الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

مفتي الجمهورية: الهجرة النبوية كانت بداية حجر الأساس لدولة الإسلام.. أحداثها دليل على التخطيط والأخذ بالأسباب.. وأستاذ بالأزهر يوضح سبل إصلاح واقع الأمة

الدكتور شوقي علام،
الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية

  • مفتي الجمهورية:
  • الهجرة النبوية كانت بداية وضع حجر الأساس لدولة الإسلام
  • أحداثها دليل على التخطيط والأخذ بالأسباب
  • وأستاذ بالأزهر يوضح سبل إصلاح واقع الأمة


هاجر النبي المصطفى- صلى الله عليه وسلم- من مكة إلى المدينة قبل ألف وأربعمائة عامًا -تزيد قليلًا- ، حيث كان موطن الكبت والقهر والظلم والحصار إلى موطن الحرية والعدالة والمساواة والعز والتمكين، وكان ذلك بصحبة الصديق -رضى الله عنه- وكانت هناك الكثير من العبر والدروس المستفادة من هجرته، والتي أوضحتها عدد من الشخصيات والمؤسسات الدينية الرسمية كما نبرزها في التقرير التالي.


وأكد الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، أن الهجرة النبوية الشريفة تمثل حدثًا تاريخيًّا فارقًا في تاريخ الإسلام، ونقلة مهمة انتقل بها المسلمون من الضعف إلى القوة، ومن الظلم والاستبداد إلى العدل والمساواة، وانطلقت بموجبها الدعوة إلى رحاب واسعة يذكر فيها اسم الله تعالى.


وقال المفتي، في كلمته بمناسبة بدء العام الهجري الجديد ١٤٤٢ هجريًّا، إن الهجرة كانت البداية لوضع حجر الأساس لدولة الإسلام التي ترسخ مبادئ الوسطية والتسامح وسيادة القانون والارتقاء بالمعاني الإنسانية والقيم الروحية، ووضعت الإنسان في مقدمة الاهتمامات.


وأضاف مفتي الجمهورية أن رحلة الهجرة النبوية من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة لم تكن تركًا للوطن وتضييعًا له، إنما كانت في واقع الأمر حفاظًا عليه وضمانًا له، حتى وإن بدا الأمر في صورة الترك والإعراض؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم عاد إليها بعد بضع سنين عزيزًا منيع القوة دون أن يستطيع أحد ممن تربص به ولاحقه أن يدنو إليه بسوء، بل إنها كانت ميلادًا لدولة الإسلام ونصرًا لدعوة النبي صلى الله عليه وسلم.


وأشار إلى أنه ينبغى لنا أن نجعل العام الهجري الجديد، بداية جديدة لمرحلة جديدة في حياتنا، نبدؤها كما بدأها رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة بعد الهجرة، بعيدًا عن الخلافات وأهلها في مكة.


وتابع: "لتكن لنا في ذكرى هجرة النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة موعظة حسنة، من المؤاخاة التي عقدها الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بين المهاجرين والأنصار في المدينة المنورة، حيث آخى بينهم حتى اقتسموا المهنة والمسكن ولقمة العيش معًا، وعاشوا متعاونين مع الأنصار من أهل المدينة".




كما أكدت دار الإفتاء المصرية أن الهجرة النبوية تمثل حدثًا فريدًا في تاريخ البشرية يتجاوز حدود الزمان والمكان، فقد احتوت الهجرة النبوية على المعاني الإيمانية والإنسانية العظيمة ومظاهر الرحمة الإلهية.



وأوضحت الدار في فيديو موشن جرافيك أنتجته وحدة الرسوم المتحركة بها أن أحداث الهجرة النبوية المشرفة أكدت أهمية حسن الظن بالله والتوكل عليه وتجريد الإخلاص له سبحانه، وإظهار أهمية التخطيط والأخذ بالأسباب وعدم إهمال السنن الكونية في تحقيق الأهداف.


وأضافت الدار أن الهجرة النبوية أرشدتنا إلى أهمية هجرة المعاصي، ومخالفة الهوى، وترك  العادات المذمومة، والعمل على تقوية إرادة الإنسان وعزيمته.


ولفتت في فيديو الرسوم المتحركة إلى أن الهجرة النبوية أظهرت منزلة حب الوطن وألم مفارقته، وأنتجت قيم العمل والمثابرة والتعاون والتآخي والصبر لبناء المجتمع، والتعايش والمحبة مع الآخر واحترام العقائد.


واختتمت الدار الفيديو برسالة وجهتها إلى جموع المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها فالت فيها: "فلنجعل من ذكرى هجرة النبي - صلى الله عليه وسلم- نموذجًا إيمانيًّا للارتقاء والقرب من الله وتطهير النفس وبناء الأوطان".




من جانبه، كشف الدكتور محمد محمد مهنا، الأستاذ بجامعة الأزهر مستشار شيخ الأزهر السابق ورئيس مجلس أمناء البيت المحمدي، عن واقع ما تعيشه الأمة الإسلامية في ذكرى احتفالها بالعام الهجري الجديد واضعا الحلول للعودة إلى مسارها الطبيعي.


