الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

خطبتا المسجدين الحرام والنبوي تؤكدان : العبد مطالب إذا أخطأ أن يستغفر وإذا زل أن يتوب وليتبع السيئة الحسنة.. سوء الظن محظور فلا تجترئوا عليه ..تحذيرات من الخوض في أعراض الناس

خطبتا المسجد الحرام
خطبتا المسجد الحرام والنبوي

خطيب المسجد الحرام: 
  • لا حرج في التنبؤ بالطقس وتوقعِ المطر والتحدث به لأنه من سنن الله
  • في الأجواء المطيرة والسحب الغائمة تكون النفوس برحمة الله مستبشرة
  • المرء ليس معصومًا ولا مطالبًا بالعصمة
  • العبد مطالب إذا أخطأ أن يستغفر وإذا زل أن يتوب وليتبع السيئة الحسنة
خطيب المسجد النبوي:
  • سوء الظن محظور فلا تجترئوا عليه 
  • للناس ألسنة حدادًا على العورات
  • أهل التوريش والتحريش والتجسس كم فتشوا عن ميْت وكم أفسدوا من بيت

أكدت خطبتا الجمعة من المسجدين الحرام والنبوي ، على أن المرء ليس معصومًا، ولا مطالبًا بالعصمة، بل هو مطالب إذا أخطأ أن يستغفر، وإذا زل أن يتوب، وليتبع السيئة الحسنة، فإن الحسنات يذهبن السيئات، كما حذرت من سلوكيات شائعة بين الكثيرين مثل الهمز واللمز وسوء الظن والتجسس، التي من شأنها خراب اليوت وإفساد القلوب، فضلًاا عن عاقبتها الوخيمة في الدنيا والآخرة.

المرء ليس معصومًا
ومن مكة المكرمة ، قال الشيخ الدكتور صالح بن عبد الله بن حميد،  إمام وخطيب المسجد الحرام، إن المرء ليس معصومًا، ولا مطالبًا بالعصمة، بل هو مطالب إذا أخطأ أن يستغفر، وإذا زل أن يتوب، وليتبع السيئة الحسنة، فإن الحسنات يذهبن السيئات.

اقرأ أيضًا.. 

وأوضح «بن حميد» خلال خطبة الجمعة اليوم من المسجد الحرام بمكة المكرمة، أن المرء كذلك مطالب أن يُصلِّ في ظلمة الليل لظلمة القبور، وليصُمْ في يوم الحر الشديد لحر يوم النشور، وليتصدق بالصدقة للاستظلال بها في اليوم العسير، منوهًا بأن علوّ همة المرء عنوان فلاحه، فإذا عزمت - يا عبد الله - فبادر، وإذا هممت فثابر ، ولا يدرك المفاخر من كان في الصف الآخر.

الماء عجيب خلقه
واستشهد بقوله تعالى :«سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاء وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ»، مشيرًا إلى أن الماء عجيب خلقه، غريب نبؤه ، أرخص موجود ، وأغلى مفقود ، أنزله ربنا بلا لون ، وأوجده بلا طعم ، وخلقه من غير رائحة ، عذب خفيف ، ورقراق لطيف.

وتابع:  يُهلك إذا طغى ، ويهدم إذا جرى، إذا زاد أَغَرقَ وأَهلَكَ ، وإن نقص ضاقت الحياة ، وضعف الأحياء وإذا غار عجز الخلق عن طلبه وتحصيله وقد حفل القرآن الكريم بذكر الماء وثمراته ، وعظيم أثره وبركاته ، في أكثر من ستين موضعًا ، فهو رحمة ونعمة ، وعذاب ونقمة ، ما بين نسمات لطيفة ، وقطرات صغيرة ، وغيث مدرار ، وسيل جرار و إذا نزل الغيث أخذت الأرض زينتها ، وأنبتت الأشجار ثمارها ، وأبهجت النباتات بورودها وأزهارها.

إذا نزل الغيث وجرت الأودية
وأفاد بأنه إذا نزل الغيث وجرت الأودية دخل على الناس السرور والبهجة ، ومن ثم خرجوا للتنزه والاستجمام ، وهذا حق مشروع ، ومطلب مرغوب الناس يتحرون المطر وينتظرونه، ويتناقلون خبره وينشرونه، فديننا دين يسر وسهولة، وفسحة وسماحة: إن لنفسك عليك حقًا ، ولأهلك عليك حقًا.

