قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

القاهرة للدراسات الاستراتيجية يعقد ندوة تحت عنوان "فيودور دستويفسكي.. إطلالة على الفكر والأدب"

0|صدى البلد

قام مركز القاهرة للدراسات الاستراتيجيةCCSS - برنامج دراسات القوة الناعمة - بعقد ندوة تحت عنوان "فيودور دوستويفسكي.. إطلالة على الفكر والأدب"، ألقت خلالها الدكتورة دينا محمد عبده، أستاذ الأدب الروسي بكلية الألسن جامعة عين شمس محاضرة.. عرضت فيها أهم المحطات الحياتية للأديب العالمي، وأهم وأبرز أعماله الأدبية. وقد أدار الندوة التي حضرها نخبة من المثقفين من الجانب المصري والروسي، وأعضاء من فريق التميز بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة.. الدكتور محمد خالد القعيد أستاذ التاريخ والحضارة، يأتي ذلكتجاوبًا مع دعوة منظمة اليونسكو لإحياء الذكرى المئوية الثانية للأديب الروسي العالمي "فيودور دوستويفسكي.

في البداية أثني الدكتور محمد خالد القعيد على الجهد المبذول من جانب مركز القاهرة للدراسات الاستراتيجية CCSS في مجال الاهتمام بالقوة الناعمة. وتحدث عن الدكتورة دينا محمد عبده كونها باحثة تعمقت في الفكر الإنساني بشكل عام، والروسي بشكل خاص، فتفاعلت مع الأدب الإنساني في الشكل الروسي. هذا إلى جانب دورها الأكاديمي المهم في استخراج واستكشاف البحوث التي تمتد في عمق النفس البشرية. أما عن دوستويفسكي، فقد أشار الدكتور القعيد إلى أنه قد جمع ما بين التأييد والرفض، فكان للينين موقف مضاد له، بعكس ستالين الذي كان ما بين مؤيد ومعارض.

بدأت الدكتورة دينا حديثها باستعراض السيرة الذاتية لـ"فيودور دوستويفكي" لما لها من تأثير كبير وانعكاس واضح على أعماله الأدبية. ولد الأديب العالمي عام 1821 في فترة عصيبة من تاريخ الدولة الروسية. وهو ينتمي لأسرة نبيلة من القرن السادس عشر. كان والده طبيبًا، وقد نشأ في أسرة منضبطة ومحافظة للغاية، حرص فيها الوالدان على تثقيف الأبناء، فكان اجتماع الأسرة الدائم للقراءة ومناقشة الأعمال الأدبية.

بعد إنهاءه المرحلة الثانوية، انجذب دوستويفسكي للأدب وقرر امتهانه، إلا أن الوالد أصر على دراسته وأخيه للهندسة، التي لم تستهوه كثيرًا، وكان - بحسب أصدقاءه - لا يفارق الكتاب.

عُين "فيودور دوستويفسكي" ضابطً مهندسًا برتبة ملازم ثانٍ، ليتقاعد وهو يحمل رتبة ملازم أول.. مكرسًا حياته للأدب. انضم دوستويفسكي للحلقات الأدبية، منها حلقة الناقد الكبير "بيلينسكي"، التي انفصل عنها بعد روايته "المزدوج" التي لم تُستقبل بشكل جيد، لينضم إلى صالون أدبي آخر، تعرف فيه على كثير من الأدباء والنقاد. وهناك تعرف على "بيتراشفسكي"، الذي كان يعقد اجتماعات أسبوعية لمناقشة قضايا سياسية محظورة مثل ضرورة رفع الحظر على الطباعة، وتغيير الإجراءات القانونية، وحرية الفلاحين من نظام العبودية. ليكون ذلك سببًا في سجنه ليلة نشر روايته "الليالي البيضاء".. لمدة ثمانية أشهر، أُصدر عليه بعدها حكمًا بالإعدام، تم تخفيفه إلى الحكم بالأشغال الشاقة لمدة ثماني سنوات، ثم أربعة سنوات بناءً على توصية القيصر نيقولاي الأول.. قضاها في سيبيريا.

