الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ماكرون يطرح خطته لمواجهة التطرف.. مشروع قانون يقضي على طموحات الإسلام السياسي.. وانقسام بين مسلمي فرنسا

الرئيس الفرنسي إيمانويل
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون

  • ماكرون يطرح مشروع قانون لمواجهة التطرف باسم الإسلام
  • سيطرة تامة على دور العبادة وإشراف كامل على تمويل الجمعيات الدينية
  •  قانون ماكرون يثير مخاوف لدى مسلمي فرنسا

قدم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون،  خلال خطاب وصف بـ"الجرئ" مشروع قانون حول التصدي للنزعة الانفصالية الإسلامية في فرنسا، متحدثا عن سعي المتطرفين من خلال سيطرتهم على بعض الأحياء لإقامة نظام مواز، وإنكار قيم الجمهورية العلمانية.

وشدد ماكرون خلال حديثه من مدينة لي ميرو الفرنسية، التي خرج منها بعض المتطرفين المنضمين للتنظيمات الإرهابية في سوريا والعراق، على ضرورة وجود صحوة جمهورية لاستعادة السيطرة في وجه الانفصالية.

وبدأ ماكرون العمل على المشروع منذ فبراير الماضي، لكن تم تأجيله بسبب جائحة كورونا "كوفيد-19"، ومن المقرر أن يطرح القانون للمناقشة في مجلس الوزراء في التاسع من ديسمبر المقبل.

تطرق الرئيس الفرنسي  في حديثه إلى الجمعيات والمدارس الموجودة في فرنسا وتقوم بتدريس المناهج الدينية وتمنع الاختلاط، فضلا عن تلقي تمويلات من الخارج قد تمثل تهديدا، للمجتمع الفرنسي.

وبشكل عام، دافع ماكرون عن نفسه مؤكدا أن مشروع القانون يستهدف "الإسلام الراديكالي" وليس المسلمين والإسلام.

وأوضح أن مشروع القانون الذي سيعرض على الحكومة في التاسع من ديسمبر، يهدف لتعزيز المبادئ الجمهورية العلمانية، في مواجهة التطرف.

وينص القانون على خضوع الجمعيات الإسلامية الفرنسية للمراقبة، واحترام مبادئ العلمانية، فضلا عن تعزيز الرقابة على تمويلات دور العبادة.

ومن بين التدابير المتخدة، سيتم إجبار أي جمعية دينية تطلب مساعدة من الدولة التوقيع على ميثاق للعلمانية، وكشف الرئيس الفرنسي عن رقابة مشددة على المدارس الأجنبية الدينية الخاصة، مع العمل على الحد من التعليم المنزلي.

ويرى ماكرون أن القانون الجديد سيعمل على منع سيطرة المتطرفين على المساجد، مع تنفيذ قرار منع جلب معلمي اللغة العربية من الخارج من دول مثل تركيا والمغرب والجزائر، داعيا إلى تنظيم التمويل الخارجي للجمعيات الإسلامية في فرنسا.

وأكد الرئيس الشاب العمل مع المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية على تكوين أئمة فرنسيين يعملون على نشر الإسلام التنويري في البلاد، كاشفا عن تخصيص 10 مليون يورو لهذا الغرض، كما أعلن ماكرون رغبته في تحرير الإسلام داخل فرنسا من التأثيرات الأجنبية.

وفي السياق ذاته، اعترف ماكرون بوجود تقصير حكومي في بعض المناطق والأحياء مثل عدم توفير الخدمات والتعليم وفرص العمل، وهو ما استغله المتطرفون للتقرب من الفرنسيين ونشر فكرهم داخل المجتمع.

ويأتي الخطاب عقب أيام من هجوم طعن بالساطور قرب المقر السابق لصحيفة شارلي إيبدو الساخرة في باريس، حيث نفذ العملية شاب باكستاني وصنف الهجوم على أنه إرهابي.

