الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أفضل وقت لأداء صلاة الاستخارة ودعاؤها وكيفيتها ونتيجتها

أفضل وقت لأداء صلاة
أفضل وقت لأداء صلاة الاستخارة ودعاؤها وكيفيتها ونتيجتها

أفضل وقت لأداء صلاة الاستخارة سؤال محل بحث الكثيرين على مواقع الانترنت، فقد يطرأ على الشخص العديد من الأمور والأعمال في حياته، مثل اختيار مهنة أو اختيار تخصص، أو دراسة، أو اختيار شريك حياة، أو شراء سياة، أو أي أمر آخر، وقد يصعب عليه اتخاذ القرار المناسب، ومعرفة ما إذ كان هذا الشيء سيعود عليه بالخير  أم لا، ومن هنا تأتي أفضل وقت لأداء صلاة الاستخارة وفائدتها، ففيها استعانة بالله -تعالى-، وطلب العون منه سبحانه وتعالى في اتخاذ القرار المناسب. 
 ‏
وصلاة الاستخارة مستحبة للإنسان في حال جد عليه أمر من أمور الدنيا مما يباح له فعله، أما الأمور الواجبة فلا استخارة فيها، أو الأمور المندوبة، لأن الإنسان مأمور بفعلها، ولا استخارة في الأمور المحرّمة كذلك أو المكروهة، لأن الإنسان مأمور بتركهما دون أن يستخير، ‏ووهي  لا تختلف عن كل أنواع الصلوات الأخرى، من حيث شروطها، وأركانها، وواجباتها، ومستحباتها، إلا أن لها أحكامًا خاصةً بها،

أفضل وقت لأداء صلاة الاستخارة:

أفضل وقت لصلاة الاستخارة، الثلث الأخير من الليل وقبل صلاة الفجر؛ لما روى عن أبي هريرة - رضى الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: «يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ يَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ، مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ» رواه البخاري (1145)، ومسلم (758).

و يمكن للإنسان أن يصلي صلاة الاستخارة في أي وقت شاء، شرط أن يبتعد عن الأوقات المكروهة للصلاة، وهي: بعد صلاة العصر إلى صلاة المغرب، وبعد صلاة الفجر إلى طلوع الشمس، وقبل الظهر بمقدار ربع ساعة تقريبًا، والذي يعتبر وقت زوال الشمس. 
 ‏
‏وذلك لا يشمل الحالات التي يضطر فيها الإنسان أن يصلي الاستخارة بحيث لا يمكنه تأجيلها، فله أن يصليها ثم بعد أن يصلي الركعتين يدعو الله -عز وجل - بدعاء الاستخارة، ويمكن له أن يدعو قبل أن يسلم من الركعتين.

دعاء صلاة الاستخارة:

عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه قال-:" كان النبيُّ - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم - يُعَلِّمُنا الاستخارةَ في الأمورِ كلِّها، كالسّورةِ من القرآنِ : إذا هَمَّ أحدُكم بالأمرِ فليركَعْ ركعتينِ، ثمّ يقولُ: اللهم إنّي أستخيرُك بعِلمِك، وأستقدِرُك بقدرتِك، وأسألُك من فضلِك العظيمِ، فإنّك تقدِرُ ولا أقدِرُ، وتَعْلَمُ ولا أَعْلَمُ، وأنت علَّامُ الغُيوبِ، اللهم إنْ كنتَ تَعْلَمُ أنَّ هذا الأمرَ خيرٌ لي في دِيني، ومَعاشي، وعاقبةِ أمري - أو قال : في عاجلِ أمري وآجِلِه - فاقدُرْه لي، وإن كنتَ تَعْلَمُ أنَّ هذا الأمرَ شرٌّ لي في ديِني ومَعاشي وعاقبةِ أمري - أو قال : في عاجِلِ أمري وآجِلِه - فاصرِفْه عني واصرِفْني عنه، واقدُرْ ليَ الخيرَ حيثُ كان، ثم رَضِّني بِه، ويُسَمِّي حاجَتَه "، رواه البخاري.

