الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

«الاختيار».. كمان وكمان


مسلسل " الاختيار"  ليس عملا فنيا فحسبْ ، بل نستطيع القول اليوم أن الدولة المصرية باتت تمتلك أدوات  تشكيل الوعي ، باتت تمتلك القدرة على كتابة تاريخها بمنتهى الشفافية والأمانة وتوثق أحداثها بقلم  أنُاس وطنيين استطاعوا أن يصنعوا عملا فنيًا يلتف حوله كل الشعب المصري بكل فئاته العمرية ، الكهل الذي عاصر تلك الأحداث من خلال التلفزيون ونشرات الأخبار ، والشاب الذي كان في قلب الحدث ، والشاب الذي في سن صغيرة و كان طفلا حينذاك .
فمعظمنا تابع  تلك الأحداث ؛ تخريب الكنائس والهجوم على أقسام الشرطة نكاية في فض اعتصام رابعة المسلح ، ولكن هناك فرق كبير بين أن تتابع تلك الأحداث من خلال نشرة الأخبار والتوك شو وبين أن تراها من الزاوية الحقيقية الموثّقة التي تعرض البُعد الانسانى والضغط النفسي الذي تعرضت له مؤسسات الدولة ، فكلنا رأينا حلف اليمين القانونية للرئيس السابق المستشار عدلى منصور ولكن كم منّا كان يعلم الساعات التي سبقت ذلك الحدث وكيف كانت الدولة تحارب مستميتة متمثلة في جهاز الشرطة المصرية وجهاز الأمن الوطني لوأد محاولة تفجير أبراج الكهرباء المغذية للمحكمة الدستورية؟
من كان يعرف الإرهابية " سامية شنن" ؟  فالدراما هي الوحيدة التي تستطيع أن تجعلك ترى المشهد وكأنك بداخله ، ربما كانت تلك المرأة مجرد اسمًا في  القوائم الإرهابية  ولكن بمشهد لا يتعدى الثلاثين ثانية استطاع المصريون جميعًا أن يعلموا ماذا اقترفت من آثام لا تغفرها لها حتى عقوبة الإعدام ...
ما أعجبني أيضًا هو ردود الفعل على مواقع التواصل الاجتماعي ، فعندما تُذاع حلقة ، تليها بعض " البوستات" الموضحة والمُكملة له  فتلقى مزيد من الضوء عليه وتنُم عن صحة التوثيق واهتمام المشاهد بالبحث عن بقية المعلومة أو عن تاريخ الحدث ، فسرعان ما انتهت الحلقة الخامسة ، حلقة فض اعتصام رابعة المسلح وظهرت الشهيد اللواء عامر عبد المقصود من شهداء الهجوم المسلح على قسم كرداسة، حتى تداول المصريون على مواقع التواصل الصورة الحقيقة للحادث وصورالارهابيين، هذا الدور التكاملي بين الدراما ومواقع التواصل الاجتماعي التي كانت لا تنقل سوى الشائعات مؤخرًا، إن دل على شئ فيدل على مهنية ذلك العمل الدرامي وقدرته على التأثير مما يجعل المشاهد بعد انتهاء الحلقة يبحث عن الحقائق ويعمل بالعقل .
اعتادت الدراما في العهود السابقة على توثيق الأحداث البعيدة مثل حرب 73 و حرب الاستنزاف ولكن الدراما اليوم تهتم بتوثيق أحداث قريبة مثل  2011 و 2013  وليس بعد عشرات السنوات حتى لا ننسى ، حتى لا نشاهد تلك الأعمال الدرامية بعد أن يكون وعي زائف وغير حقيقي قد تشّكل ، فيعلم المواطن أن الدولة المصرية بذلت الكثير، ومرت بأوقات عصبية وتحمّل رأس الدولة الرئيس عبد الفتاح السيسى همومًا وتحديات كنّا لا نعلم حجمها أو حتى نتخيلها يوما ما، فتحيا مصر دائما وأبدَا.
 

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط