الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

رسائل قوية في المؤتمر الصحفي لـ السيسي وماكرون.. نبرة هادئة تخاطب النخب الفرنسية والرأي العام الغربي.. الرئيس: نؤمن بحقوق الإنسان بمعناها الشامل.. ونشجع عودة السياحة الفرنسية للمقاصد المصرية

الرئيس ماكرون يحتفي
الرئيس ماكرون يحتفي بالرئيس السيسي عقب وصوله لقصر الإليزيه

رئاسة الجمهورية:
العلاقات التجارية والاقتصادية تصدرت لقاء السيسي مع نظيره الفرنسي وأزمة ليبيا وقضايا الأمن الإقليمي
 وزير الخارجية: 
* الأهمية الاستراتيجية لكل من البلدين تجاه الآخر تقوم على عدة نواحي وليس فقط صفقات بيع السلاح 
جمال بيومي:
مصر وفرنسا تسعيان للتأثير علي أطراف العمل السياسي والاقتصادي في لبنان لاستعادة أمنه 
محمد حجازي:
 وجهات نظر متطابقة إزاء تحقيق الأمن والاستقرار في شرق المتوسط وشمال إفريقيا وعزل الدور التركي 


جاء المؤتمر الصحفي الذي عقده الرئيسان السيسي ومانويل ماكرون أمس الاثنين في باريس حيويا، تضمن كثير من الرسائل، فالرئيس السيسي رد بصرامة على سؤال يتعلق بسوء أوضاع حقوق الإنسان في مصر، فقال إننا نؤمن بحقوق الإنسان بمعناها الشامل وليس فقط الحقوق السياسية وتحدث عن التحديات التي تواجه مصر فيما يتعلق بالحرب على الإرهاب والمشكلة السكانية. 

تماما مثلما فعل ماكرون ردا على سؤال حول عدم اعتذار فرنسا عن الرسوم المسيئة، وقال إن رسام فرد قام بذلك وليس الدولة، وأن النموذج والقوانين الفرنسية تعطي الحق للجميع لانتقاد كل الأديان وليس فقط الإسلام، كما رفض اعتبار تحسين حقوق الإنسان في مصر شرطا لاستمرار التعاون الاقتصادي والعسكري بين البلدين.

وبحسب مراقبين فقد نجح الرئيس السيسي أن يوجه دفة الحديث إلى النخب الفرنسية والرأي العام الغربي حين تحدث عن المشكلة السكانية وخطر الهجرة والإرهاب والحروب الأهلية المنتشرة في المنطقة، وهي كلها قضايا تثير مخاوف حقيقية في فرنسا وأوروبا وتؤثر على المنطقة بشكل عام.

وحديث الرئيس السيسي عن انهيارات ليبيا والعراق وسوريا كان حقيقيا كتقرير لواقعها الحالي، ولازالت التحديات التي تواجه مصر كبيرة، خاصة الأزمة الاقتصادية.

وأجرى الرئيس عبد الفتاح السيسي محادثات موسعة في باريس أمس الاثنين مع الرئيس ايمانويل ماكرون، الحليف الأوروبي الأبرز لمصر، في اليوم الأول من زيارة تستغرق يومين. وتصدرت العلاقات التجارية والاقتصادية جدول أعمال لقاء الرئيس السيسي مع نظيره الفرنسي، إلى جانب الأزمة في ليبيا وقضايا الأمن الإقليمي، وفق ما جاء في بيان لرئاسة الجمهورية.

وجدد الرئيسان في المؤتمر الصحفي الذي أعقب اللقاء التزامها بمكافحة الإرهاب في المنطقة ودعم جهود التوصل لاتفاق سلام في ليبيا، وزيادة الاستثمارات الفرنسية في مصر. وشهدت العلاقات المصرية الفرنسية دفعة في المجالات الاقتصادية والعسكرية منذ وصول الرئيس السيسي إلى سدة الحكم عام 2014، وعززت الشركات الفرنسية استثماراتها في مصر من ناحية، كما وقعت الحكومتان الفرنسية والمصرية العديد من اتفاقيات شراء السلاح الفرنسي من ناحية أخرى.

ماكرون يرد
وأوضح ماكرون إن فرنسا لا تنوي تعليق مبيعات الأسلحة لمصر على خلفية ملف حقوق الإنسان، ولكنه أكد على ضرورة استمرار الحوار بينهما. وأضاف ماكرون "لن أربط أمور الدفاع والتعاون الاقتصادي بتلك الخلافات.. من الأفضل تأثيرا أن يكون لدينا سياسة طلب الحوار بدلا من المقاطعة التي لن تؤدي إلا إلى تقليل تأثير أحد شركائنا في المعركة ضد الإرهاب".

وتطرق المؤتمر الصحفي أيضا لتصريحات ماكرون بشأن الإسلام ونشر رسوم مسيئة للنبي محمد في فرنسا، ودافع ماكرون بأن الرسوم غير صادرة عن الرئاسة أو الدولة الفرنسية وإنما من صحفي أو رسام، موضحا أن التعبير عن الرأي يحميه القانون وقيم الثورة الفرنسية. من جانبه، أدان الرئيس السيسي الحوادث الإرهابية التي أعقبت نشر الرسوم، مضيفا في الوقت ذاته "لا يمكن أن تعبر عن رأيك بجرح مشاعر الملايين".

