الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

جدلية السيادة والتبعية.. لماذا سيخون ماكرون صداقته مع ترامب وينحاز لـ بايدن؟

دونالد ترامب وإيمانويل
دونالد ترامب وإيمانويل ماكرون

يأمل معظم زعماء أوروبا فى فوز المرشح الديمقراطي لرئاسة الولايات المتحدة جو بايدن، ربما باستثناء حفنة صغيرة من الزعماء الشعبويين واليمينيين الأكثر ميلًا للرئيس الأمريكي دونالد ترامب.


وبحسب صحيفة "بوليتيكو" الأوروبية، يمكن رد تطلع زعماء أوروبا إلى فوز بايدن لرغبتهم في إعادة تطبيع العلاقات الأوروبية الأمريكية باتجاه التعاون والتحالف، بعدما ألحق بها ترامب ضررًا ملموسًا خلال فترة رئاسته الأولى من خلال سلسلة من الإجراءات مثل الانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ والضغط على الدول الأعضاء بحلف شمال الأطلسي لزيادة إنفاقها العسكري.

لكن بالنسبة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، فالحسابات أكثر تعقيدًا من هذه الاعتبارات، ففي حين قد يبعث فوز بايدن على التفاؤل بشأن ترميم العلاقات الأوروبية الأمريكية، من شأن فوز ترامب بولاية جديدة أن يعطي دفعة غير مباشرة لأجندة ماكرون الرامية إلى ممارسة أوروبا قدر أكبر من السيادة والاستقلال عن الولايات المتحدة.

وأوضحت الصحيفة أن ماكرون يدرك جيدًا أن فوز ترامب بولاية ثانية قد يدفع أوروبا للاستفاقة مما سماه هو "الموت الدماغي" المهيمن على العلاقات الحالية بين الناتو والبيت الأبيض، ويجبر الاتحاد الأوروبي على صياغة سياساته وطموحاته الجيوسياسية الخاصة، تحقيقًا لرؤية "أوروبا السيادية" التي يحلم بها ماكرون.

ونقلت الصحيفة عن دبلوماسي فرنسي متقاعد قوله "في بعض الأحيان أضبط نفسي متمنيًا فوز ترامب. إن فاز بايدن فستهرع حكومات أوروبية عائدة إلى المعسكر الأمريكي".

لكن يبدو أن عموم الجمهور الفرنسي يخالف هذا الرأي، حيث كشف استطلاع راي حديث أن 84% من الفرنسيين المتابعين للسياسة الأمريكية يفضلون فوز بايدن.

ووفقًا لمصادر مطلعة في قصر الإليزيه، فقد انتهى ماكرون أيضًا إلى الموقف ذاته؛ ففوز بايدن قد يحمل من الفوائد لأوروبا ما يفوق زخم الاستقلالية والسيادة الذي قد تقدمه ولاية رئاسية ثانية لـ ترامب.

وأوضحت الصحيفة أن تفضيل ماكرون لفوز بايدن يرجع في جزء منه إلى دوافع شخصية؛ فالرئيس الفرنسي استثمر الكثير في علاقته بترامب، وترجم ذلك في مشاهد مثل العشاء الذي جمعهما في برج إيفل، وتخصيص مقعد ضيف شرف لترامب في احتفالات يوم الباستيل عام 2017، وعرض ماكرون التوسط لترتيب لقاء بين ترامب والرئيس الإيراني حسن روحاني، لكن بات واضحًا أن تودد ماكرون لترامب كان بلا جدوى، ولم يعد الرئيس الفرنسي يامل بلعب دور بوابة عودة ترامب إلى التقارب مع القارة العجوز.

وهناك سبب آخر يرجح تفضيل ماكرون لفوز بايدن، وهو أن فوز ترامب من شأنه إعطاء دفعة إضافية لقوى اليمين الشعبوي التي لم تخفت اعتراضاتها على سياسات ماكرون سوى بسبب إجراءات الإغلاق المفروضة نتيجة انتشار فيروس كورونا وخلال الشهور الأخيرة فحسب، والتي يمكن أن تشتعل مجددًا مدفوعة بالحماسة لفوز ترامب الذي يشاركها الرؤى والتصورات.

وفي حالة فوز بايدن أيضًا يتوقع ماكرون سياسات أمريكية أكثر مهادنة بخصوص العلاقة مع الناتو وإيران والشرق الأوسط وإعادة انضمام الولايات المتحدة لاتفاقية باريس للمناخ.

وبالنسبة لقضايا الأمن، يدرك ماكرون أن نأي ترامب بنفسه عن الانخراط في معالجة المخاوف الأمنية الأوروبية المرتبطة بالنفوذ الروسي في القارة والتحركات الاستفزازية التركية يضعف الموقف الأوروبي، ومع وعد بايدن بالوفاء بالواجبات الأمريكية تجاه الحلفاء الأوروبيين ومعاقبة الرئيس التركي، لا شك أن ماكرون سيفضل رؤية بايدن في البيت الأبيض.