الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

رمضان البيه يكتب: من أسرار السجود

صدى البلد

للإسلام أسس وأركان خمس يقام عليها وهي التي أشار إليها الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وعلى آله بقوله: "بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت لمن إستطاع إليه سبيلا".


ومن المعلوم أن الصلاة هي أعظم ركن في الأركان فهي الركن الجامع للأركان، ففيها يشهد المصلي بأن لا إله إلا الله وأن سيدنا محمدا رسول الله  أثناء قراءة التحيات. 


وفيها تتزكى النفس من خلال الاتصال بالله تعالى، وفيها الامتناع عن كل الشهوات إشارة للصوم، وفيها يتجه المصلي إلى بيت الله الحرام عند استقباله للقبلة إشارة إلى الحج.


والصلاة كما أخبر النبي الكريم صلى الله عليه وسلم وعلى آله هي عماد الدين فمن أقامها فقد أقام الدين ومن تركها فقد هدم الدين وهي أول ما يحاسب عليه المرء فإن صلحت صلح سائر عمله وإن فسدت فسد سائر عمله.


والصلاة هي صلة واتصال العبد بربه تعالى الذي آمن به وشهد بوحدانيته، والصلاة تلبية واستجابة لنداء الله تعالى في مواقيتها واستقبال للقبلة والوقوف بين يدي الله عز وجل بعد تكبيرة الإحرام ثم الركوع بعد قراءة الفاتحة وما تيسر من آيات الله تعالى، إشارة إلى إجلال الله تبارك وتعالى وتعظيمه.


ثم الرفع إشارة إلى رفعة مقام العبد عند ربه تعالى، ثم السجود وهو أعلى مظهر في الصلاة والعبادة وعلى أثره يقام العبد في حضرة الوصل والقرب من ربه تعالى ومولاه جل في علاه.


وللسجود معانٍ عظيمة وفيه إشارات عديدة تكمن في قوله تعالى "واسجد واقترب"، أولا: يتجلى في السجود الإقرار بوحدانية الله تعالى وربوبيته وأنه تعالى هو المعبود وحده والمستحق للسجود وحده، فلا سجود عبادة لغيره تعالى.


هذا وقد يقول قائل: "إن الله تعالى أمر الملائكة بالسجود لأبو البشر سيدنا آدم عليه السلام فسجدوا"، أقول: إن السجود لآدم عليه السلام كان سجود تكريم وليس سجود عبادة، وكان عبارة عن انحناء وليس كسجودنا لله تعالى.


هذا ومن معانى السجود أيضا، الخضوع والانقياد وإظهار العجز والذل والإفتقار والعوز الكامل لله تعالى الواحد الأحد القهار، وتتجلى حقيقة العبودية لله من خلاله، وعلى أثره يقام العبد في حال الوصل الكامل بالله تعالى ويقام في حضرة القرب لقول النبي الكريم صلى الله عليه وسلم وعلى آله "أقرب ما يكون العبد بينه وبين ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء وأنتم سجود".


ويتجلى من خلال مشهد السجود الإقرار بربوبية الله تعالى وهيمنته سبحانه والإقرار بعظمته وقيموميته عز وجل والإذعان لأمره تعالى والطاعة الكاملة والولاء له وحده سبحانه.


وقد ورد في كتاب الله تعالى خمسة عشر آية كريمة تسمى آيات سجود التلاوة، وهي الآيات التي أوجب الحق سبحانه وتعالى السجود عند تلاوتها.


وأعتقد أن هناك سرا في عدد هذه الآيات الخمسة عشر يكمن فيه كمال العبودية لله تعالى والإقرار له بها والتحقق بها في عالم الأراضين السبع والسموات السبع.


بمعنى أن للتحقق بالعبودية يجب أن يكن للعبد في كل أرض من الأراضين السبع سجدة وفي كل سماء من السموات سجدة قلبية أي بالقلب مع الجسد، فتكن بذلك عدد السجدات أربع عشرة سجدة وهي مجموع عدد السموات والأرضين، وتبقى سجدة لتتمة سجدات التلاوة الخامسة عشر وهي السجدة التي يقام بها العبد في حضرة القرب من ربه تعالى ومولاه جل في علاه وهي المشار إليها في قوله تعالى "واسجد واقترب".


اللهم حققنا بعبوديتك وامنحنا سجدة القلب التي لا رفع بعدها أبدا، كما أشار العارفون بك سبحانك بقولهم: "إذا سجد قلب العبد ساعة لا يرفع حتى تقوم الساعة"، اللهم آمين.