وجاء التعاون بشأن "التحديات المتصاعدة" في منطقتي الشرق الأوسط وشرق المتوسط أيضا ضمن الموضوعات التي بحثها الرئيس السيسي في لقاء منفصل مع وزير الدفاع الفرنسي فلورانس بارلي، وفق لبيان صادر عن رئاسة الجمهورية.

علاقات وثيقة
وتقوم العلاقات الوثيقة بين مصر وفرنسا على أساس الأهمية الإستراتيجية لكل من البلدين تجاه الآخر من عدة نواح، وليس فقط صفقات بيع السلاح، حسب ما أكده وزير الخارجية سامح شكري، في تصريحات صحفية عقب اللقاء. وقال شكري إن المباحثات التي جرت بين الرئيسين المصري والفرنسي أمس تطرقت إلى عدة قضايا من بينها التطورات على الساحة الليبية وقضية شرق المتوسط والتعاون التجاري بين البلدين.

مكافحة كورونا وعلاج الاقتصاد
ومن جانبه علق السفير جمال بيومي، مساعد وزير الخارجية الأسبق على الزيارة قائلا:" إنه وعلي المستوي العالمي، تنشغل مصر وفرنسا بوباء الكورونا من حيث التعاون لإيجاد وسائل الوقاية والعلاج . وأيضا من حيث معالجة الآثار الاقتصادية السلبية للوباء والتي أثرت علي قطاعات عديدة. حتي أن أغلب اقتصادات العالم سوف تنكمش؛ عدا مصر وعدد محدود من البلدان. لأن مصر بدأت برنامج الاصلاح الاقتصادي مبكرا (2016) فاستطاعت أن تواجه المشاكل وهي في وضع اقتصادي متزن.

وأضاف في تصريحات صحفية أن هناك أيضا أمر هام يشغلنا في مصر ألا وهو الحرب التجارية التي تشنها الولايات المتحدة علي أهم شركائها في أوروبا والصين واليابان ويجري تبادل وضع المعوقات أمام التجارة مما يؤثر علي جميع دول العالم سلبا. كما يشغلنا علي المستوي الإقليمي ما يجري في سوريا واحتلال تركيا لأجزاء في شمالها. كما تسعي مصر وفرنسا للتأثير علي أطراف العمل السياسي والاقتصادي في لبنان بما يستعيد لهذا البلد أمنه وتقدمه. وبالطبع يتعاون البلدان في مواجهة ما يجري في ليبيا من إدخال 20 ألف إرهابي يهددون أمن المنطقة وكذلك ما يجري في العراق واليمن. والأهم هو التهديدات التركية لأمن الحدود الاقتصادية لشرق البحر المتوسط وتعديها علي حقوق كل من اليونان وقبرص.

وتابع بيومي أنه وعلي المستوي الثنائي فلمصر وفرنسا علاقات ممتدة منذ حملة نابليون والانفتاح المصري علي غرب أوروبا والإسهامات الفرنسية في الكشف عن الحضارة الفرعونية. 

وأضاف ارتبط البلدان أيضا باتفاق المشاركة المصرية الأوروبية الذي ضاعف صادرات مصر 4 مرات إلى أوروبا. وما تقدمه فرنسا من مشروعات لمصر بدءا بمترو الإنفاق وقطاعات الإنشاءات والنقل والكهرباء والتعليم. ولا ننسى جانب نقل الخبرات لرفع قدرات مؤسسات الحكومة المصرية. ونأمل في مزيد من تنمية التجارة وزيادة حجم الاستثمارات والخبرات الفرنسية في خدمة التنمية في مصر.

عزل تركيا 
ومن جانبه قال السفير الدكتور محمد حجازي مساعد وزير الخارجية الأسبق أن العلاقات المصرية الفرنسية شهدت تقاربا كبيرا واستراتيجيا منذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي رئاسة البلاد، لافتا الى تبني الدولتان كما هو معروف وجهات نظر متطابقة ازاء ضرورة تحقيق الأمن والاستقرار في شرق المتوسط وشمال افريقيا وعزل الدور التركي المشبوه بالمنطقة.

وأكد السفير محمد حجازي، في تصريحات صحفية تعقيبا على زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى فرنسا، أن توجه الرئيس السيسي الى باريس يأتي في توقيت شديد الأهمية في ظل أوضاع إقليمية متفجرة لاسيما بسبب التصعيد التركي في المتوسط الذي كاد أن يقود الى مواجهة مسلحة مع اليونان مما زاد  من التوتر في منطقة شرق المتوسط.

