الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

إيران تلاعب الجميع.. معركة الاتفاق النووي تحتدم.. لماذا تغلق طهران الباب أمام عودة أمريكا؟.. وإدارة بايدن تكشر عن أنيابها

صدى البلد

* خلاف حاد بين روحاني وميركل بشأن الاتفاق النووي
* بين اليمن ولبنان .. بايدن يحاول تكرار خطة ماكرون
* الخارجية الأمريكية: كل الخيارات أمام إدارة بايدن متاحة 

مع قدوم إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى البيت الأبيض التي لديها العديد من الخلافات مع الإدارة السابقة برئاسة دونالد ترامب، تلك الخلافات ستؤدي إلى تغيرات واسعة في الشرق الأوسط، والتي ستتحدد نسبة كبيرة منها وفقا لاتجاه العلاقات الأمريكية الإيرانية.

بدأت جهود التفاوض مع إيران من أجل إعادة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي ولكن بعد توسيع نطاقه ليشمل القضايا الخلافية الكبرى مع إيران سياسيا وعسكريا.

أكدت وزارة الخارجية الأمريكية، يوم الأربعاء، أن واشنطن لن تعود إلى الاتفاق النووي الإيراني، قبل تراجع إيران عن انتهاكاتها للاتفاق.

وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية، جيرالدين جريفيث، في تصريحات لقناة "العربية" إن "واشنطن لن تعود للاتفاق قبل تراجع إيران عن انتهاكاتها"، مشيرة إلى أن دول المنطقة والعالم لديها مخاوف من الملف النووي الإيراني.

ونوهت جريفيث إلى أن إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، أمامها خيارات كثيرة للتعامل مع إيران، مضيفة: " كل الخيارات مطروحة أمام إدارة بايدن للتعامل مع النووي الإيراني".

روحاني وميركل

أجرى الرئيس الإيراني حسن روحاني اتصالا هاتفياُ مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل وناقشا خلاله الاتفاق النووي وعدم التزام طهران.

وبحسب وكالة "تسنيم" الإيرانية، وقال روحاني خلال الاتصال إنه من "المستحيل" إدخال تعديلات أو "قضايا" جديدة إلى الاتفاق النووي. وأضاف:"إذا كانت تريد أوروبا حقًا الحفاظ على الاتفاق النووي وأهدافه يجب عليها إثبات ذلك عمليًا".

وقال رئيس مكتب روحاني إن هذا الاتصال هو الأول من قبل زعماء الثلاثي الأوروبي، فرنسا وأوروبا وبريطانيا، مع روحاني في إطار الجهود الدبلوماسية من أجل الحفاظ على الاتفاق النووي، بعد وصول إدارة الرئيس الامريكي جو بايدن إلى البيت الأبيض.

واكد روحاني أن الطريقة الوحيدة للحفاظ على الاتفاق النووي هي رفع العقوبات الأمريكية اللا إنسانية.

من جانبها أبلغت ميركل روحاني قلقها البالغ بشأن عدم التزام طهران بالاتفاق النووي.

وشددت ميركل أن على إيران إرسال رسائل إيجابية لبناء الثقة من أجل زيادة فرص الحل الدبلوماسي. وقالت ميركل إن  بلادها والشركاء الآخرين في الاتفاق النووي مهتمون جدا بالحفاظ عليه.

إيران تتحدى الجميع 

أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في تقرير أن إيران تعتزم تركيب المزيد من أجهزة الطرد المركزي في منشأة ناتانز النووية. 

ونقلت رويترز عن تقرير للوكالة الدولية للطاقة الذرية، أن إيران أبلغت الوكالة بعزمها تركيب أجهزة طرد مركزي متطورة من طراز IR-2m في منشأة تخصيب اليورانيوم تحت الأرض في نطنز.

وقالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في تقريرها:"قالت إيران إنها تعتزم تركيب مجموعتين من 174 جهاز طرد مركزي من طراز IR-2m في محطة نطنز لتخصيب اليورانيوم". وبذلك يرتفع إجمالي عدد مجموعات أجهزة الطرد المركزي IR-2m التي سيتم تركيبها أو تركيبها وتشغيلها إلى 6.

وجاءت هذه الأنباء بعد ساعات من إعلان وسائل الإعلام أن رافائيل جروسي، المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية ، كان من المقرر أن يسافر إلى طهران يوم السبت. الغرض من هذه الرحلة هو التوصل إلى حلول لاستمرار نظام تفتيش الوكالة الدولية للطاقة الذرية في إيران

رد الفعل الأمريكي

حذرت وزارة الخارجية الأمريكية، من أن إيران أصبحت على مسافة بضعة أشهر من إنتاج السلاح النووي.

