الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

هل تنجح الحكومة في إعادة الهيبة للقطن المصري؟ | 9 إجراءات مهمة يكشف عنها الخبراء

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

للقطن المصري مكانته التي عرفها العالم أجمع منذ القدم، ولقبوه بالذهب الأبيض، بفضل جودته العالية ونقائه، إلى أن فقدت مصر على مدى العقود الثلاثة الماضية ريادتها في إنتاج وتصدير القطن، وهو ما جعل الحكومة تولى اهتماما كبيرا لعودة القطن المصري لمكانته العالمية واستعادة عرشه الملكي.

وكان آخر تلك الجهود هو مشروع قانون مقدم من الحكومة بتعديل بعض أحكام القانون رقم 106 لسنة 1973 بشأن بعض الأحكام الخاصة بالقطن في مجموع مواده، والذي حسمه مجلس النواب، الأحد، من خلال إرساله لقسم التشريع بمجلس الدولة لمراجعته، ومن ثم أخذ الرأي النهائي فيه.

تجاوزات من المحالج الغير مُرخص
أكد أستاذ كلية الزراعة بجامعة عين شمس، رئيس قطاع الخدمات بوزارة الزراعة سابقا، الدكتور أحمد أبو زيد، ضرورة تلك التعديلات التي تدخل على الأحكام الخاصة بالقطن، والتى تعيد بدورها قيمة ومكانة القطن المصري، وتصدره العالمية.

وأشار أبو زيد إلى أن القطن المصري، كان يشهد بعض التجاوزات من المحالج الغير مُرخصة، التي كانت تدور بها أعمال حلج وغزل للقطن دون أن تخضع للرقابة، لتدخل ضمن شريحة جزئية من المحالج يُطلق عليها "الدواليب الخاصة"، مسببة بشكل رئيسي نوعا من العشوائية في جودة القطن، بسبب خلط أكثر من نوع للقطن.

وتحدث "أبو زيد" في تصريحات لـ"صدى البلد"، عن إمكانية إعادة عرش الذهب الأبيض مرة أخرى، خاصة في ظل اهتمام القيادة السياسية بتطوير منظومة القطن من خلال خطة طموحة وجه بها الرئيس عبد الفتاح السيسي لوزارة قطاع الأعمال ووزارة الصناعة بالتعاون مع وزارة الزراعة، فضلا عن التعاون مع مجلس محاصيل الألياف وأكثر من معهد لبحوث القطن، للحفاظ على تنقية الأصناف، والالتزام بالخريطة الصنفية الخاصة بالقطن للحفاظ على جودته، و تطوير تلك المحالج والمغازل.

قانون به عوار
وأوضح أبو زيد أن القانون رقم 106 لسنة 1973، الخاص بتجارة القطن كان يحمل ثغرات، إلا أن عمل الهيئة العامة للتحكيم واختبارات القطن، والمنوط إليها تحديد رتب وجودة القطن من خلال الرقابة والاختبارات التى تشنها، فضلا عن وجود مادتين للقانون، الذي يعطي سلطة تمكين لهذه الهيئة في إحكام عملية الرقابة على كافة مراحل تداول القطن داخل جميع المغازل في مصر، وتلخصت التعديلات في ضرورة وجود سجلات مثبوت فيها كميات وأصناف ومصادر ورتب الأقطان الموجودة بها، وذلك لمنع تجارة الأقطان المغلوطة والغش في القطن وتسريب البذور من تلك الدواليب لبعض المزارعين.

عقوبة رادعة للمخالفين
وفي السياق ذاته، شدد "أبو زيد" على أن عدم وجود عقوبة تردع المخالفين ساهم في تدهور جودة القطن المصري، لـ تنص التعديلات الجديدة على عقوبة تصل للحبس لأي شخص لديه مغزل غير مرخص، مدة لا تزيد عن 6 أشهر وبغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه ولا تتجاوز مليون جنيه، أو بإحدى العقوبتين ومصادرة القطن المضبوط، مشيرا إلى أن هذه المحالج الخاصة كانت ضمن الاقتصاد الموازي الغير الرسمي، وهو ما أساء لسمعة القطن.

