الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

مبادرة طيبة أم مناورة خبيثة.. ماذا يحمل بيان وقف إطلاق النار في ليبيا؟

وقف إطلاق النار في
وقف إطلاق النار في ليبيا

"مبادرة أم مناورة".. في بيان مفاجئ له اليوم الجمعة، أعلن المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبية، وقفا فوريا لإطلاق النار وتعليق كل العمليات العسكرية في كافة الأراضي الليبية، نزع السلاح من مدينة سرت الاستراتيجية في مبادرة يدعمها البرلمان المنافس في الشرق.


قد يمثل هذا التطور انفراجة في أعقاب الضغط الدولي وسط مخاوف متزايدة من تصعيد جديد في الحرب الفوضوية بالوكالة مع حشد الأطراف المتنافسة لمعركة حول سرت، حيث تخضع بوابة الموانئ الرئيسية لتصدير النفط في ليبيا لسيطرة القوات المسلحة الليبية بقيادة المشير خليفة حفتر.


لم تكن هذه الفوضى بالجديدة، حيث غرقت ليبيا في حالة من الفوضى عندما أطاحت انتفاضة دعمها حلف شمال الأطلسي في عام 2011 بالرئيس الراحل معمر القذافي الذي قُتل في وقت لاحق، ومنذ ذلك الحين انقسمت البلاد بين إدارتين متنافستين، الحكومة الوطنية في الشرق وحكومة الوفاق في الغرب، تحظى الأولى الشرعية بدعم القوات المسلحة الليبية بقيادة حفتر، فضلا عن دعم مصر.


فيما حظيت حكومة الوفاق بدعم مليشيات عسكرية مسلحة بجانب الدعم التركي القطري، الذي ظهر على الساحة الليبية مؤخرا للسيطرة على ثروات النفط مقابل مساندة الوفاق في التوغل في ليبيا وضرب الحكومة الوطنية بجانب الضغط على مصر بضرب أمنها القومي وحدودها المشتركة مع ليبيا. 


وبتشجيع من الدعم التركي، تعهدت القوات المتحالفة مع طرابلس باستعادة سرت ومنطقة الجفرة، التي تضم قاعدة عسكرية داخلية حيوية، من قوات حفتر ، مما دفع مصر إلى التهديد بإرسال قوات إلى ليبيا، لدعم الحكومة الشرعية في ليبيا وحماية الأمن القومي المصري الليبي. 


تفاقمت الفوضى في الدولة الغنية بالنفط في الأشهر الأخيرة مع تدخل الداعمين الأجانب بشكل متزايد ، على الرغم من التعهدات بخلاف ذلك في قمة سلام رفيعة المستوى في برلين في وقت سابق من هذا العام، حيث يقاتل آلاف المرتزقة بمن فيهم الروس والسوريون والسودانيون على جانبي الصراع.


نجحت مصر في الحفاظ على خطها الأحمر في ليبيا، حيث لم يجرؤ أردوغان ومرتزقته على تخطي هذا الخط والتقدم في سرت والجفرة، كما نجحت في دعم ليبيا ضد التدخل التركي والوصول إلى حل سلمي ليبي ليبي للأزمة.


تبلور هذا النجاح على أرض الواقع، اليوم عندما قال رئيس حكومة الوفاق الوطني في طرابلس، فايز السراج ، إن "تحقيق وقف إطلاق نار فعال يتطلب نزع السلاح من منطقتي سرت والجفرة ، وأن تتفق قوات الشرطة من الجانبين على الترتيبات الأمنية هناك".


في بيان منفصل، أيده عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب المنافس الذي يتخذ من الشرق مقرًا له، اقتراح السراج بنزع السلاح، وهي فكرة طرحتها الولايات المتحدة في وقت سابق من هذا الشهر كحل وسط لمنع التصعيد في أكثر من 9 سنوات" الصراع القديم".


وقال صالح إن "وقف إطلاق النار يسد الطريق أمام التدخلات العسكرية الأجنبية وينتهي بطرد المرتزقة وحل الميليشيات من أجل تحقيق السيادة الوطنية الشاملة"، كما دعا السراج إلى إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية في مارس المقبل وفق "قاعدة دستورية يتفق عليها الليبيون".


ودعا رئيس مجلس النواب صالح، إلى أن تكون مدينة سرت مقرًا مؤقتًا للحكومة الجديدة، حيث قال كل من السراج وصالح إنهما يريدان إنهاء الحصار النفطي الذي يفرضه معسكر المشير خليفة حفتر منذ أوائل هذا العام -حفتر حليف لرئيس البرلمان- كما طالبوا بتدفق عائدات النفط ، المصدر الرئيسي لإيرادات البلاد ، إلى الحساب المصرفي للمؤسسة الوطنية للنفط خارج ليبيا.


وحثت المؤسسة الوطنية للنفط على إبقاء عائدات النفط "مجمدة لحين التوصل إلى اتفاق سياسي شامل".


وقالت في بيان "الشفافية الكاملة والحوكمة الفعالة مطلوبة وكذلك عودة الإدارة الأمنية للمنشآت النفطية إلى السيطرة الحصرية للمؤسسة الوطنية للنفط".


من جانبه، عدد اللواء كمال عامر، رئيس لجنة الدفاع بالبرلمان، مكاسب قرار وقف إطلاق النار في ليبيا، موضحا أن القرار يساهم في تحقيق وحدة وتماسك الشعبي الليبي ووقف الاقتتال على أراضيه، الحفاظ على السيادة الوطنية الليبية الكاملة، فضلا عن دعم الأمن القومي المصري الليبي وإنهاء التدخل التركي.


وأضاف عامر في تصريحات لـ"صدى البلد"، أن القرار يساهم أيضا في استغلال الثورات البترولية في ليبيا، حيث لن يتم التفريط في إيرادات النفط إلا بعد التوصل إلى ترتيبات سياسية جامعة، بجانب حل الأزمة الليبية وإنهاء الفوضى داخلها سلميا، على أن يتم -وفقا للقرار- إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في مارس المقبل.


فيما أعرب اللواء تامر الشهاوي الخبير الاستراتيجي، عن تخوفه من البيان المفاجئ، موضحا: "بدون خروج المرتزقة وتفكيك الميليشيات ووقف التدخل الخارجى سأعتبر هذا البيان مناورة من الوفاق وداعميها الأتراك لكسب الوقت والتمهيد للسيطرة على المجلس الرئاسى والبرلمان الجديد لقطع الطريق على فكرة الخلاف السياسي الداخلي فى ليبيا".


واستطرد الشهاوي في تصريحات لـ"صدى البلد": "لذا فأنا أرى أنه من المهم أن تخضع انتخابات مارس المقبل لإشراف أممي أفريقى ومراقبة دولية وهنا يكون الرهان الحقيقى على الشعب الليبي".