الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

د. محمد مبروك يكتب: هُنا القاهرة

صدى البلد

لا شك أن مدينة القاهرة قد حظيت بالكثير من التميز بين كل عواصم مصر في تاريخها القديم والحديث، فقد بقيت القاهرة عاصمة لمصر لأكثر من ألف عام، فمنذ أن أسسها جوهر الصقلي في عهد الخليفة الفاطمي المعز لدين الله، وهي عاصمة مصر إلى الآن ومع امتداد هذا الزمن الذي كانت فيه القاهرة عاصمة مصر ومقر الحكم، اتسعت رقعتها لما حولها من صحاري ومساحات غير مسكونة حتى وصلت إلى شكلها الحالي، وازداد عدد سكانها ليجعلها من كبرى مدن العالم ازدحامًا بالسكان

ومع عراقة هذه المدينة التي تعتبر مركز الإشعاع الثقافي والحضاري في منطقة الشرق الأوسط، بل وإحدى أهم عواصم العالم لما لها من تأثير استراتيجي وثقافي على مر العصور، احتاجت إلى الكثير من التطوير في بنيتها الأساسية وشبكة الطرق والمشروعات الخدمية مع إعادة توزيع سكان المناطق العشوائية في مناطق مخططة، وربطها بالمناطق والمدن الجديدة التي ألحقت بها تحت مظلة العاصمة.

ومنذ تولى الرئيس السيسي حكم مصر وقد بدأ العمل على قدمٍ وساق لإعادة رسم الوجه الحضاري لهذه المدينة التاريخية العريقة، مدينة الأزهر والألف مئذنة والكنيسة المعلقة، مدينة المتاحف والآثار المتنوعة التي تمثل الكثير من عصور التاريخ الإنساني الممتد، فكان لزامًا الاهتمام بها وتجميل صورتها بعدما تم إهمالها لسنوات.

ومع هذا التطور المذهل الذي تشهده القاهرة في شتى مناطقها من توسعة للشوارع وتشييد الكثير من الكباري لتيسير الحركة، وإنشاء خطوط جديدة للمترو وغيرها من المشروعات التي تحسّن من وضعها، كان التفكير الجاد في تنفيذ الفكرة القديمة الجديدة في تخفيف الحمل على كاهل هذه المدينة الكبيرة بإنشاء عاصمة إدارية جديدة تسحب من القاهرة – العاصمة التاريخية لمصر – العبء الإداري كاملًا تاركةً لها البعد الحضاري والثقافي الذي سيظل يبعث بنوره لكل أنحاء الدنيا.

وكما كان الرئيس السيسي مدهشًا في قراراته الجريئة التي اتخذها حرصًا على مصلحة الوطن وإيمانًا منه بضرورة العمل من أجل المستقبل، كان القرار التاريخي بعمل عاصمة إدارية جديدة بعد دراسة علمية وفنية مستفيضة لهذا المشروع الكبير.

وفي وجود مهندس متخصص على رأس الوزارة من أفضل من تولوا هذا المنصب في العقدين الأخيرين، وهو الدكتور مصطفى مدبولي، تم التخطيط والتنفيذ بأداء متميز يتواكب مع رؤية الرئيس وحرصه على سرعة الإنجاز ودقة الأداء، وبات جليًا ما لهذا المشروع من قيمة مستقبلية واضافة حضارية لمصر التي استعادت استقرارها ومكانتها بقيادة وطنية تعمل بمنتهى التفاني لإعلاء رايتها ولرخاء شعبها بعد سنوات من الجمود في شتى مناحي الحياة، تلتها سنوات من الضجيج والصخب، ما أعطى الفرصة لنمو ذلك الورم الذي استدعى الجراحة العاجلة في 30 يونيو 2013 التي خلّصت الوطن من آلامٍ قديمة واستأصلت ورمًا إخوانيًا خبيثًا كاد أن يفتك به.

