الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

منى قوت.. فتاة تحدت الصعاب بملابس الرجال.. بدأت رحلتها بحفر القبور وانتهت بطلوع النخيل.. شاهد

صبرية السباعي مع
صبرية السباعي مع مراسل صدى البلد

صعوبة وخطورة طلوع النخيل الذى احترفته منى قوت السباعي ابنة مركز قوص بـمحافظة قنا، ليست بأقل خطورة من مهنة حفر القبور التى عملت بها لفترة طويلة لوجه الله تعالى طمعًا فى الثواب دون انتظار أجر أو مقابل من أحد، رغم ظروفها المعيشية التى أقل ما توصف بأنها تحت خط الفقر.

صبرية السباعي، البالغة من العمر 42 عاما، أو كما تحب أن يناديها الأهالى بـ "منى قوت"، عاشت حياة قاسية مع والدتها و شقيقتيها المتزوجتين، دفعتها للعمل فى أى مجال أو مهنة تغنيها عن سؤال الناس، وتوفر لها و لأسرتها ما يعينهم على تلبية احتياجاتهم المعيشية ليكتمل يومهم بالنوم مستورين دون عشاء.

المهن القاسية التى احترفتها "منى قوت" خلال سنوات عمرها المريرة، كانت أهون بكثير من قساوة الأهل والظروف التى لم ترحمها كأنثى و تدفعها إلى تسلق أشجار النخيل المرتفعة للفوز بجنيهات معدودة بعد رحلة بين السماء والأرض وسط الأشواك، لكى تعود بهما إلى والدتها و بنات شقيقتها الأرملة التى تقطن معهم داخل غرفة لا تتعدى 10 أمتار مربعة فى بيت متواضع بقرية "الحلة".

عملها فى مهن يخشاها الكثير من الرجال دفعها إلى ارتداء ملابس ذكورية، لكى تظهر صلبة وقوية أمام أى أطماع قد تظهر فى عيون الطامعين من أنصاف الرجال، وحتى تقنع أصحاب الأعمال أن يستعينوا بها فى المهام التى تنفذها لكى تعود بحفنة جنيهات توفر بهم ما يسد جوعهم و يغنيهم عن سؤال القريب قبل الغريب.

احتراف "منى قوت" للكثير من الحرف و المهن القاسية وفى مقدمتها طلوع النخيل وحفر القبور، جعلها أيقونة تحدى و صمود داخل قريتها، والقرى المجاورة التى تعرفها جيدًا من كثرة طلوعها أشجار النخيل العالية، ومغامراتها الدائمة فى تسلق النخيل.

قساوة الظروف و صعوبة الحياة، لم تسرق البسمة و الضحكة من على وجه "منى قوت" رغم تضاريس الألم التى رسمت نفسها بقوة على وجهها الشاحب من كثرة التعب، فدائما الضحكة تسبق كلماتها " والحمد لله" لا تفارق شفتيها معتبرة أنها بظروفها الحالية أفضل من غيرها بكثير.

قالت "منى قوت"، أعمل فى طلوع النخيل منذ أن كان عمرى 7 أعوام، لكن فى البداية مجرد لعب و تسلق لأشجار النخيل التى أعيش وسطها مع والدتى التى تعمل هى الأخرى صنع "المقاطف" من خوص النخيل، لكن بعد فترة وجدت نفسى مضطرة إلى البحث عن عمل لمساعدة والدتى فى توفير وتدبير نفقاتنا اليومية، فبدأت فى طلوع النخيل وجنى البلح مقابل كمية من البلح فى البداية وبعدها مقابل أجر مادى.

و تابعت قوت، ومنذ هذا التاريخ و أنا أعمل فى جنى البلح، لكن طلوع النخيل له موسم محدد، بعد انتهاء هذا الموسم اضطر للعمل فى أى مجال آخر يوفر لى ولوالدتى وأبناء شقيقتى الأرملة ما يعيننا على تلبية نفقاتنا اليومية، فأحيانا أذهب بالغلال و أطحنها فى الطاحونة لأصحابها مقابل مبلغ، ومرات أخرى أعمل مع الرجال فى رفع أتربة ومخلفات زراعية.

واستطردت قوت، خلال فترة عملى بطلوع النخيل حدثت معى الكثير من المواقف، أكثرها ألمًا عندما سقطت بى النخلة و عانيت بشدة حتى تعافيت من قوة السقوط، ومرة أخرى سقطت من أعلى نخلة مرتفعة، لكن دائمًا كان الله معى يرعانى و يحمينى فهو أعلم بحالى و حال أسرتى التى تعتمد على بشكل كبير.

و أشارت قوت، إلى أنها تطلع النخيل ولا تعلم إن كانت سوف تنزل منها مرة أخرى أم لا، لكن همها الأكبر العودة إلى والدتها بما رزقها الله لكى تطمئن عليها قبل أن تنام، مضيفةً أنها تعمل فى حفر القبور منذ فترة طويلة لكنها لا تتقاضى أى أجر عن هذا العمل، معتبرة أنه زكاة عن صحتها.

و أنهت"منى قوت" حديثها قائلة: أتمنى مقابلة الرئيس السيسى، ليوفر لى مكان أنا و والدتى و شقيقتى و أبنائها بدلا من الغرفة الضيقة التى نعيش فيها سويًا، وكما يرفع لنا قيمة المعاش التى لا تكفى مصاريف الحياة اليومية والمدارس.

اقرأ أيضًا :