بالدلتا والجيزة وسوهاج.. صعود آتون ليست الاكتشاف الأول من نوعه في مصر

مازالت أسرار الحضارة المصرية القديمة تتوالى واحدة تلو الأخرى وتكشف لنا باستمرار عن عبق تاريخها ورنقها وتميزها القائم على براعة  الفنان المصري القديم، الذي سحر العالم بإبداعاته في كافة العلوم الطبيعية والإنسانية والفنية.

فمنذ أيام تمت إزالة الستار عن اكتشاف مصري هام خلال القرن الحالي، وهو أكبر مدينة على الإطلاق في مصر ويطلق عليها مدينة "صعود آتون"،  والتي أسسها  الملك أمنحتب الثالث، أحد الملوك العظام الذين حكموا واسسوا الإمبراطورية المصرية القديمة، وهو الملك الملك التاسع من الأسرة الثامنة عشرة، وحكم مصر من عام 1391 حتى 1353 قبل الميلاد أي قبل ثلاثة آلاف عام.

أكبر مدينة إدارية وصناعية في الضفة الغربية

تعد مدينة "صعود آتون"  أكبر مستوطنة إدارية وصناعية في عصر الإمبراطورية المصرية القديمة، على الضفة الغربية بالأقصر، حيث تم اكتشافها مفقودة تحت الرمال في منطقة بين معبد رمسيس الثالث في مدينة هابو ومعبد أمنحتب الثالث في ممنون بمحافظة الأقصر.

لا تعد تلك المدينة هي الاكتشاف الأول من نوعه في مصر، فقد اكتشف علماء الأثار العديد المصريين وغيرهم من المدن الأثرية التي كان اكتشافها بمثابة نقلة نوعية في معرفه حياة المصري القديم ومعرفة أسرار حضارته، ويستعرض "صدى البلد" أبرز تلك الكشوفات خلال التقرير التالي:

اكتشاف قرية تعود إلي عصر توحيد القطرين في الدلتا 
تقع هذه القرية في منطقة "تل السمارة" بمحافظة الدقهلية، شمال القاهرة، وتم اكتشافها على يد فريق مشترك من علماء الآثار المصريين والفرنسيين، وعثروا بداخلها على صوامع تخزين تحتوي على مواد عضوية، مثل العظام الحيوانية والبقايا النباتية، بالإضافة إلى أجزاء من الأدوات الفخارية والحجرية.

ويرجع تاريخ هذه القرية إلى العصر الحجري منذ حوالي 5 آلاف عام قبل الميلاد، وهو ما يوضح أن تلك القرية بنيت في عصر ما قبل عصر الأسرات في مصر أي خلال فترة توحيد القطرين على يد الملك مينا وبداية التاريخ المصري.

مدينة بناة الأهرامات في الجيزة
تم اكتشاف هذه المدينة في عام 2010 في المنطقة الجنوبية الشرقية لهضبة الجيزة، حيث أعلن المجلس الأعلى للأثار بمصر اكتشاف مجموعة مقابر للعمال المشاركين في بناء المجموعات الهرمية لكل من خفرع ومنكاو رع، بجانب بعض البقايا سكنية التي ترجع لعهد خوفو أي قبل أكثر من 4500 عام.

وعثر في هذه المدينة على منازل ومخازن وثلاثة شوارع رئيسية ومبنى إداري ملكي داخل أسوار تلك المدينة، وكذلك أربعة صالات ضخمة يحتمل أن تكون هي الثكنات التي كان ينام فيها العمال ويعدون بها الطعام، وقد تم العثور على كمية هائلة من عظام السمك والطيور والأبقار والأغنام والماعز والخنازير، مما يكشف تكفل الدولة برعاية العمال لضمان الحصول على أفضل مقابل في كفاءة العمل.

وعثر فريق العلماء بجوار تلك المباني على  جبانة المدينة، حيث دفن المشرفون ذو الرتب الدنيا من العمال في مصاطب متواضعة على سفوح التلال المنخفضة  ومحاط بها مصاطب أصغر أو مقابر مقببه  ربما خصصت للعمال أو لعائلات المشرفين انفسهم، وكانت تلك المقابر مبنية من الطوب اللبن، بينما دُفن المشرفون ذوو الرتب العالية والحرفيون المهرة والفنانين في مصاطب حجرية كبيرة أعلى المنحدر، ومن بين تلك المقابر نجد مقبرة ذات زخارف بديعة تخص المشرف على صناعة الكتان والمشرف على بيت التطهير الملكي المدعو "نفرثيث".

وتظهر غالبية البقايا البشرية المكتشفة أدلة على وجود عمل بدني شاق، حيث أن العديد منها يظهر بعظام مكسورة، ومع ذلك فإن معظم هؤلاء قد عولجوا بشكل صحيح وتماثلوا للشفاء، مما يؤكد على وجود تغذية سليمة للعمال بالإضافة إلى تلقيهم رعاية صحية على مستوى عالٍ، وهذا ينفى تردد البعض بأن العمال الذين كانوا يعملون في الأهرامات كانوا يعملون بالسخرة.

المدينة القديمة بأبيدوس فى سوهاج
تم اكتشاف هذه المدينة في عام 2016م، حيث يعود عمرها إلى عصر ما قبل الأسرات أي إلى أكثر من 7 آلاف عام، وتقع على بعد 400 متر جنوب معبد الملك سيتي الأول بأبيدوس في محافظة سوهاج.

وتم العثور في هذه المدينة  على جبانة ومدينة سكنية قديمة وبداخلها مجموعة من الأكواخ وأدوات الحياة اليومية  منها بقايا أوانٍ فخارية وأدوات حجرية، ووجود مدينة سكنية خاصة بالعمال المسؤولين عن إمداد العمالة المكلفة ببناء المقابر الملكية بالطعام والشراب.

ويعتقد أن تكون تلك الجبانة والمدينة السكنية تتبع كبار الموظفين والمسؤولين عن بناء المقابر والأسوار الملكية الجنائزية الخاصة بملوك الأسرة الأولى بأبيدوس.