وأوضح أن مصر وفرنسا تتطلعان لإعادة أمن واستقرار المتوسط حتى تستفيد بلدانه من ثرواته و تتوقف الممارسات التركية التي امتدت من استفزازاتها بشرق المتوسط بتنقيبها غير الشرعي عن الغاز في المياه الإقليمية لقبرص واليونان، إلى نشاط مشبوه أجج الصراع في ليبيا خاصة بعد نقلها المليشيات المسلحة من مسرح العمليات في سوريا إلى ليبيا مما هدد الأمن والوفاق الداخلي للبلاد، الأمر الذي استدعى تحركا مصريا شاملا كان ممثلا في إعلان القاهرة وفِي فرض خط سرت-الجفرة كخط أحمر مما ساهم في إطلاق عملية سلام متعددة الجوانب بين الأطراف الليبية، لافتا في هذا الصدد غلى المفاوضات السياسية والأمنية والعسكرية والدستورية الجارية التي قد تفضي في نهاية المطاف الى استعادة ليبيا لمكانتها ووحدتها الإقليمية.

واختتم السفير محمد حجازي، تصريحاته، بالإشارة إلى شراكة الدولتين في منتدى غاز المتوسط، والذي انتقل إلى منظمة المتوسط، معربا عن أمله في انضمام فرنسا للمنظمة قريبا خاصة أنها تمتلك شركات عاملة في مجال التنقيب عن النفط والغاز في المتوسط، موضحا أن اوروبا في عمومها ستكون من المستفيدين من تلك الاكتشافات بالمتوسط لاسيما في إطار الروابط التي تجمع مصر بأوروبا أقرب القارات لنا تاريخيا وجغرافيا وثقافيا.

لغة جسد واثقة
ومن جانبها أكدت المدونة "نيرفانا محمود" أن الحكم باستخدام لغة الجسد الدافئة، يوضح أن هناك علاقة شخصية جيدة بين كلا الزعيمين الرئيس السيسي والرئيس ماكرون، ويبين أن كلاهما على استعداد لوضع أي خلاف بينهما جانبًا، لتحقيق أهدافهما وتطلعاتهما المشتركة.

وتابعت في تغريدات متتالية لها، تعليقا على المؤتمر الصحفي بين الزعيمين، أنه وعلى صعيد السياسة الخارجية فمن الواضح أن كلاهما يتشاركان نفس الرؤية في شرق البحر المتوسط، ليبيا، ويتفق كلاهما على الدور السلبي الذي لعبته تركيا (المذكورة بشكل غير مباشر فقط) في كلا الجبهتين.

وأضافت أنه وإلى جانب التعاون العسكري، حرص الرئيس السيسي على عودة السياح الفرنسيين إلى مصر. وأكد على الإجراءات الصارمة التي تم اتخاذها في جميع منتجعات مصر لتقليل مخاطر COVID19، كما بلغ التعاون في مجالات التعليم والاقتصاد والبنية التحتية ذروته بين البلدين.

أما على صعيد حقوق الإنسان، قالت نيرفانا إن فرنسا تفضل إجراء محادثة خاصة بين الجانبين المصري والفرنسي باعتبارها أكثر فعالية، على أساس كل حالة على حدة. وأثار ماكرون قضية رامي شعث مع الجانب المصري، وتعمل هذه السياسة بشكل أفضل بكثير من السياسة الأمريكية ذات الصوت العالي.

وأكدت أن الرئيس السيسي دافع عن سجل مصر في مجال حقوق الإنسان. وكانت لهجته الهادئة واضحة، وذكر كيف تعمل 55 ألف منظمة غير حكومية في مصر. ويبدو أن ماكرون نسب لنفسه الفضل في إطلاق سراح نشطاء المبادرة المصرية للحقوق الشخصية. وبغض النظر ، فمن الواضح أن كلا الزعيمين على استعداد لحل خلافاتهما أيا كانت درجتها.

وتابعت المدونة المصرية المقيمة في لندن أنه وفيما يتعلق بالإسلاموية والإرهاب والرسوم الكاريكاتورية للنبي، اتسم رد فعل الرئيس السيسي بنبرة عقلانية واضحة كما شرح الرئيس الفرق بين الإسلام ومن يرتكبون الإرهاب باسمه، رغم أنه لم يذكر الإسلاموية في حد ذاتها.

وأضافت أنه وفي رد على أحد الصحفيين الفرنسيين، سلط الرئيس السيسي الضوء على كيفية قيام جماعة الإخوان المسلمين (دون ذكر الاسم) بعمليات إرهابية، وسلط الضوء على كيفية وجود قواعد للجماعة الآن في جميع أنحاء العالم. ولا يوجد أي زعيم مصري قال ذلك علانية من قبل.

ولخصت محمود وجهة نظرها قائلة: "باختصار فإن العلاقات بين فرنسا ومصر أقوى من أن تتأثر بالاختلافات حول حقوق الإنسان ورسوم شارلي ايبدو ويحتاج كلا البلدين إلى أن يكونا حلفاء. لا أعداء، يتشاركان الرؤى، ولا سيما ضد تركيا وهذا واضح.

وشددت على أن الرد الذي دافع به الرئيس السيسي عن سجل حقوق الإنسان في مصر يتشاركه الكثيرون، ولا سيما في منطقة الخليج، ونبرته الهادئة كانت أنجح في نقل آرائه أكثر من كلماته.