الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

د. محمد عبد العزيز مشعل يكتب: الدروس العقدية في يوم عاشوراء

صدى البلد

تحل علينا ذكرى تاريخية دينية ألا وهي يوم عاشوراء، وهو اليوم الذي نجا الله فيه موسى عليه السلام وهلك عدوه، والمتأمل لتلك الحادثة يجد فيها الكثير من الدروس والملامح العقدية نحاول الإشارة إليها فيما يلي:


التوكل على الله عز وجل:                

التوكل عمل قلبي وهو أن يكون اعتمادك على الله عز وجل مع الأخذ بالأسباب الممكنة، يقول ابن عباس رضي الله عنه: "التوكل هو الثقة بالله، وصدق التوكل أن تثق في الله وفيما عند الله، فإنه أعظم وأبقى مما لديك في دنياك"، وهذا الملمح العقدي نجده في قصة موسى عليه السلام يوم عاشوراء حين حاصره فرعون، وكان البحر من أمامه والعدو من خلفه، هنا وفي تلك اللحظة أيقن بنو إسرائيل الهلاك، إلا أن موسى عليه السلام طمأنهم وكله ثقة وإيمان في ربه بتوكله عليه حق التوكل، قال تعالى: ﴿فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ • قَالَ كَلا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾ [الشعراء 61:62].


العقيدة والتوحيد أساس العمل:

حين قدم المصطفى صلى الله عليه وسلم المدينة وجد اليهود يحتفلون ويصومون يوم عاشوراء، إلا أن حبيبنا صلى الله عليه وسلم قال لهم: "نحن أحق بموسى منكم" وقال لأصحابه: "نحن أولى بموسى منهم" وهنا نلاحظ أن النبي صلى الله عليه وسلم بنى أحقيتنا وأولويتنا بموسى عليه السلام على العقيدة والتوحيد لا على مجرد ادعاء الانتساب إليه.


وهذه الأحقية والأولوية – عند المسلمين- للإيمان بالله الواحد، فالدين واحد والرسالات والشرائع متعددة، قال تعالى: ﴿إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ﴾ [البقرة 19]، وقال صلى الله عليه وسلم: (إنا معاشر الأنبياء ديننا واحد)، كما أن الأحقية والأولوية أيضًا للإيمان بجميع الرسل، قال تعالى: ﴿إآمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ ۚ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ﴾ [البقرة 285]، وقال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ أُولَٰئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا ﴾ [النساء 152].


ولمّا كان الأمر كذلك فالمسلم بحق هو الذي يفرح ويسعد بنجاة موسى عليه السلام في هذا اليوم، ويشكر الله عز وجل على ذلك.


قدرة الله عز وجل وأنه – سبحانه- لا يعجزه شيء:

في تلك الحادثة ونجاة موسى ومن معه وهلاك عدوه ومن معه ملمح عقدي على قدرة الله عز وجل التي لا تحد، فالأمور كلها بيد الله -جل وعلا- ﴿ لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ ﴾ [الشورى 12]، وفي هذا يقول الفخر الرازي: (إنه لا عز في الدنيا أكمل مما كان لفرعون ولا شدة أشد مما كانت ببني إسرائيل، ثم إن الله تعالى في لحظة واحدة جعل العزيز ذليلا والذليل عزيزا، وذلك يوجب انقطاع القلب عن علائق الدنيا والإقبال بالكلية على خدمة الخالق والتوكل عليه في كل الأمور).


النجاة والنصر عاقبة الموحدين:

النجاة والنصر للموحدين والهلاك والهزيمة لأهل الباطلملمح جلي في حادثة يوم عاشوراء، وذلك بنجاة موسى عليه السلام وغرق أعدائه، وهذه من سنن الله عز وجل نصرة للتوحيد وأهله، قال تعالى: ﴿إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ﴾ [غافر52].


وفي يوم عاشوراء لم يكن النصر والنجاة فقط للمؤمنين الموحدين بل جعل الله هلاك عدوهم أمام أعينهم، فقد عاينوا ما وقع لعدوهم، قال تعالى: ﴿ وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ ﴾ [البقرة 50].