وبالنظر للاسم الذي تم إطلاقه على مشروع العاصمة الجديدة، يتضح لنا الغرض من انشائها وهو جعلها مركزًا إداريًا للحكم ومقرًا للوزارات والبرلمان بل ومركزًا للتجارة والأعمال في المنطقة والعالم، مع إنشاء مجتمعات عمرانية وسكنية متطورة تستوعب الكتلة السكانية التي ستنتقل إليها بخطة مُحكمة بعناية، تُراعي كل ما يستجد في المستقبل من حداثة وتطور، من هنا أُطلق على هذا المشروع (بشكل مؤقت) "العاصمة الإدارية الجديدة" لحين الانتهاء من تنفيذها ونقل الوزارات والبرلمان ومقر الحكم مع بدء الزحف السكاني لها، فليس من المنطق أن يكون اسم عاصمة مصر (العاصمة الإدارية الجديدة) كونه وصفًا، لا اسمًا، كما أن عاصمة مصر العريقة اسمها القاهرة، ذلك الاسم الذي لا يجب التخلي عنه أو التفريط فيه عند اتخاذ اسمًا لعاصمتها الجديدة.

فإذا فكرنا أن نسميها "القاهرة الجديدة" سنجد أن هناك مدينة بالفعل مُلحقة بالقاهرة تحمل هذا الاسم، أما إذا عدنا لاسم "مصر الجديدة" فهو اسم احدى ضواحي القاهرة التي يوجد بها حاليًا مقر الحكم بالفعل مما سيلغي فكرة الذهاب لهذا الاسم، بالإضافة إلى أنه ينحرف باسم العاصمة عن "القاهرة" شأنه شأن أي اسم جديد يمكن أن يطلق على عاصمة مصر غير القاهرة. 

من هنا أرى أن يتم إطلاق اسمًا يحمل كل المعاني المنشودة مع الاحتفاظ بكلمة القاهرة فيه لما لها من تأثير تاريخي وثقافي يرتبط بكيان مصر المعاصرة.


((القاهرة العاصمة)) هو الاسم الذي يجب أن يطلق على العاصمة الإدارية الجديدة، فهذا الاسم غير مكرر ولا توجد ضواحي أو مدن بمصر تحمل هذا الاسم، كما أنه يحتفظ بالقاهرة اسمًا لعاصمة مصر مع اضافة صفة العاصمة لها لتمييزها عن القاهرة القديمة والجديدة كما أنه سهل النطق سواء بالعربية أو الإنجليزية حيث سيكون Cairo Capital.

وكما أنه يتم اختصار أسماء المدن المكونة من مقطعين باللغة الإنجليزية باستخدام الأحرف الأولى من كل مقطع فيكون رمزًا لاسم المدينة مثل نيويورك New York يتم اختصارها ل NY  ولوس أنجلوس Los Angeles يتم اختصارها ل LA وهكذا..

وعلى هذا النحو، فان اختصار Cairo Capital يكون ((CC))، ومن المصادفة الجميلة أن هذه الأحرف المختصرة لاسم العاصمة الجديدة تُنطَق بالإنجليزية ((سي سي)) أو ((سيسي))، ذلك الاسم الذي يستحق كل التقدير من المصريين لما قام به منذ 30 يونيو 2013، وهو الذي حرص على أن تُطلق أسماء كل قادة مصر وزعمائها على المشروعات التي تم افتتاحها في عهده تقديرًا لدورهم في خدمة الوطن، دون أن يُطلق اسمه على أيٍ منها، وبما أن الرئيس السيسي هو زعيم مصر وباعث نهضتها المعاصرة منذ أن تولى مهام الرئاسة في عام 2014، وبما أنه قد تم تخطيط وتنفيذ هذه العاصمة في عهده، فان ربط الأحرف الإنجليزية الأولى من اسم القاهرة العاصمة - بما فيه من مصادفة طيبة - باسمه يُعد تقديرًا لما يقوم به من خدمة لهذه الأمة العظيمة، لا سيما وأن هذا الاسم يحافظ على اسم وعراقة عاصمة مصر الجديدة دون تغيير كبير، مما يجعل من اختياره تحقيقًا لكل المواصفات المطلوبة في الاسم في آنٍ واحد.

كما أن اسم "القاهرة العاصمة" - Cairo Capital  سيساعد في تسويق المشروع تجاريًا ودوليًا لسهولته وتعبيره عن مضمون هذا المشروع، حيث أنه إذا تم اعتماده، يمكن تصميم الشعار الخاص به ليكون علامة مميزة تليق بمصر على المستوى العالمي، وتعبيرًا عن حجم هذا العمل الضخم الذي يتم انجازه في فصل مشرق من فصول التاريخ المصري الزاخر.