الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

خطوة مهمة تجاه ليبيا.. وفد رفيع المستوى يزور طرابلس لأول مرة منذ 2014.. الوقوف على مسافة واحدة من كل الأشقاء.. إعادة افتتاح السفارة في العاصمة.. وعودة رحلات الطيران.. وشكري: الزيارة بدايةجدية للتعاون

جانب من زيارة الوفد
جانب من زيارة الوفد المصري لــ طرابلس

  • مراقبون:
  • ضرورة العودة لاتفاق الشراكة الاستراتيجية السابق لدفع اقتصاد البلدين
  • مصر تقف على مسافة واحدة من جميع الأشقاء الليبيينالقاهرة العاصمة الوحيدة القادرة على التواصل مع الجميع


الخطوات المصرية الأخيرة تجاه الانفتاح والتواصل مع كل الفرقاء الليبيين، بمن فيهم حكومة الوفاق خطوة هامة موفقة تماما، تأتي تأسيسا لمنهج جديد واستراتيجية مختلفة تجاه ليبيا، ستكون مصر فيها علي مسافة واحدة من جميع الأشقاء هناك طالما كانت في مصلحة الشعب الليبي واستقراره واعتبارات أمننا القومي وابتعاد الإرهاب عن حدودنا مصانة ومحترمة، وطالما كان هذا في صالحنا وفي صالح أمن واستقرار المنطقة، إذ لايستفيد من العداوات إلا القوي الأجنبية والدخيلة.


وحقيقة الأمر، لا يمكن لدولة في العالم أو في الشرق الأوسط أن تلعب الدور الذي تقوم به مصر تجاه الأزمة الليبية، بسبب العلاقات التاريخية بين الشعبين وروابط المصاهرة، وعلى عكس أي دولة أخرى، لا يمكن فتح علاقات أو التواصل مع جميع الأطراف الليبية المعنية بالأزمة، على الرغم من دورهم العسكري المخرب في الأزمة الليبية على الأرض.


وعلى الرغم من الجدل الذي أثارته الزيارة التي أجراها الوفد الرسمي المصري إلى العاصمة الليبية، كونها الأولى من نوعها منذ سنوات وجاءت بعد قطيعة كاملة وتوتر كبير في العلاقات بين مصر وحكومة الوفاق، وبعيدًا عن الخلفية السياسية للزيارة، فقد مهد الزيارة للتقارب ومد جسور الثقة بين الجانبين.


زيارة الأحد وحفاوة الاستقبال
من جانبه، وجّه سامح شكري، وزير الخارجية، الاثنين الماضي، شكره لوزير الخارجية الليبي في حكومة الوفاق، محمد الطاهر سيالة، على حفاوة استقبال الوفد المصري خلال زيارته الأحد الماضي للعاصمة طرابلس.


وبحسب بيان للخارجية الليبية، عبّر شكري خلال اتصال هاتفي بنظيره الليبي عن أمنياته أن تكون هذه الزيارة خطوة جدية لاستمرار التعاون بين الجانبين المصري والليبي خاصة في ظل العلاقات التاريخية الراسخة بين الشعبين المصري والليبي، كما بحث معه أهم الشواغل الخاصة بالملف الليبي ودعم الاستقرار في البلاد.


وقالت وسائل إعلام ليبية إن الوفد المصري الذي ضمّ نائب رئيس جهاز المخابرات العامة، اللواء أيمن بديع، والسفير المصري لدى طرابلس السفير محمد أبو بكر، ركز في مباحثاته مع الجانب الليبي خلال الاجتماع، الذي عُقد صباح الأحد الماضي، على التأكيد على عمق العلاقات بين البلدين الشقيقين وتطويرها بما يخدم المصلحة المشتركة.


وتم خلال الاجتماع التأكيد على ضرورة التنسيق المشترك لتفعيل عدد من الاتفاقيات المبرمة بين الجانبين في المجال الاقتصادي والأمني، والاتفاق على استئناف عمل السفارة المصرية في طرابلس، في أقرب الآجال ودراسة عودة رحلات الطيران بين المطارات الليبية والمصرية.


واجتمع الوفد المصري في طرابلس مع وزير خارجية حكومة الوفاق ونائب رئيس مجلس الرئاسة الليبي ووزير الداخلية فتحي باشاغا وعدد من المسئولين العسكريين والأمنيين بحكومة الوفاق الوطني.


وتعد هذه هي الزيارة الأولى لمسئولين مصريين إلى طرابلس منذ عام 2014، وشملت الزيارة مناقشة جوانب العلاقات الثنائية، وعودة رحلات الطيران، وإعادة فتح السفارة المصرية في طرابلس، بالإضافة إلى الجهود المبذولة لتحقيق الاستقرار باتجاه وقف إطلاق النار والتقدم في محادثات اللجنة العسكرية 5 + 5.