وأثار مشروع القانون ردا فعلا مختلفا بين المسلمين في فرنسا، فبينما رحب محمد موسوي رئيس المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية بمحاربة من يرتكبون التطرف باسم الدين الإسلامى، ينتقد في الوقت ذاته اللغة المستخدمة.

ويقول موسوي في تصريحات لإذاعة "فرانس انفو" إنه لديه شعور بالأسف بشأن اللغة المستخدمة تجاه المسلمين، قائلا "عندما يتم الحديث عن المسيحية واليهودية يتم الأخذ في الاعتبار أنهما ديانتين وحضارتين.. وعندما نتحدث عن الإسلام نسمع شيئا آخر ونفهم شيئا آخر.. إنه أمر مؤلم لمسلمي فرنسا".

وأضاف أن مسلمي فرنسا هم مواطنون مثل غيرهم، ملتزمون بالدفاع عن رؤية الجمهورية وقيمها، ويجب احترامهم كمواطنين كاملي الحقوق، منتقدا ربط كلمة التطرف بالإسلام، دون الإشارة إلى كونهم مدعين.

واعتبر موسوي أن مشروع القانون قيد الإعداد من أولويات الطائفة المسلمة في فرنسا، مؤكدا أنها معركة المسلمين أنفسهم للحفاظ على دينهم من المتطرفين الذين يريدون بسط نفوذهم.

ويأتي خطاب ماكرون الذي أعلن خلاله تفاصيل مشروع القانون والذي يشمل زيادة الرقابة على تمويل المساجد والمدارس الدينية، عقب أيام من هجوم طعن إرهابي قرب المقر السابق لصحية شارلي إيبدو الساخرة.

فيما دافع وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانين عن القانون الجديد، قائلا إنه يهدف للوقوف أمام أعداء فرنسا من الإرهابيين، والجماعات التي تهدد النموذج الفرنسي لحرية التعبير والطريقة التي يتعايش بها المواطنين داخل المجتمع.

وقد يكون التشريع المرتقب هو أول خطوة عملية تجبر المؤسسات الدينية الإسلامية في فرنسا على التماشي مع القيم العلمانية في ذلك البلد.

وبحسب استطلاع سابق لمعهد "إيفوب" فإن 74% من المسلمين تحت سن الـ25 عاما، يؤمنون بعقيدتهم أكثر من قوانين الجمهورية الفرنسية، بينما يقول 42% من مسلمي فرنسا إنهم كانوا ضحايا لسلوك عنصري مرتبط بديانتهم.

بدوره، قال مانويل فالس رئيس وزراء فرنسا الأسبق إن الأمر الحقيقي هو المعركة ضد تيارات الإسلام السياسي المتمثلة في الإخوان والسلفيين.

في المقابل، يرى الكاتب السياسي ألكسندر ديل فالي أن مشروع القانون الجديد يساعد على تحجيم تلك الانفصالية المخفية وراء ستار الدين، مضيفا أن لا أحد يمنع المسلمين من الذهاب للمساجد، لكن الأمر يتعلق بحظر المشروع الشمولي الانفصالي.

وانتقد عمار لصفر رئيس اتحاد المنظمات الإسلامية، القانون الجديد، قائلا إن الإسلام أصبح "شماعة" للسياسيين للتقرب من ناخبيهم.

وأقر بوجود تصرفات متطرفة لدى بعض المسلمين الذين يرفضون الامتثال للقوانين، لكنه أكد أن الأمر لا ينطبق على جميع المسلمين الفرنسيين.

أما شمس الدين حفيظ عميد مسجد باريس، فأعلن مساندته لمشروع قانون ماكرون حال استهداف الطائفة المتطرفة التي تتوغل داخل الأحياء السكنية الضخمة التي تفتقر الخدمات المجتمعية والتعليمية.

وأثيرت في فرنسا قضايا عدة حول تعارض الممارسات الإسلامية مع القيم العلمانية الفرنسية، منها إشكاليات حول النقاب وارتداء الحجاب في بعض الأماكن، فضلا عن التمويل الخارجي للمساجد والمدارس الدينية، الذي ينتقده ماكرون بكل شراسة.