والمستفاد من هذا الدعاء لجابر -رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علم الصحابة -رضوان الله عليهم- أن يستخيروا في جميع أمرهم، وليس فقط للأمور الكبيرة والمُعسرة. 
و في حديث ابن مسعود - رضي الله عنه- عن عبد الله قال:" علمنا رسول الله الاستخارة، قال:" إذا أراد أحدكم أمرًا فليقل: اللهم إنّي أستخيرك بعلمك فذكره، ولم يقل: العظيم، وقدّم قوله: وتعلم على قوله: وتقدر، وقال: فإن كان هذا الذي أريد خيرًا في ديني، وعاقبة أمري فيسّره لي، وإن كان غير ذلك خيرًا لي فاقدر لي الخير حيث كان، يقول: ثمّ يعزم "، أخرجه الطبراني. وعن سعد بن أبي وقّاص رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:" من سعادة ابن آدم استخارته الله، ومن سعادة ابن آدم رضاه بما قضاه الله، ومن شقوة ابن آدم تركه استخارة الله، ومن شقوة ابن آدم سخطه بما قضى الله -عز وجل-"، أخرجه الترمذي، وأحمد، والحاكم.

 ‏مشروعية صلاة الاستخارة: 
 ‏
شرع الله -سبحانه وتعالى- صلاة الاستخارة للمسلمين، وذلك لما فيهما من التوكل على الله- سبحانه وتعالى- وتفويض جميع الأمور إليه، والرضا والتسليم بقدره وقضائه -عز وجل- فإذا هم المسلم بأمر وأراد أن يعزم عليه بعد استشارة الناس الثقات، فإنه يستخير، ‏ومن العلماء من يستقبح الاستخارة قبل الاستشارة، وذلك لأن الإنسان إذا استخار الله -عز وجل- فلا يستشير أحدًا بعده، ولذلك فإن الاستخارة تكون في آخر الأمر. 
 ‏
‏ويدعم هذا الكلام قوله - صلى الله عليه وسلم:" إذا هم أحدكم بالأمر "، أي: أن يكون عنده الاهتمام، ومعنى ذلك: أنه قد وجد من مشورة الناس ومن حديث النفس ما يجعله يتردد، ولكن هذا لا يعني عدم صحة الاستخارة إذا تقدمت على استشارة الناس. 


 ‏
 دلالة قبول الاستخارة:
 ‏
 ‏تعد الاستخارة دعاءً كسائر الأدعية التي يدعو بها المسلم، وقد تحتمل إجابتها أحد الأمور الثلاثة، وهي ما ذكره النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله:" مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ وَلَا قَطِيعَةُ رَحِمٍ، إِلَّا أَعْطَاهُ اللهُ بِهَا إِحْدَى ثَلَاثٍ: إِمَّا أَنْ تُعَجَّلَ لَهُ دَعْوَتُهُ، وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ، وَإِمَّا أَنْ يَصْرِفَ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَهَا. قَالُوا: إِذًا نُكْثِرُ، قَالَ: اللهُ أَكْثَرُ "، رواه الإمام أحمد. 
 ‏
‏فعندما يسأل الإنسان الله - عز وجل- أمرًا ما، وأراد الله أن يجيب له دعوته في الحياة الدنيا، فإنه إما أن يشرح صدر الإنسان لأحد الأمور التي استخار الله -  عز وجل- فيها، فيجد في نفسه راحةً واطمئنانًا إليها، وإما أن حيرته لا تنتهي باستخارته، ويبقى في شك من أمره، وبالتالي عليه أن يقيس الأمور، ويستشير أصحاب الخبرة، حتى يستقر على أمر ما. 
 ‏
 ‏و يمكن للمسلم أن يكرر صلاة الاستخارة، فقد ورد في الموسوعة الفقهية:" قال الحنفية والمالكية والشافعية: ينبغي أن يكرر المستخير الاستخارة بالصلاة والدعاء سبع مرات، لما روى ابن السني عن أنس - رضى الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: يا أنس؛ إذا هممت بأمر فاستخر ربك فيه سبع مرات، ثم انظر إلى الذي يسبق إلى قلبك فإن الخير فيه.

 ويؤخذ من أقوال الفقهاء أن تكرار الاستخارة يكون عند عدم ظهور شيء للمستخير، فإذا ظهر له ما ينشرح به صدره لم يكن هناك ما يدعو إلى التكرار، وصرح الشافعية بأنه إذا لم يظهر له شيء بعد السّابعة استخار أكثر من ذلك، أما الحنابلة فلم نجد لهم رأيًا في تكرار الاستخارة في كتبهم التي تحت أيدينا رغم كثرتها ". 