كانت لتلك الفترة تأثيرًا كبيرًا في دوستويفسكي، فقد تحول إلى رجل شديد التدين، اتخذ من يسوع المسيح مثله الأعلى. كما أصيب بمرض الصرع في تلك الفترة. وصور لحظات ما قبل الإعدام المريعة في روايته "الأبله"، وفترة المعتقل القاسية في روايته "رسائل من بيت ميت"، التي مثَّلت فتحًا جديدًا، حيث لم يسبقه أحد للحديث عن حياة المعتقلين. فكان بذلك هو الرائد الحقيقي لأدب التوثيق الروسي.

كما كان للفترة التي قضاها في أوروبا تأثيرًا واضحًا أيضًا في كلًا من كتاباته وحياته. فقد انجذب إلى لعبة الروليت التي أفقدته كثير من الأموال، وصور ذلك في رواية "المقامر". وتأثر بالأفكار الغربية والإلحادية ومبادئ الثورة الفرنسية.

كان عام 1864 هو عام الانقلاب في الأفكار والمعتقدات للمرة الثانية، بعد وفاة أخيه وزوجته الأولى. تزوج بعد ذلك زوجته الثانية آنا التي عاشت معه عشرين عامًا، حتى وفاته عام 1881، التي كان قد تنبأ بها.

لم يحصل دسوتويفسكي على الشهرة والمكانة العالمية إلا بعد وفاته، وقد أكد "سيجموند فرويد" على تأثره بشدة في كثير من نظرياته بـ"فيودور دوستويفسكي".

وبالانتقال للحديث عن أعماله الأدبية، أشارت الدكتورة دينا محمد عبده إلى اتفاق النقاد على كون خمسة روايات أعظم أعمال "دوستويفسكي" الأدبية.. وهى: "الجريمة والعقاب"، و"الأبله"، و"المراهق"، و"الشياطين"، و"الأخوة كارمازوف"، بينما تمثل الأخيرة أعظم أعماله كافة من وجهة نظرها.

وفي أسلوب حكائي جذاب، قصَّت الدكتورة دينا رواية "الجريمة والعقاب" والتي كتبها دوستويفسكي في 26 يومًا فقط، وجسدتها السينما المصرية في فيلمين: "الجريمة والعقاب"، و"سونيا والمجنون". وفيها كان دوستويفسكي يرى أن الحل هو الرجوع لتعاليم الدين المسيحي الأرثوذكسي، وتعاليم السيد المسيح. وبالرغم من إعجابه بالثورة الفرنسية، إلا أنه كان ضد قيام الثورات، ويؤمن بأن التغيير لن يحدث إلا تدريجيًا. ولذا فقد انتمى إلى فريق الأدباء الليبراليين الإصلاحيين الروس.

ثم انتقلت أستاذ الأدب الروسي إلى آخر أعمال دوستويفسكي الأدبية.. "الأخوة كارمازوف"، التي تمثل قمة النضج الفكري للكاتب. وفي هذه الرواية - بحسب دكتورة دينا - قام دوستويفسكي بتصوير نفسه في جميع أبناء كارمازوف. فهو ميتيا الذي يعيش حياة ماجنة، عاشها دوستويفسكي في أوروبا. وهو إيفان الذي يمثل مرحلة الإلحاد في حياته، وهو الأخ الأصغر الذي يعاني من الصرع، وهو إليوشا تلك الشخصية النقية التي لا طالما تمنى دوستويفسكي أن يكون والبشرية كلها مثلها. ومرة أخرى يرى دوستويفسكي في هذه الرواية أن إنكار وجود الرب يفتح باب الجريمة، وأنه لابد من العودة إليه من أجل أن يحيا الإنسان حياة سوية.

