الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

لعيون حزب الله.. ماكرون يكيل بمكيالين في أمر لبنان.. التهديد بقطع المساعدات عقاب للشعب وليس السياسيين.. والتسامح مع الإرهاب وعملاء إيران خطأ فادح

الرئيس الفرنسي إيمانويل
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون

السياسة الفرنسية تحظى بالتقدير في العالم العربي بفضل مواقفها المعتدلة
تناقض صارخ بين تهديد ماكرون للسياسيين اللبنانيين وتبريره لأفعال حزب الله
الرئيس الفرنسي يقدم ضمانات واهية وغير واقعية للإصلاح إلى الشعب اللبناني
ماكرون كان يجب أن يلوح بالعقوبات على الأثرياء المتنفذين في لبنان


لطالما حظيت السياسة الخارجية الفرنسية بالتقدير والاحترام في العالم العربي، بفضل سجل حافل بالمواقف المعتدلة والمتسقة، والاعتقاد الراسخ بأن جميع الاختلافات يمكن تسويتها عن طريق الحوار، وأن استخدام القوة يجب أن يبقى الملاذ الأخير فقط.

وبحسب صحيفة "عرب نيوز" السعودية الصادرة بالإنجليزية، لم ينحرف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون كثيرًا عن هذا الخط المميز للسياسة الفرنسية، وفي حين يستحق ماكرون الثناء على اهتمامه الحقيقي وقراره السريع بمساعدة لبنان في أحلك أوقاته بعد انفجار مرفأ بيروت، يبدو أنه تلقى معلومات خاطئة أو لم يوفق في قراءة المشهد في لبنان قراءة دقيقة وسليمة.




وأوضحت الصحيفة أن ماكرون أدلى بتصريحات حول حزب الله الموالي لإيران، خلال زيارته الأخير إلى لبنان التي ختمها صباح اليوم، قال فيها إن "حزب الله يمثل جزءًا من الشعب اللبناني وهو حزب منتخب".

وأضاف ماكرون: "اليوم هناك شراكة بين حزب الله وبين عدة أطراف أخرى، وإذا كنا لا نريد أن ينحدر لبنان إلى نموذج يسود فيه الإرهاب على حساب الأمور الأخرى، فعلينا توعية حزب الله والجهات الأخرى بمسئولياتهم".


وعلقت الصحيفة بالقول إن رجلًا فرنسيًا مثل ماكرون لا يحتاج إلى تذكير بأن الحزب النازي كان "جزءًا من الشعب الألماني" وحزبًا سياسيًا منتخبًا، متسائلة عن الكيفية التي يقترحها الرئيس الفرنسي لتوعية حزب يعرف أن لديه جناحًا عسكريًا إرهابيًا، وشبهت الأمر بمطالبة مدرس بتأديب طالب سيئ السلوك يأتي إلى الصف بمسدس.


وتابعت الصحيفة أن مثل هذه التصريحات والمواقف غير المنطقية، بما في ذلك الدعم الفرنسي للاتفاق النووي الإيراني، تدفع المرء إلى التساؤل عما إذا كان مستشارو ماكرون لشئون الشرق الأوسط هم الذين يحتاجون إلى التوعية بشأن تاريخ المنطقة وحقائقها.


ونقلت الصحيفة عن السياسي اللبناني نديم الجميل تعليقه على تويتر بالقول: هل تقبل يا سيادة الرئيس أن يحمل حزب فرنسي السلاح ويتدخل عسكريًا في دولة أوروبية أو أن يعلن الحرب على دول حليفة لفرنسا؟


وأضافت الصحيفة أن أحدًا لم يبذل جهده لاستيعاب حزب الله في السياسة اللبنانية أكثر من رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري، وكانت مكافأته على ذلك أن اغتيل على يد رجل وصمته المحكمة الدولية الخاصة بلبنان بأنه قيادي بالجناح العسكري لحزب الله، ذلك الجناح الذي سيطر بالقوة على العاصمة بيروت عام 2008 عندما شرعت الحكومة في تفكيك شبكة اتصالاته الخاصة.


وقال ماكرون " لا تطلبوا من فرنسا أن تشن حربًا على قوة سياسية لبنانية. سيكون ذلك عبثيًا ومجنونًا"، وهو بالطبع على حق، فلا أحد يتوقع من فرنسا - أو أي دولة أخرى - أن تنزل جنودها على الأرض اللبنانية، أو تشن حربًا لا تستطيع الانتصار فيها دون المزيد من التدمير لبلد على شفا الانهيار.


لكن ما يتطلع إليه اللبنانيون العاديون ليس الحرب، وإنما الإصلاح الشامل للنظام السياسي بأكمله، وهذا يقتضي "التخلص من القديم"، بمن في ذلك نبيه بري رئيس مجلس النواب منذ عام 1992، والرئيس ميشال عون الذي تحالف مع حزب الله لضمان الفوز بالرئاسة، ويقتضي قبل كل شيء التخلص من حزب الله نفسه.


ولا شك في أن ماكرون بذل جهودًا كبيرة ولديه نوايا حسنة، لكن تصريحاته تركت غصة في حلوق الكثير من اللبنانيين والمؤمنين بالدبلوماسية الفرنسية.


لقد وصف ماكرون نفسه في خطابه الأخير بأنه "عملي وبراجماتي"، ولا مشكلة في ذلك، لكن إذا كانت إزاحة الطبقة السياسية الحالية بأكملها مطلبًا غير واقعي، فإن أضعف الإيمان هو مطالبة حزب الله علنًا بالتخلي عن سلاحه وحل جناحه الإرهابي، أما توقع تصديق اللبنانيين لأي تعهد قدمه أي سياسي إلى ماكرون بينما لا يزال لحزب الله اليد العليا (والمسلحة) فهو توقع ينطوي على سذاجة.


وبالنسبة لضمانات التغيير والإصلاح التي حاول ماكرون تسويقها، فيبدو أنه يعتقد أن حجب المساعدات المقدمة للبنان في مؤتمر المانحين بباريس عام 2018 سيكون كافيًا لردع السياسيين، على أن ذلك سيكون عقابًا للشعب اللبناني وليس للسياسيين.


وختمت الصحيفة بالقول إنه كان من الأجدى أن يلوح ماكرون بعقوبات على طبقة الأثرياء الذين سئم الشعب اللبناني من رؤيتهم يفلتون من العقاب مرارًا وتكرارًا، لكن الرئيس الفرنسي اختلط عليه الأمر وأساء توزيع العصا والجزرة.