كيفية صلاة الاستخارة:

يلجأ المسلم لصلاة الاستخارة عندما تُعرض له في الحياة أمورًا يحتار فيها، ويريد الأفضل والبصيرة فيها، كالسفر، أو الزواج، أو الإقدام على وظيفة، أو شراء منزل أو سيارة، وغير ذلك من الأمور، فيدعو الله تعالى، ويتضرّع إليه، ويسأله أن يختار له الخير، والأفضل أن يجمع بين الاستخارة والاستشارة، قال تعالى: (وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ).
 ‏
و‏قال  الإمام النووي- رحمه الله-: "والاستخارة مع الله، والمشاورة مع أهل الرأي والصلاح، وذلك أن الإنسان عنده قصور أو تقصير، والإنسان خلق ضعيفًا، فقد تشكل عليه الأمور، وقد يتردد فيها فماذا يصنع؟".
 ‏
 ‏وكيفية صلاة الاستخارة وردت في حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حيث قال: (إذَا هَمَّ أحَدُكُمْ بالأمْرِ، فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِن غيرِ الفَرِيضَةِ، ثُمَّ لِيَقُلْ: اللَّهُمَّ إنِّي أسْتَخِيرُكَ بعِلْمِكَ وأَسْتَقْدِرُكَ بقُدْرَتِكَ، وأَسْأَلُكَ مِن فَضْلِكَ العَظِيمِ، فإنَّكَ تَقْدِرُ ولَا أقْدِرُ، وتَعْلَمُ ولَا أعْلَمُ، وأَنْتَ عَلَّامُ الغُيُوبِ، اللَّهُمَّ إنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أنَّ هذا الأمْرَ خَيْرٌ لي في دِينِي ومعاشِي وعَاقِبَةِ أمْرِي -أوْ قالَ عَاجِلِ أمْرِي وآجِلِهِ- فَاقْدُرْهُ لي ويَسِّرْهُ لِي، ثُمَّ بَارِكْ لي فِيهِ، وإنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أنَّ هذا الأمْرَ شَرٌّ لي في دِينِي ومعاشِي وعَاقِبَةِ أمْرِي -أوْ قالَ في عَاجِلِ أمْرِي وآجِلِهِ- فَاصْرِفْهُ عَنِّي واصْرِفْنِي عنْه، واقْدُرْ لي الخَيْرَ حَيْثُ كَانَ، ثُمَّ أرْضِنِي قالَ: "وَيُسَمِّي حَاجَتَهُ")،
 ‏
 ‏
وفيما يأتي بيان كيفية صلاة الاستخارة بالتفصيل:
 ‏
1. الوضوء كوضوء الصلاة.
 ‏
2.‏ النية لصلاة الاستخارة، فلا يقبل العمل بغير نية.
 ‏
3. صلاة ركعتين، ويُقرأ في الركعة الأولى بعد الفاتحة سورة الكافرون، ويُقرأ بالركعة الثانية سورة الإخلاص.
 ‏
4. التسليم في نهاية الصلاة. 

5. الدعاء، بحيث يبدأ المستخير بالثناء على الله -سبحانه- وحمده، ويصلي على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأفضل صيغ الصلاة على النبي هي الصلاة الإبراهيمية التي تُقال بتشهد الصلاة.
 ‏
6. قراءة دعاء الاستخارة الوارد في الحديث السابق ذكره، فإذا وصل لقول "اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ" يسمّي حاجته، كأن يقول: اللهم إن كنت تعلم أن زواجي من فلانة بنت فلان، أو سفري إلى هذا البلد، أو غير ذلك، ثم يكمل دعاءه ويقول "خَيْرٌ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي.."، فإذا وصل إلى الشق الثاني من الدعاء فقال: "وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ"، يفعل نفس الشيء ويسمي حاجته ثم يكمل قوله: "شَرٌّ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي.."، إلى آخر الدعاء.
 ‏
 7. الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-، والأفضل كذلك الصلاة الإبراهيمية. 
 ‏
8. ‏التوكل على الله -تعالى- حق التوكل، والمضي في الأمر والسعي فيه، وليس شرطًا أن يرى رؤية أو منامًا كما يظن الكثير من الناس، بل يسعى الإنسان في ذلك الأمر متوكّلا على الله إلى آخر ما يصل إليه. 

