الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

جابر حسين العماني يكتب: فرصة استثمارية لا تفوتها

صدى البلد








يبحث الناس في حياتهم الاسرية والاجتماعية على الكثير من الفرص الاستثمارية التي توصلهم إلى الربح السريع، فتراهم يكافحون ويناضلون لتحقيق الكثير من العوائد التي تعود عليهم بالخير والمنفعة والبركة في الرزق، والانسان العاقل هو من يستغل المشاريع النافعة ليحقق من خلالها الأرباح الكبيرة، حتى لو تطلب منه الكثير من المتاعب والمصاعب والمحن، فذلك أمر أباحه الاسلام وأكد عليه ليضمن الانسان من خلاله توفير الجانب (المادي) الذي يحتاج إليه في عالمه الاسري والاجتماعي.
كما إن الانسان يهتم كثيرا بالجوانب المادية في حياته الاجتماعية والاسرية، عليه أيضا ألا يغفل عن الجانب الاستثماري (المعنوي) الذي يستطيع من خلاله كسب الأجر والثواب الجزيل من الله تعالى، لذا فإن المتأمل في كتاب الله العزيز والنصوص الاسلامية الواردة عن النبي الأكرم "صلى الله عليه وآله وسلم"، وأهل بيته المنتجبين وأصحابه الأجلاء الطيبين، يرى بوضوح أن أفضل وأجمل وأحلى فرص الربح المعنوي العظيم هو الاهتمام والعناية بالوالدين، خصوصا في أيام كبرهم وعجزهم وفقدان قواهم .
عندما يعانق الوالدان أو أحدهما مرحلة الكبر والعجز والهرم فهما يمنحان الأولاد فرصة عظيمة للاستثمار المعنوي العظيم الذي من خلاله يستطيع الأبناء الوصول لمرضاة الله تعالى وغفرانه، وبذلك يسعدون أنفسهم في الدنيا والآخرة، فعلى الأولاد أن يتعاملوا مع مرحلة كبر وعجز الآباء والأمهات على أنها مرحلة من مراحل النعم الكبيرة والعظيمة التي ساقها الله تعالى إليهم، وهي فرصة جليلة ومباركة مهداة للأبناء من رب الأرباب على طبق من ذهب ..
من المؤسف عندما ترى بعض الأبناء وهم يتعاملون مع  مرحلة الكبر والعجز لآبائهم وأمهاتهم على إنها مرحلة من مراحل البلاء العظيم فتراهم يتذمرون من كبر وعجز آبائهم وأمهاتهم، ولا يكتفون بالتذمر بل يشكون تذمرهم من آبائهم وأمهاتهم لمن حولهم، وهم بهذا التصرف الخاطئ يفوتون أهم فرصة استثمارية معنوية عظيمة منحهم الله تعالى إياها في عالم الحياة، ورد عن أمير المؤمنين وإمام المتقين علي بن أبي طالب "عليه السلام" أنه قال: >بِرُّ الوَالِدَينِ مِنْ أكْرَمِ الطِّبَاعِ<، لذا فإن  مرحلة عجز الوالدين بالنسبة للأبناء تشكلان فرصة هامة وعظيمة لجني الكثير من الأرباح والمكاسب المعنوية، وذلك بترسيخ القيم والمبادئ الأخلاقية في الأسرة والمجتمع من خلال الوالدين وخدمتهما والاهتمام بهما، وهي حالة أخلاقية تكشف سمو وعظم الأخلاق النبيلة التي يتحلى بها الأبناء، فبر الوالدين يكشف أخلاق الإنسان ومستواه الأخلاقي العظيم مع من هم حوله في الداخل الاسري والاجتماعي .
إن الأعمال التي يقوم بها الإنسان في دار الدنيا من صلاة وصوم وحج وعمرة وصدقة وغيرها من العباداة الواجبة والمستحبة يؤديها الإنسان بهدف الفوز برضا الله تعالى والحصول على مثوبته، فما أجمل الانسان عندما تكون خدمته واهتمامه بوالديه غاية هامة في دنياه، فليس هناك من الأجر العظيم والثواب الجزيل أفضل من الاهتمام بالوالدين وأولوية خدمتهما وتقديمهما حتى على نحو الجهاد في سبيل الله، فقد ورد أنه جاء رجل إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله وسلم" فقال: يا رسول الله؛ أردت الغزو وجئتك أستشيرك، فقال "صلى الله عليه وآله وسلم" : >هَلْ لَكَ مِنْ أُمٍّ<؟ قال: نعم.. قال: >فَالْزَمْهَا فَإِنَّ الْجَنَّةَ تَحْتَ رِجْلَيْهَا<..
 هنا يتبين لنا أهمية التأكيد على احترام وتقدير واجلال وخدمة الوالدين وبرهما .
قال تعالى: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا}، وقال تعالى: {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ}، وقال: {إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا}..
إن بر الوالدين يجعل من الانسان موفقا في حياته الاسرية والاجتماعية، بل ويطيل في عمره، ويوسع في رزقه، ويكون له سببا في صلاح ذريته وبرهم به في الحياة، فقد ورد عن حفيد النبي الأكرم محمد "صلى الله عليه وآله وسلم" الامام جعفر بن محمد الصادق "عليه السلام" إنه قال: >وَبَرُّوا آبَاءَكُمْ تَبَرَّكُمْ أَبْنَاؤُكُمْ<، فمن المؤسف عندما ترى بعض الأبناء وهم يهتمون بواجب زوجاتهم وأسرهم فيلبون احتياجاتهم المادية والمعنوية ويذهبون بهم إلى حدائق الترفيه والتسلية ولكنهم لا يقدمون شيئا من ذلك لآبائهم وأمهاتهم .
ويبقى الوالدان هما الشمعة المضيئة التي أنارت الطريق المظلم للأبناء، ذاقا مرارة الحياة ومشاقها ومتاعبها في سبيل تربية الأسرة والاهتمام بها  على أحسن ما يكون، امتنعوا عن الأكل والشرب ليوفروا ما لذ وطاب لأبنائهم، وفي موعد سداد الدين وفي الوقت الذي يحتاج فيه الأبوين للأبناء تجد بعض الأبناء يذهب بوالديه إلى دار المسنين بلا رعاية واهتمام أو حتى سؤال، فما أقسى الدهر وهو يرينا العجب العجاب كما قال سيد الشهداء الإمام الحسين "عليه السلام":
يا دَهرُ أُفٍّ لَكَ مِن خَليلِ**كَم لَكَ في الإِشراقِ وَالأَصيلِ 
مِن صاحِبٍ وَماجِدٍ قَتيلِ**وَالدَهرُ لا يَقنَعُ بِالبَديلِ .