الحريات الأربع
ويرغب الكثير من المراقبين في أن تكون الزيارة قد ناقشت العودة لاتفاق الحريات الأربع الموقع بين مصر وليبيا بداية التسعينيات من القرن الماضي، وهو عبارة عن حزمة مشتركة تمنح مواطني البلدين الحق في الإقامة والعمل والتنقل والتملك في الدولتين الجارتين، وينص على منحهم حرية التنقل والإقامة من دون الحاجة لتأشيرة دخول، وكذلك حق العمل والتملك كل في دولة الآخر.


وإن كانت التطورات التي جدت على مسرح الأحداث في البلدين خلال السنوات التالية للإطاحة بالرئيس السابق معمر القذافي، وبخاصة الصدام الذي وقع بين السلطات المصرية وجماعات الإسلام السياسي والتنظيمات المتطرفة في البلاد، وتردي الأوضاع الأمنية في الجارة الغربية لمصر إلى مستويات غير مسبوقة، وظهور تنظيم داعش وتمدده في ليبيا، وإنشاء قواعد له على مقربة من الحدود المشتركة خصوصًا في درنة، دفعت القاهرة إلى تشديد القيود على دخول الليبيين إلى أراضيها لأسباب أمنية بحتة.


وفي عام 2015، أصدرت مصلحة الهجرة والجنسية التابعة لوزارة الداخلية المصرية قرارًا يفرض تأشيرات دخول على المواطنين الليبيين من سن 18 إلى 50 عامًا. وفي أغسطس 2017، خفضت السلطات المصرية سن المواطنين الليبيين المسموح لهم بدخول مصر، من دون الحاجة للحصول على تأشيرة، لتصبح لأقل من 18 وفوق 45 عامًا، مع السماح لليبيين من أمهات مصرية بالدخول إلى الأراضي المصرية من دون قيود.


اتفاقات معلقة
وأعلن الجانبان المصري والليبي، عقب الزيارة التي أجراها الوفد المصري رفيع المستوى إلى طرابلس، الأحد، تفعيل عدد من الاتفاقات الموقعة بينهما منذ سنوات عدة، التي تعطل تنفيذها بسبب الظروف السياسية والأمنية في البلدين، أبرزها تلك الموقعة في 3 يوليو 2008، بين اللجنة العليا المصرية الليبية بالقاهرة، التي تم خلالها التوقيع على اتفاق استراتيجي للتعاون الاقتصادي بين البلدين.


ونص الاتفاق وقتها، على تحديد المشاريع الاستثمارية المشتركة، ودفع قيمة الاستثمارات الليبية في مصر قدما، وتقديم  فرصًا استثمارية بنحو 8 مليارات دولار من خلال مشاريع عدة، أهمها الرافد الرابع بمشروع توشكي، التي تعتمد على مياه النيل، وأراضي الفرافرة بالوادي الجديد، المعتمدة على المياه الجوفية، والاتفاق على إقامة خط غاز طبيعي من مدينة طبرق إلى الإسكندرية، وإنشاء مصفاة للنفط غرب الإسكندرية بتمويل ليبي.


كما شمل الاتفاق وقتها إنشاء المنطقة الصناعية والخدمية الحرة المشتركة، من مرسى مطروح حتى طبرق في نهاية عام 2008، واستثمار 5 مليارات دولار ليبية في ثلاثة مشاريع للطاقة في مصر، وفتح 500 محطة وقود فيها.


وعلى الرغم من أن أغلب هذه المشاريع جُمدت خلال السنوات الماضية، فإن الاتفاقات الخاصة بها لم تلغ، وكانت طوال السنوات الماضية تنتظر تحسن الأوضاع في البلدين لمنحها قبلة الحياة، واستئنافها لتعطي دفعة هائلة لاقتصاد البلدين.


وعلى الرغم من تأكيد عدد من المراقبين وفقا لصور التقطتها الأقمار الصناعية بأن القوات التركية الموجودة في ليبيا قامت بنشر طائرات إف 16 في قاعدة الوطية، شككت الكاتبة والباحثة الأمريكية أيرينا تسوكرمان بشأن الآفاق طويلة المدى لهذا التقارب بين مصر وحكومة الوفاق في ظل وجود القوات التركية.


وتابعت في تصريحات صحفية أنه وفي أفضل السيناريوهات باستثناء تدخل طرف ثالث، فإن القوات التركية من مصلحتها إنهاء هذا التقارب بين القاهرة وطرابلس، مشيرة إلى أنه يمكن لأنقرة إعادة التسليح للعناصر الموالية لها والاستعداد لحريق أكبر محتمل وخلق التوترات بين الجانبين.


وأضافت أن جميع المؤشرات تشير إلى حدوث انتهاك محتمل لهذا الذوبان الدبلوماسي في المستقبل القريب، حيث لم تتمكن حكومة الوفاق الوطني من مواجهة الانتقادات المستمرة لوجود طائرات F-16 التركية المهددة في المنطقة المجاورة حتى مع اختتام المحادثات بنجاح واضح.