نتيجة صلاة الاستخارة:

ورد في نتيجة صلاة الاستخارة سؤالين إلى دار الإفتاء المصرية، أولاهما: "صليت استخارة ولم أرَ شيئًا.. فما أفعل الآن؟"  سؤال أجابت عنه دار الإفتاء المصرية، عبر فيديو مسجل على قناتها الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي « فيسبوك».


وقال الدكتور محمود شلبي، أمين الفتوى بدار الإفتاء، إن نتيجة الاستخارة تكون بعدد من الأمور، أولًا: إما رؤية تبشر بخير أو شر كخضرة أو نار، ثانيًا: ارتياح نفسي للأمر أو انقباض منه،  ثالثًا: تجد الأمور متيسرة أو توجد عقبات.

وتابع أمين الفتوى بالإفتاء: رابعًا: إن لم تجد أي نتيجة تعيد الصلاة، خامسًا: إن لم تظهر أي نتيجة يعد إعادة الصلاة تختار بمطلق إرداتك الأفضل.   

وثانيهما:  "ماذا أفعل إذا لم يظهر شيء بعد صلاة الاستخارة عدة مرات ؟".. سؤال أجاب عنه الدكتور مجدي عاشور، مستشار مفتي الجمهورية، وذلك خلال فيديو منشور له. 

وأجاب عاشور، قائلًا: إن الاستخارة دعاء لله بتيسير العسير وتقدير الخير وصرف الشر، ويظن البعض بعد تكرارها أكثر من مرة أنه سيرى رؤية في المنام وفيها ما يريد ولكن هذا اعتقاد خاطئ.

وأضاف المستشار العلمي لمفتى الجمهورية: فإذا وجد الإنسان ما استخار عليه ربه ميسرا والأبواب مفتوحة فإن فيه الخير إن شاء الله، وان رأى غير ذلك ووجد فيه عسرا فينصرف عن هذا الأمر، وليعلم الجميع ان التيسير والعسر في الأمر هو نتيجة الاستخارة .

أهمية صلاة الاستخارة:
 ‏
- الاستخارة توكل على الله -عز وجل،- واليقين بحسن اختياره للعبد، والاستقسام بقدرته وعلمه، ولا يذوق حلاوة الإيمان إلا من رضي بالله ربًا، ومن لوازمه الرضا والقناعة بما يختار، فذاك طعم السعادة الحقيقة للمؤمن، ولصلاة الاستخارة أهمية عظيمة، وفيما يأتي بيانها:
 ‏
 ‏
-التعلق بالله تعالى، وإظهار الحاجة والافتقار إليه -سبحانه-.
 ‏
 ‏-التوكل على الله -عز وجل-، والاستعانة به، وتفويض كل الأمر إليه. 
 ‏
- ‏التوفيق في الاختيار، والنجاح والفلاح بالأمر، فمن سأل ودعا الله -تعالى- بصدق وإخلاص؛ أعطاه وأكرمه واختار له الخير.
 ‏
 ‏
 -القناعة والرضا بما قسمه الله -عز وجل-، وهي من أعظم الفضائل التي تحصل في قلب العبد، حيث نجده لا يندم على اختياره لأنه فوض أمره للكريم، وتيقّن أن الله -تعالى- لا يختار له إلا الخير، وأن كل شيء يحدث هو لحكمة يريدها الله، فيرضى العبد ويطمئن. 
 ‏
 -‏ تضمن الدعاء لمعاني قيمة وسامية منها: إظهار عجز العبد وحاجته إلى الله القوي القادر، والإقرار بوجود الله -عز وجل- وبأسمائه وصفاته الكاملة المطلقة، واللجوء إلى الله والاستعانة به والإقرار بربوبيّته. 
 ‏
- ‏السعادة؛ فالعبد يتوكّل على الله حق التوكّل في الأمر الذي يريد الاستخارة له، ثم يرضى بما اختاره الله -تعالى- له، أما الشقاء يكون إذا ترك العبد التوكّل والاستخارة، وسخط بما قدّره الله -تعالى- عليه.