حلقات رسمية
وتابع "أبو زيد"، أن ما يحدث الآن هو الرجوع للوضع الطبيعي، بأن يتم تداول القطن من خلال حلقات رسمية مثل البورصة، والتي يعلن فيها سعر بيع القطن، وتوريد رتب القطن للمحالج المرخصة، وهو ضمن المشاريع الهامة التي ستحافظ على القطن من الخلط والتدهور ودعم الممارسات السليمة ووضع ردع لأي تجاوز.

ومن الناحية الزراعية، شدد "أبو زيد" على أن التعديلات تمنع بيع البذور في المحالج غير المرخصة، فضلا عن خطة الدولة حاليا لزيادة النقاوة من خلال معهد بحوث القطن ومعهد البحوث الزراعية، وتطوير المغازل المحلية لكي تتناسب مع صفات القطن المصري طويل التيلة وإدخال استخدام الميكنة والجني الآلي للقطن.

الزراعة التعاقدية 
واختتم حديثه مؤكدا على أهمية إصدار قانون رقم 14 لسنة 2015 الخاص بالزراعة التعاقدية الذي يخلق نوعا من التكافل بين المغازل والمصانع القائمة على صناعة الغزل والنسيج وبين المزارعين، وتم بالفعل اتخاذ إجراءات جادة لإنفاذ القانون، وهو ما سيخرج الزراعة التعاقدية للنور، وبعد انتهاء خطة تطوير المحالج للعمل على القطن طويل التيلة، ستتضمن المصانع الخاصة بالغزل والنسيج ما يعرف بـ الزراعة التعاقدية، وهي التي ستأتي بالأصناف النقية والمعتمدة من وزارة الزراعة للتعاقد بها مع أهالينا المزارعين، وهذه الخطوة ستجعل للمزارعين سعر مسبق، وهو ما سيجشع على زراعة مساحات كبيرة من القطن، بسبب القضاء على مشاكل التسويق.

خلط لـ فتله مع القطن قصير التيلة
وفي السياق ذاته، أكد الخبير الزراعي، المهندس مجدي الصبان، الخبير الزراعي، أن ذلك القانون من الممكن أن يعيد للقطن المصري مكانته مرة أخرى، بعد أن شهد مؤخرا حالات تدهور وخلط لفتله مع القطن قصير التيلة، التي تعمل به أغلب المحالج الموجودة في مصر.

وأشار "الصبان" في تصريحات لـ"صدى البلد" إلى أن وجود نوع واحد من القطن وهو قصير التيلة، أدى إلى وقف العمالة بجميع المحالج التي تعتمد في تصنيعها على النوع ذو الفتلة الطويلة، متابعا: أن القطن المصري أفضل قطن عالمي.

تزوير القطن المصري
وشدد "الصبان" على أن تطبيق مثل هذا القانون يأتي في صالح البلد ومن ثم صالح الفلاح أو المزارع المصري، كما أشار إلى أن عالمية القطن المصري شجعت على عمليات التزوير فيه من خلال خلطه بالعديد من أنواع الأقطان الأخرى.

بورصة القطن والبصل
وعن إمكانية كفاية القطن المصري للصناعة المصرية، ومن ثم وجود فائض لتصديره بالخارج، أوضح "الصبان"، أنه قبل الحرب العالمية الثانية وحتى نهاية التسعينات كان لمصر بورصة عالمية في محصولي القطن والبصل، والتي تعني بدورها لجوء مصانع إنجلترا ولندن وغيرها من الدول الأوروبية للبورصة المصرية، حيث كان لمصر باع طويل في ريادة تلك البورصات العالمية.

ترتيب الأولويات
وفي نهاية حديثه، قال "الصبان"، إن عزوف الفلاح عن زراعة المحصول، وأولوياته في السعي لتلبية مصلحته من الناحية الاقتصادية المجدية له، أصبحت تأتي في المرتبة الأولى، ضاربا المثل بزراعة القمح الذي كان يباع بـ300 جنيه للأردب الواحد، والذي أصبح يباع بسعر 600 جنيه لنفس المكيال، من أجل تحقيق مصالح اقتصادية للفلاح، لعلمه بأنه محصول استراتيجي وجب زراعته، حاله حال القطن.