن أردوغان تسبب في خلاف مع ألمانيا ممثلة في المستشارة أنجيلا ميركل، التي بدا أنها ضاقت ذرعا بتحركات أردوغان المتهورة وخاصة على صعيد الأزمة مع اليونان، كما أوضحته الجولة الأخيرة من التوتر، التي أظهرت أيضا أن العقوبات ليست ببعيدة عن كاهل أنقرة.


وذكرت صحيفة "جريك سيتي" اليونانية، أن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل حذرت الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من التصعيد مع اليونان في شرق المتوسط، قائلة: "اليونانيون لا يمزحون بشأن الدفاع عن مياههم الإقليمية".


وقالت الصحيفة، إن كل شيء يتكشف فيما يتعلق بالدور الذي لعبته ألمانيا في مواجهة التطورات الأخيرة بين تركيا واليونان، بحسب مذيع "أوبن تي في" في ألمانيا، إن تدخل برلين كان السبب الحقيقي وراء اتخاذ تركيا قرارها بعد تحريك سفينة التنقيب من مكانها وعدم توجهها للتنقيب في المياه الإقليمية اليونانية.


 وأضافت أنه يبدو أن المستشار الألمانية لعبت دورا مهما، حيث أبلغت الرئيس التركي خلال مكالمة هاتفية - "أن اليونانيين لا يمزحون".


 وأكدت ميركل لأردوغان أن "تركيا ستواجه العديد من المشاكل، ليس فقط مع اليونان، ولكن مع أوروبا كلها، إذا استمرت في التحديات وأن العواقب ستكون شديدة للغاية"، قبل ذلك بقليل، كانت تحدثت إلى رئيس الوزراء اليوناني، كيرياكوس ميتسوتاكيس.


وتابعت أن ميركل قالت لأردوغان إنه في الوقت الذي يراها الجميع داعمة له، فإنه في المقابل يصعد العدوان في بحر إيجة وشرق البحر المتوسط قائلة: "أنت تكشفني".


واختتمت ميركل بأن أوضحت لأردوغان أن الأمر متروك له إذا أنهى هذا الموقف الاستفزازي تجاه اليونان والسماح لتركيا بالاندماج في حوار مع أوروبا، وإلا، مثل هذا الشيء سيكون من المستحيل والنقاش الوحيد الذي سيبدأ داخل الاتحاد الأوروبي تحت الرئاسة الألمانية سيكون حول العقوبات ضد أنقرة.


من ناحية أخرى، تضر سياسات أردوغان السياسية وكذلك الاقتصادية الشمولية بالاقتصاد التركي، فالعلاقة بين سياسات والاقتصاد تشبه الدائرة، حيث تسبب سياساته الاقتصادية مشاكل اقتصادية وهروب للمستثمرين، كما تسبب سياساته الخارجية أزمات اقتصادية بشأن الانفاق وربما العقوبات المحتلمة، ومشاكل الاقتصاد تدفعه إلى تصعيد تدخلاته في الدول للحصول على غنائم سواء نفطية أو الحصول على صك بإعادة الإعمار فيما بعد أو بالهيمنة على الاقتصاد أو غيرها.


 وقالت وكالة "ستاندرد آند بورز" الأمريكية للتصنيف الائتماني إن الاختلالات في الاقتصاد التركي ربما تعود للظهور من جديد مع بدء تعافي النشاط بعد توقفه بسبب وباء فيروس كورونا.


وقالت وكالة "أناضول" التركية الرسمية إن ارتفاع الطلب على القروض وتسارع التضخم وظهور ثغرات أكبر في الحساب الجاري يعني أن الاقتصاد التركي قد لا يكون على أرضية صلبة.


وأضافت: "على الرغم من أننا نتوقع أن يتعافى النمو الاقتصادي في النصف الثاني من العام، إلا أن هناك علامات على عدم التوازن السابق في الظهور، بما في ذلك الوتيرة السريعة لنمو الائتمان، والتضخم المكون من رقمين، وتوسع عجز الحساب الجاري في الأشهر الأخيرة".


تسارع التضخم في تركيا إلى 12.6 في المائة في يونيو، بعيدًا عن تقديرات البنك المركزي البالغة 7.4 في المائة بنهاية العام، حيث سعت السلطات إلى تحفيز طلب المستهلكين بقروض رخيصة من البنوك التي تديرها الدولة.


تعمل إجراءات التحفيز على تأجيج الطلب على الواردات، في حين أن نمو الصادرات يتراجع بسبب تراجع الطلب في أوروبا، أكبر سوق في تركيا.


وقالت "ستاندرد آند بورز" إن صافي أرصدة الديون الحكومية سيظل متواضعا عند 35 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول نهاية هذا العام، حتى بعد مراعاة الآثار المترتبة على جائحة كورونا في الميزانية. وقالت وكالة التصنيف إنها تتوقع نموًا اقتصاديًا سنويًا بنسبة 3.5 بالمائة في المتوسط ​​في عامي 2022 و2023.


وفي تقرير يوم السبت، قالت الوكالة إن تركيا غير جديرة بالاستثمار، مع جدارة ائتمانية أقل من متوسطة.


وحددت الوكالة الدولية التصنيف الائتماني طويل الأجل لتركيا بالقطع الأجنبي عند "B+" والذي يعني جدارة ائتمانية أقل من متوسطة، وبالعملة المحلية عند "BB-" والذي يعني أنها غير جديرة بالاستثمار.


وبيّنت الوكالة الدولية أن هناك إشارات تدل على أن الاختلالات السابقة قد عادت للظهور مجددًا، بما في ذلك الزيادة السريعة لنمو القروض، ومعدلات التضخم المكونة من رقمين، واتساع عجز الحساب الجاري في الأشهر الأخيرة.


ولفت البيان إلى أنه من المتوقع أن ينكمش الاقتصاد التركي بنسبة 3.3% بسبب تداعيات كورونا، مشيرًا كذلك إلى أنه من المنتظر أن يتعافى النمو الاقتصادي خلال النصف الثاني من العام الجاري.


وتوقعت "ستاندز أند بورز" تسجيل معدلات تضخم هذا العام 10.6%، وفي 2021 ستبلغ 9.4%، وأن تسجل البطالة هذا العام 14.3%، و12.4% العام المقبل.


وبحسب هيئة الإحصاء، بلغت معدلات البطالة في تركيا 12.8، وارتفعت معدلات التضخم في تركيا إلى 11.7% في يونيو الماضي، بعدما كانت 11.3% في مايو الماضي.


وتوقعت الوكالة أن تدفع جائحة فيروس كورورنا الاقتصاد التركي إلى الركود، وترفع من عجز الموازنة إلى ما يقرب من 5% من الناتج المحلي الإجمالي.