وأشار إلى أنه في الأجواء المطيرة، والسحب الغائمة، والبروق اللامعة ، والأودية الجارية ، والسدود الممتلئة ، تكون النفوس برحمة الله مستبشرة ، والقلوب بفضله مبتهجة ،فالتنزه محبب للنفوس، فيه ترويح ونشاط ، وسرور وانبساط، وكذلك في النزهة والرحلات، تظهر معاني الأخوة والإيثار، ويبرز الانضباط ، وحسن العشرة ، ويعلو المرح ، وطلاقة الوجه ، ويطيب لين الكلام ، والرفق ، والصبر ، والتواضع ، والمسارعة إلى الخدمة ، والتعاون فيما ينفع ويفيد ، ويجلب الراحةَ والسرور ، والمتعةَ للنفس وللرفقة.

في البر الفسيح يتأمل المتأمل كمال قدرة الله
ولفت إلى أن في البر الفسيح يتأمل المتأمل كمال قدرة الله، وعظيمَ إتقانه ، وبديعَ صنعه ، وحُسْنَ خَلْقه ، فيزداد القلب إيمانًا ، وتمتلئ النفس بهجة وسرورا، ومن أجل مزيد من الراحة والمتعة، وحسن الإفادة فهذه آداب وأحكام ، مرتبطة بالغيث ، والخروجِ له ، يحسن معرفتها، والأخذ بها منها : اختيار المكان الآمن من الأخطار والأضرار ، من الحيات ، والحشرات المؤذية ، ومجاري السيول .

وواصل: وعليه باختيار الرفقة التي تعين على الخير وتدل عليه ، وتدخل في النفس البهجة والسرور فإذا نزل منزله في البرية فليستذكر دعاء المنزل : « أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق » ، فإنه لا يضره شيء حتى يرحل من مكانه وأنه ينبغي المحافظة على الأذكار والأوراد المأثورة فإنها الحصن الحصين بإذن الله.

الدعاء عند نزول المطر
وبين أن من تلك الأذكار: الدعاء عند نزول المطر : « اللهم صيبًا ، نافعًا ، مُطرنا برحمة الله ، وبرزق الله ، وبفضل الله » فنزول المطر من مواطن الإجابة كما في الخبر: «اثنتان ما تردان ، الدعاء عند النداء - أي عند الأذان - وتحت المطر »، وقال : يتعرض للمطر حين نزوله ويحسر ثوبه ويكشف شيئا من بدنه حتى يصيبه المطر، فيفعل كما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم، ويقول كما قال: «إنه حديث عهد بربه».

ونبه إلى أن من عظيم الآداب وجليل الأحكام الأذانَ للصلوات في أوقاتها ، ويرفع صوته به ، فإنه لا يسمع مدى صوته ، جن ولا أنس ، ولا حجر ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة  ، وإذا نزل المطر ، وبل الثياب ، وتلوثت الأسواق بالدحض والزلق ، فيسوغ جمع الصلوات ، فيجمع بين الظهر والعصر ، وبين المغرب والعشاء وإن زاد المطر وخشي الناس على أنفسهم في الذهاب إلى المسجد فلهم أن يصلوا في بيوتهم ، وحينئذ يقول المؤذن في أذانه « صلوا في بيوتكم ، وصلوا في رحالكم ».

مما ينبغي التنبه له في هذه الأحوال
وشدد على أن مما ينبغي التنبه له في هذه الأحوال أن يكون قائد المركبة على يقظة وحرص فيقود بهدوء وتؤدة ، وليحذر من التعجل والتهور ، وعليه الابتعاد عن أماكن تجمع المياه ، وبطون الأودية ، فإن بعض قائدي المركبات - ولا سيما الشباب - قد يجازف ويتجرأ فيخوض بمركبته الأودية أثناء جريانها ، وامتلائها بالمياه والوحل ، وهذا تعريض بالنفوس والأموال إلى التهلكة والتلف، فكم فقدت بهذا الصنيع من نفوس ، وفقد من عزيز ، وتلفت من أموال، محذرا من مواقع الخطر ، وأن على الجميع الالتزام بما يصدر من الجهات المختصة من تعليمات .

وأضاف أن من الآداب : المحافظة على البيئة ، بأشجارها ، وأعشابها ، وأزهارها ، ومرافقها ، ومراعاة الأنظمة المقررة، وتجنب تلويث المنتزهات ، ببقايا الأطعمة والنفايات ، والعبث بالمرافق ، والاحتطاب الجائر ، والرعي الجائر ، كما ينبغي ملاحظة إطفاء النار ليلًا عند النوم ومن الآداب : إرشاد المسترشد ، ومساعدة من يحتاج إلى مساعدة ، في نفسه ، أو مركبته ، أو متاعه وتجنب أذى المجاورين من المتنزهين ، برفع الأصوات ، وتقذير المكان محذرا المتنزهين من ارتكاب المخالفات الشرعية، أو المجاهرة بالمعاصي، واللهو المحرم، والتبرج، والتهاون في أوقات الصلوات .