وقال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، نيد برايس، في مؤتمر صحفي، إن "انتهاكات إيران للاتفاق النووي تجعلها الآن على مسافة بضعة أشهُر من القدرة على إنتاج سلاح نووي".

وطالب برايس إيران بالتراجع عن انتهاكاتها للاتفاق النووي، مشيرًا إلى أن الاتفاق النووي الإيراني سيكون محور المباحثات مع ألمانيا وفرنسا وبريطانيا يوم الخميس.

وتابع: "على إيران أن تبدي تعاونا مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية والتزامها ببنود الاتفاق النووي سيشكل بداية للبناء عليه ومعالجة القضايا الأخرى".

وأردف: "الاتفاق النووي يمثل نقطة بداية وليس سقفًا لتطلعاتنا، ويجب توسيعه ليشمل مجالات أخرى مثل برنامج إيران الصاروخي".


أولوية إيران ليست الاتفاق النووي .. بل النفوذ الإقليمي

في تقرير نشرته صحيفة "اندبندنت" البريطانية بنسختها باللغة الفارسية، بعنوان "أولوية إيران الحفاظ على إطلاق يديها في المنطقة، وليس العودة للاتفاق النووي" قالت إن مباردة الرئيس الأمريكي جو بايدن بشأن اليمن تحمل العديد من أوجه الشبه مع مبادرة نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون بشأن لبنان، وتواجه كلتا المبادرتين، التي كان من المتوقع أن يكون لها القدرة على حل أزمات البلدين أو على الأقل التمهيد لذلك.

وأشار التقرير إلى أن أزمات تمثل عقبات في المنطقة مثل اليمن ولبنان ليست مجرد نزاعات داخلية على السلطة، لكنها جزء أصيل من قضية أكبر جوهرها دور إيران في المنطقة.

فإيران التي بذلت جهودًا كبيرة خلال العقود الماضية لإقامة قواعد لها في لبنان واليمن وبعض الدول الأخرى، غير مستعدة للعب دور في حل تحديات وصعوبات البلدين خارج مصالحها المباشرة، وبدون أن تضمن مصالحها، لا يبدو أن طهران مستعدة لتسهيل ما يراه بايدن وماكرون ضروريًا لإخراج اليمن ولبنان من مستنقع أزماتهما.

يرى التقرير أن ماكرون كان صاحب الأسبقية في تقدير الحوافز قبل المبادرة وأثناءها وحتى بعدها. ولتحقيق هذا الهدف وضع نفسه في صميم الاتفاق كوسيط، إلى جانب الثلاثي الأوروبي (مع بريطانيا وألمانيا) لتسهيل العودة إلى الاتفاق النووي الذي خرجت منه أمريكا.

وفي لبنان، حاول ماكرون ألا يزعج حزب الله، الذي يعتبر الركيزة الأساسية لسياسة إيران في العالم العربي. لهذا السبب، لم يستجب لمطالب غالبية اللبنانيين بضرورة تسليم سلاح حزب الله للحكومة اللبنانية الشرعية، ولك يطرح كذلك موضوع إجراء انتخابات مبكرة بناءً على اقتراح حزب الله. إضافة إلى ذلك، رفض اقتراح تشكيل حكومة خارج سيطرة حزب الله.

لكن سرعان ما أحبطت الحكومة الإيرانية خطة فرنسا، ووصفتها بأنها محاولة غربية جديدة لضرب "محور المقاومة" وعلى رأسه حزب الله. بعد ذلك جاء ماكرون بفكرة إنقاذ الاتفاق النووي من خلال إشراك القوى الإقليمية، وخاصة السعودية والإمارات، في صياغة نسخة جديدة له. رفضت إيران بشكل قاطع عرض باريس، مؤكدة أن الاتفاق النووي المتعدد الأطراف والمصدق عليه من قبل مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة، غير قابل للنقاش بأي حال من الأحوال، بالإضافة إلى ذلك، فإن أطراف الاتفاقية النووية واضحة وغير قابلة للتغيير.

لم ترفض إيران مقترحات ماكرون للتوصل إلى اتفاق نووي فحسب، بل وضعت أيضًا شروطًا جديدة للولايات المتحدة، داعية إلى الرفع الكامل للعقوبات المفروضة على إيران في المقام الأول، قبل أن تتخلى طهران عن تخصيب اليورانيوم بنسبة 20% والعودة إلى التخصيب 3.67% المتفق عليه. كما تشترط إيران على واشنطن تعويضها عن الضرر الناجم عن العقوبات كدليل على حسن النية، إضافة إلى ذلك، رفضت طهران بشكل قاطع إدراج قضية الصواريخ الباليستية والتدخل في شؤون دول المنطقة في أي نقاش يهدف إلى تفعيل الاتفاق النووي.