وفي إطلالة سريعة على الأدب الروسي المعاصر، استعرضت الدكتورة دينا الحقب الزمنية للأدب الروسي، والذي بدأ في القرن الثامن عشر، ليشهد أزهى عصوره في القرن التاسع عشر.. حيث بوشكين ودوستويفسكي وغيرهم. ثم جاء القرن العشرين ليظهر أدب الحداثة على يد "شعراء العصر الفضي"، وكذلك الأدب السوفيتي الذي تميز بالمركزية والحزبية الشديدة، فلم تظهر الأعمال المعارضة إلا في المهجر. وفي عهد يلتسن شهد الأدب الروسي انهيارًا كبيرًا، ثم ظهر "أدب ما بعد الحداثة" ذو التيارات المختلفة، والذي يدعو للحرية في كل شئ.

وقد جرى تصنيف الأدب الروسي إلى أدب جماهيري وأدب النخبة، الذي ينتمي إليه أغلب الأدب الروسي. أما الآن فقد أصبح هناك تداخل بين الأصناف الأدبية المختلفة، وظهر أدباء الانترنت، حيث تتحول الرواية إلى لعبة كمبيوتر. لكن بعض الأدباء المعاصرين يقومون بالتجاوز في تناول القضايا من الناحية الأخلاقية، خلافًا لما تميز به الأدب الروسي.

ثم بدأ النقاش، حيث أشار الحضور لما كان للأدب الروسي من تأثير على الأدب الغربي، وبالرغم من ذلك فهو لم يحظَ بالتأييد العالمي، وبخاصة من الجانب الأوروبي. وهنا أشارت الدكتورة دينا إلى أن الروس لم يهتموا بالعالم المحيط، وخلقوا عالمهم الخاص، وجوائزهم الخاصة لتشجيع الكتابة والحركة الفكرية والأدبية، مثل جائزة الدولة الروسية، وجائزة الكتاب. كما قاموا برفع قيمة الجائزة حتى أن بعضها وصل إلى ثلاثة مليون روبل.
أما عن تأثير دوستويفسكي على بوتين، فقد قالت الدكتورة دينا إن الأخير يتمتع بشخصية عقلانية تجنح إلى اختيار الأفضل من التجارب والفترات التاريخية السابقة. وبالتالي فإن الجانب الإصلاحي لدوستويفسكي يلقى قبولًا كبيرًا لدى بوتين.

وبالحديث عن حركة الترجمة، أوضحت الدكتورة دينا وجود تقصير من الجانب الروسي، ذلك أنه في الفترة السوفيتية، نشطت دور النشر، وكانت هناك حركة واسعة للترجمة والترويج للأدب الروسي. أما الآن فقد أصبح هناك نوع من التعتيم على الأدب الروسي، خاصة بعد إغلاق العديد من دور النشر. كذلك هناك تقصير في العالم العربي في هذا المجال، بالرغم من وجود حركة ترجمة نشطة في سوريا والعراق، لكنها من الروسية إلى العربية، وليس العكس. أيضًا في مصر، لا توجد ترجمات للأدب الروسي، لاسيما في ظل ما يعانيه هذا الحقل من مشكلات مادية، وافتقاره للدعم.

وأضافت الدكتورة دينا أن القارئ الروسي لا يعرف سوى القليل عن الأدب المصري.. من خلال بعض الأعمال المترجمة للدكتور طه حسين، وتوفيق الحكيم، ونجيب محفوظ، ويوسف إدريس. وهى كلها أعمال محدودة للغاية.

وهنا أوصى الأستاذ أحمد المسلماني، المستشار السابق لرئيس الجمهورية، ورئيس مركز القاهرة للدراسات الاستراتيجية، بترجمة كتاب "عصر العلم" للدكتور أحمد زويل، من تقديم الأديب العالمي نجيب محفوظ.. بدعم من المركز، والذي جمع بين اثنين من حائزي نوبل.