وقال «مهنا»، عبر صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك، إن أكثر المسلمين لا يكادون يذكرون التاريخ الهجري، ولا يدرون أي أعوامه يعيشون، فضلًا عن شهوره أو أيامه، في الوقت الذي نحيي فيه تاريخ غيرنا، قديمه وحديثه، حقه وباطله، صراعاته ومؤامراته، أنظمته وسياساته، لحظة بلحظة ويومًا بيوم وشهرًا بشهر وعامًا بعام وقرنًا بقرن وألفا بألف،  فالحقيقة التى لا يستطيع أن يماري فيها أحد أن التاريخ الإسلامي قد توقف عن سيره الطبيعي، وانحرفت الأمة عن مسارها الحضاري، وتخلت عن رسالتها السماوية، وتغربت عن أصولها الحضارية، وتناءت عن تراثها الأصيل، وباتت تعيش منذ قرون وهي تتنفس هواء الآخرين وتنظر بعيون الآخرين وتسمع بآذان الآخرين وتتكلم بلسان الآخرين وتفكر بعقول الآخرين، وتحيا بقلوب الآخرين، ويالها من غربة!


وأضاف أن سر الهجرة النبوية يكمن في تأسيس دولة الإسلام، وحضارة الإسلام وأمة الإسلام، لقد بدأ التاريخ الإسلامي سيره، يوم أن دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ليقيم أول دولة من نوعها في التاريخ، فتشرق شموسها على الأكوان، وتنحسر بها جحافل الظلام وتنهزم بقوة الحق بها جيوش الباطل، وتتقهقر جحافل الشر على كثرة عددها وعتادها أمام حقائق الإيمان، ويدخل الناس فى دين الله أفواجًا، وتشرق أنوار التوحيد على البشرية جمعاء، ويعم الخير والعدل والبركة فى كل مكان، وتسمو الإنسانية إلى علياء السماء.


وأكد أنه لم يكن أساس البناء في هذه الدولة الجديدة شيئًا آخر غير الإنسان، غير الفرد المؤمن الصالح المؤثر لآخرته على دنياه، المستعلي بروحه على سلطان المادة وبريق الفناء، المؤمن بأن الدنيا خلقت له ولم يُخلق هو إلا لله، وإنها سُخرت له ولم يستعبد هو لغير مولاه، فكان راضيًا على كل حال، فإن كان فقيرًا فهو الفقير القانع، وإن كان غنيًا فهو الغني الشاكر لمولاه، وإن كان تاجرًا فهو التاجر الأمين المتوكل على مولاه، وإن كان سيدًا فهو الرفيق المتواضع في جميع الأحوال، وإن كان عاملًا فهو العامل المخلص المجد، وإن كان صاحب عمل فهو الرفيق السخي الكريم، وإن كان أجيرًا فهو القوي الأمين، وإن كان قاضيًا فهو القاضي العادل الخائف الوجل من قضاء قاضي القضاة، وإن كان وزيرًا فهو الوزير الناصح المخلص، وإن كان رئيسًا فهو التقي النقي الخادم البر الأمين الرحيم، الصادق لقومه، فالرائد لا يكذب أهله كما قال النبي صلى الله عليه وسلم.


واستكمل: "هكذا كان تأسيس مجتمع المدينة المنورة، فالمجتمع فرد مكرر على حد تعبير الإمام محمد زكي إبراهيم إن صلح الفرد صلح المجتمع وإن صلح المجتمع صلحت الأمة، وبصلاح الأمة تصلح الدولة، وبصلاح الدولة يصلح العالم كله، فقد انتقل مع هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المجتمع الجديد قناعة الفقير، وسخاء الغني، وصدق التاجر، وتواضع السيد، واخلاص العامل، ورفق صاحب العمل، وأمانة الأجير، وعدل القاضي، ونصح الوزير وتقى الرئيس، فالمجتمع المسلم مجتمع يحكمه الحب والتعاطف، ولبناته الصدق والإخلاص والتقى والخشية، والرضا والتسليم، والصفاء والوفاء، والتزكية والتصفية، والإخاء والإثار، والأمانة والتعفف، والجد والإجتهاد، والنصح والمواساة، والسخاء والكرم، والعدل والحكمة، والتواضع والرحمة والقناعة والرضا".


ووضع الحلول موضحا: "تلك هي المعاني التى تراءت لى فى مناسبة العام الهجري الجديد، من أجل ذلك؛ فلا خلاص إلا بالعودة إلى الروحانية الإسلامية  "..كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ" [آل عمران: 79]، فليس الإنسانية هي هذه الصور التافهة التالفة الفانية، إنما هي حقائق فوق عقول الغفاة، هي السر الإلهي الذي سخر الله له الأكوان والعوالم، هي الأرواح الصافية النقية، وآثارها الطبيعية في عالم الخير والجمال والرحمة والنور والحب والسلام والتقدم والإنتاج والحكمة والتسامي والإيمان والعلم والمعرفة واليقين، وتلك هي دعوة العشيرة المحمدية، دعوة البيت المحمدي، دعوة التصوف الراشد، ولا بد أن تكون قضية كل فرد فى هذه الأمة دون استثناء وكل الناس وكل الأجهزة والهيئات والحكومات".



ودعا مفتي الجمهورية المصريين جميعًا في بداية العام الهجري الجديد إلى أن يرفعوا رايات المحبة والتعاون فيما بينهم حتى يستطيعوا مواجهة التحديات والمخاطر واستئصال جذور التيارات والتنظيمات الإرهابية المتطرفة.


واختتم مفتي الجمهورية كلمته بالدعاء أن يوفق الله تعالى المصريين إلى ما فيه خير وطنهم، متمنيًا أن يكون العام الهجرى الجديد عام الخير والأمان والاستقرار لوطننا الغالي مصر.