مثلما دخل ماكرون في القضية الإيرانية من خلال قضية لبنان، استخدم بايدن اليمن أيضًا كبوابة للولايات المتحدة بعد إعلان تغيير شامل في السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط، بما في ذلك "مراجعة" الدعم العسكري لدول الخليج واستئناف المحادثات مع إيران التي تم اختيارها للدخول في هذه القضية.

وبالمثل، في الأسبوع الأول من فبراير، قال بايدن:"هذه الحرب يجب أن تنتهي"، منهيًا الدعم الأمريكي للعمليات الهجومية، بما في ذلك بيع الأسلحة المتعلقة بالحرب اليمنية، تنفيذًا للقرار. ثم ألغت إدارته قرار تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية. أرسل بايدن تيموثي لاندر كينج، مبعوثه الخاص إلى اليمن، إلى الرياض بعد أسبوع من تعيينه، ولكن في اللحظة التي غادر فيها المبعوث الخاص للرئيس الأمريكي، استهدف الحوثيون مطار أبها في السعودية مع تصعيدهم لهجماتهم على المملكة. وهذا يعني أن جهود واشنطن لتقريب الحوثيين من منطق حل الأزمة عبر الحوار قوبلت بالشكوك وأظهرت أن قرارات الجماعة تتخذ في طهران. ونتيجة لذلك، فكما رفضت طهران تسهيل مهمة ماكرون في لبنان، كذلك فعلت مع طموح بايدن بالنجاح في حل الأزمة في اليمن، ورفعت شعار "لنتفاوض معنا أولًا وبشروطنا".

في الواقع، قرر قادة إيران، كما اقترحوا ضمنيًا على حكومة بايدن، وتوترت علاقتهم مع حلفاء طهران السياسيين في المنطقة، إبقاء الوضع الحالي والسيطرة عليه حتى الانتخابات الرئاسية الإيرانية المقبلة. وخلال الانتخابات، استبدل حسن روحاني بشخص آخر أقرب إلى المرشد الإيراني علي خامنئي وأكثر ولاءً له.

بالطبع، تم توضيح إجراء إيراني آخر في هذا الصدد في خطاب خامنئي في 8 يناير، عندما قال إن إيران لن تكن في عجلة من أمرها وأنه إذا لم يتم رفع العقوبات مقدمًا، فقد تكون عودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي أمر ضار لمصالح طهران. بعد حوالي شهر، في خطاب لاحق، قال المرشد الإيراني أنه بعد رفع العقوبات عن واشنطن، ستنظر إيران أولًا فيما إذا كانت قد رفعت العقوبات. وهذا يعني أن طهران لديها القدرة على بيع النفط واستعادة علاقاتها المالية مع الأسواق الدولية دون أي مراجعة للسياسات الإقليمية أو برامج الصواريخ.

وجاءت تصريحات خامنئي، التي لم تذكر اليمن أو القضايا الإقليمية، بعد ثلاثة أيام فقط من تصريحات بايدن حول أزمة الحرب في اليمن، وإحياء "إنجازات" قاسم سليماني، إضافة إلى الضجيج والدعاية في وسائل الإعلام الإيرانية حول هجمات الحوثيين. و'الانتفاضة الشعبية 'في العراق واحتفال أنصار إيران في البحرين، لم يعد المسؤولون الإيرانيون يذكرون قضية لبنان.

الواقع أن طهران تنتظر انهيار التحالف العربي الدولي، وتحاول في الوقت ذاته استغلال الانشغال الداخلي لإدارة بايدن، خاصة بعد فشل مساعي عزل الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في مجلس الشيوخ. بالإضافة إلى ذلك، تسعى إيران إلى بناء تحالف دولي، وكان جهد طهران الأساسي في هذا الصدد هو رسالة خامنئي إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لكن بوتين لم يقابل محمد باقر قاليباف، رئيس البرلمان الإيراني، الذي حمل الرسالة. إن رد موسكو، بالطبع، يبعث برسالة مفادها أن خطط إيران لا تتماشى مع خطط أصدقائها المفترضين، وأن هذه الخطط ستكون بلا شك غير مقبولة للمعارضين التقليديين للنظام الإيراني الذي يقضي أيامه في التدريبات العسكرية والخطاب الاستبدادي.