وقالت: "في الواقع، هناك عوامل أخرى تتداخل مع هذا التقارب الذي يبدو مفيدًا للطرفين، أولًا، لن يتوقف الإرهابيون المدعومون من تركيا وقطر عن التسبب في مشاكل الأمن الداخلي لمصر، وقد لا يكون بعض الجهاديين مسئولين مباشرة أمام تركيا في هذه المرحلة. ثانيًا، حكومة الوفاق الوطني نفسها منقسمة على نفسها، وبالتالي فهي عرضة للانقسامات الداخلية التي يمكن أن تكون دليلًا على تدمير هذا الالتزام في أي لحظة. ثالثًا، من الواضح أن تركيا تهدف إلى أكثر بكثير من مجرد ترتيب نفطي مؤقت. تريد سيطرة مادية مباشرة على حقول النفط مما يضعها على مقربة غير مقبولة من الحدود المصرية".


وأكدت تسوكرمان أنه وفي الوقت الحالي، سيُضطر أردوغان إلى البقاء في مكانه بسبب عدم اليقين بشأن الانتقال السياسي في الولايات المتحدة، فضلًا عن محاولة إجراء تسويات وترتيبات مع دول أخرى، بغرض اكتساب تركيا لبعض المزايا في أماكن أخرى وهي الآن بحاجة إلى تهدئة غضب نظرائها في البحر المتوسط من أجل إعادة تزويد اقتصادها الذي يعاني من الانهيار بسبب سوء الإدارة والفساد والنفقات الخارجية المفرطة والعقوبات والمقاطعات من خلال الحصول على البترول الليبي.


أوروبا تتخلى عن ليبيا
وحذرت الباحثة الأمريكية من أن الدول الأوروبية مستعدة لبيع ليبيا مقابل التزام أردوغان بترك جوارها المباشر دون تحدي نسبيًا والانخراط في العمليات السياسية العادية في التفاوض على صفقة التنقيب عن الغاز. وعلى الرغم من أن اليونان وقبرص ستستمران دائمًا في رؤية تركيا كتهديد، فإن إيطاليا وفرنسا أكثر مرونة في هذه القضية.


وأضافت تسوكرمان أن هذا يعني أنه لا يمكن الوثوق في بلدين من الدول الأوروبية التي لها مصالح في ليبيا - إيطاليا وفرنسا - في معارضة التوغلات التركية، وقد أثبتت الجماعات الروسية "فاجنر" أنها أكثر استعدادًا لعقد صفقات مع تركيا كلما كان ذلك مناسبًا لمصالحها. مع عدم وجود ضوابط ضد مصالحها في تلك المنطقة ، وتتفهم تركيا بالتالي الإفلات النسبي من العقاب الذي ستواجهه طالما أنها تحترم بعض حدود شرق البحر الأبيض المتوسط.


وذكرت أننا نشهد هذا بالفعل بسبب فشل الأوروبيين في اعتراض شحنات الأسلحة التركية التي تصل باستمرار إلى ليبيا حتى أثناء وبعد انتهاء هذه المحادثات. علاوة على ذلك ، لم نر أي مؤشر على تحالف أي طرف مع تركيا لنزع سلاحه وتقليصه بهدوء نتيجة للتقارب بين مصر وحكومة الوفاق الوطني. وعلى العكس من ذلك، صوتت تركيا للتو على تمديد الاشتباك العسكري في ليبيا لمدة 18 شهرًا. كما تواجه حكومة الوفاق الوطني مشاكل سياسية من أجل تحقيق السيادة في الأجزاء التابعة لها، حيث تسعى العناصر الإسلاموية غير المقبولة إلى الاستفادة من الإدارة الديمقراطية القادمة للسيطرة على حكومة طرابلس وتعزيزها من خلال الانتخابات القادمة.


تحذير من لعبة تركية
وشددت الباحثة الأمريكية على أنه إذا أدى دعم تركيا إلى الدفع في اتجاه الانتخابات، فإن جماعة الإخوان المسلمين سوف تتولى السيطرة السياسية السلمية على ليبيا، ومن غير المرجح أن تحترم شروط العلاقة مع القاهرة، وتستمر في نشر الدعاية وتوسيع نطاق التواصل الأيديولوجي إلى ما بعد الخطوط الحمراء التي تم التفاوض عليها ، بصرف النظر عن الأمن المادي المباشر المتنامي الواضح.


وأضافت أنه وعلاوة على ذلك، فإن حقيقة وجود بايدن تشكل تهديدًا مباشرًا لاتفاق السلام في ليبيا، حيث ترغب عناصر من إدارته في رؤية الجيش الوطني الليبي والفريق حفتر وأتباعه قد تم القضاء عليه كعامل سياسي وعسكري تمامًا.


وقالت تسوكرمان إن الروس أيضًا يستخدمون فقط ترتيبهم مع الجيش الوطني الليبي لجني الأرباح وتعزيز سيطرتهم الداخلية، وهو الوضع الذي ينبغي أن يثير استياء مصر.