الغيث ماء طهور مبارك
وأكد أن الغيث ماء طهور مبارك، عذب فرات ، ينزله ربنا من المعصرات ماء ثجاجا ، ليخرج به حبا ونباتا ، وجنات ألفافا، ومن آداب هذا الغيث الاستبشار بنزوله ، وشكر الله عليه ، واعتقاد أنه من عنده سبحانه: لا بسبب النوء ولا النجم ولا الموسم غير أن التنبؤ بالطقس ، وتوقعِ المطر ، وهبوبِ الرياح ، وسرعتها واتجاهاتها ، وغير ذلك من أحوال الطقس المبني على الأمور العلمية ، والحسابات الفلكية ، فهذا لا حرج في معرفته والتحدث به ، لأنه من سنن الله ، ومما أطلع الله عليه عباده ، والأمر كله لله ، وبيده سبحانه ، وقد يحصل ما توقعوه ، وقد لا يحصل.

خطر الغمز واللّمز
ومن المدينة المنورة ، حذر الشيخ صلاح بن محمد البدير،  إمام وخطيب المسجد النبوي، من خطر الغمز واللّمز، والخوض في أعراض الناس، وتتبع عيوبهم، مؤكدًا  أن من فضائل المؤمن أن يشتغل بعيبه ويترك عيوب غيره، فلا يؤذي المسلمين بلسانه وسوء ظنّه.


وأوضح «البدير» خلال خطبة الجمعة اليوم من المسجد النبوي بالمدينة المنورة، أن ذوي العقول والألباب يتصونون عن الوصوم والأِعياب، ويحمون أعراضهم عن سهام المطاعن بسلوك الفضائل والمحاسن والبعد عن الريب، منوهًا بأن المؤمن لا يرضى أن يكون غَرَضًا يُرْشق بسهام الريبة, ولا هدفًا يقصد بالغيبة، ولا أحدوثة تتناولها الألسن العائلة، ولا مرتعًا لأقوال القاذفين والحاذفين، بل يقطع مبادي الظُّنُون التي لا تُمْلَكُ، وخواطر القلوب التي لا تُدْفع، ويطلب السلامة من الناس بإظهار البراءَة من الرِّيب والتٌّهم.

للناس ألسنة حدادًا على العورات
وأضاف أن للناس ألسنة حدادًا على العورات، ونفوسًا توّاقة إلى المثال، ينشرون المعايب أكثر من نشر المناقب، وتسري بينهم المعاير أكثر من سريان الفضائل، وتعقد المجالس فلا يعلو إلا صوت المغتاب، وصخب العياب إلا من رحم الله وقليلٌ هم، قال بكر بن عبد الله: « إذا رأيتم الرجل موكّلا بعيوب الناس، ناسيا لعيوبه ـ فاعلموا أنه قد مُكِرَ به».

سوء الظن محظور
ونبه  إلى أن سُوءُ الظَّنِّ بِالمُسْلِمِينَ الَّذِينَ أونست منهم العَدالَةُ والأمانة والسّتر في الظاهر مَحْظُورٌ، قال تعالى: «إنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ»، فلا تجترئوا على الظّن، وميّزوا بين حقه وباطله، بأمارة بيّنة، واستشعروا التقوى والحذر، محذرًا من خطر لمز العباد، وكشف عيوبهم, وتتبّع عوراتهم, وغمز الأصحاب في قفاهم، والطعن في أنسابهم وسلوكهم، مذكّرًا أن الله تعالى ذمّ في كتابه الْهَمَّازَ اللمّاز الَّذِي يَلْمزُ أَخَاهُ فِي قَفَاهُ، وَيهمزه إِذَا قابله ولاقاه، فقال تعالى «وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ».

أهل التَّوْرِيشِ والتَّحريش والتجسّس
وأشار إلى أهل التَّوْرِيشِ والتَّحريش والتجسّس والتحسّس والتحدّس الذين يَسْأَلُون عن الأَخْبار، ويتتبعون الأسرار، ويستدرجون الأغرار، ويتسمّعون أحاديث الناس، فكم فتشوا عن ميْت، وكم أفسدوا من بيت، ومن سعى إليك، سعى عليك، ومن نقل أخبار الناس إليك، فاعلم أنه لسان سوء عليك، مضيفًا أن هذه السلوكيات تنشر العداوات والحسرات، وتهدم الأسر والبيوت.