الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

عمر عاقيل يكتب: مؤشرات البطولة

صدى البلد

في كرة القدم التعاطي مع نتائج الأندية الكبيرة يختلف عن غيرها، فالخسارة في قاموس جماهيرها تعتبر غير مقبولة، وإذا حدثت فإنها تكون استثنائية، لذا فإن إدارات الأندية تتحمل ضغوطات كبيرة تصل إلى مرحلة من الإرهاق الفكري والمالي، في سبيل الحفاظ على مكانة النادي وبقائه في السكة الصحيحة وحصد البطولات، ولن نبالغ إذا قلنا إن الخسارة عند جماهير تلك الأندية مسألة مرفوضة مهما كانت الأسباب والأعذار، وهنا تكمن المشكلة التي يصعب إيجاد حل لها إلا عن طريق استمرار التفوق بأي شكل من الأشكال.

الوقوف عند الظاهرة التي لا يمكن الشعور بها إلا عند الاقتراب من جماهير الأندية الكبيرة التي اعتادت على البطولات، يدفعنا للاستشهاد بالقاعدة الكروية الشهيرة، التي لا مكان فيها للمنطق، والتي تتحدث عن الفوز والخسارة بلغة بعيدة عن الأفضلية في الكثير من الأحيان، وبالتالي فإن الفوز في بعض المناسبات لا يكون للفريق الأفضل بل لصاحب الحظ الأوفر والأقل أخطاء، والشواهد على ذلك كثيرة، ولكن تبقى مسألة تراجع الأندية في مناسبات عديدة خلال المواسم المتتالية مسألة غير مقبولة، لأن التاريخ يقف بجانبها والمواقف والملاعب تشهد لها، وبالتالي يجب أن تكون كذلك مهما كانت الظروف، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه: ما السبيل لتحقيق تلك المعادلة المعقدة.

وحتى نكون أكثر واقعية ونحن أمام بداية النصف الثاني والأصعب من البطولة، فإن المرحلة القادمة ستكون بمثابة الإختبار الحقيقي للأندية، التي تمتلك مقومات المنافسة، وإذا كانت هناك أفضلية لعدد من الأندية على حساب أندية أخرى، فإن تلك الأفضلية قد تكون قاعدة الإنطلاق لمزيد من التفوق والسيطرة، في ظل توفر الإمكانات والأدوات التي تحتاجها في المرحلة القادمة، ولكن تبقى مسألة الفوز بالبطولة مسألة خاضعة لحسابات عديدة، ولا يمكن حسمها إلا مع نهاية المشوار والشواهد على ذلك كثيرة.

رحلة التنافس التي تطبع البطولة لا تجيز طرح الأسئلة حول المستوى العام للأندية، ولا إلى ما انتهت عليه النتائج، أكثر من وماذا بعد؟ ففي خسارة فرق المقدمة عدة نقاط استمرار للمنافسة، وعلى من لا يرى ذلك العودة إلى ما كان يعتقد في طرحه وغيره كثيرون، في انطلاقة البطولة ومنتصفها وما بعد مرور مرحلة الذهاب، ويقارنه بما صار عليه ترتيب الأندية الحالي، مرورا باستعراض أحداث ونتائج المباريات التي قلبت التوقعات وعصفت بالتمنيات، أو تلك التي ساهمت أخطاء التحكيم في نتائجها، كذلك كم فرط المفرطون وأحبط المتفائلون، وعلاقة أحداث البطولة بما كان متوقعا لها مع البدء، وكيف فشلت القراءات المتعجلة منها، أو تلك التي حاولت التعالي على الواقع، أو دخلت في مشادة مع طبيعة كرة القدم، ولعبة التنافس.

الوداد كان أكثر الأندية حرصا على التماشي مع ما توقعه له البعض، حيث ظل متمسكا بالصدارة ثم العودة لها بعد أن فقدها أمام غريمه الرجاء، إلا أنه لم يكن مختلفا عن غيره في عدم اليقين بالقدرة الضامنة لتحقيق هدفه، فيما يحسب للجيش العودة من بعيد لترتيب المقدمة إلى التنافس المباشر على اللقب، عكس نهضة بركان الذي بدا الأقرب للصدارة وتحقق له ذلك في مرحلة سانحة في عمر المنافسة قبل أن يمنى بانتكاسة أعادته إلى الوراء، بينما فرق أخرى خذلت جمهورها بنتائجها السيئة في خضم المنافسة الشرسة على خطف بطاقة المشاركات الخارجية، أو فيما يخص ضمان البقاء.

البطولة الوطنية في مرحلة الإياب، ومع ذلك فإن الشعور وكأن البطولة في مرحلة جس النبض، أي مطابقة لمرحلة انطلاق الدوري، ولا يمكن تكوين فكرة في المخيلة عن البطل ومن سيحسم الدوري، من يضرب بقوة في أسبوع يعود للتعثر في الأسبوع الذي يليه، ومن يتلقى صدمة قوية بنتائج عريضة يعود للنهوض ويقلب كل التوقعات قبل أن يعود المؤشر للصعود والهبوط في كل مرحلة، في حركة أقرب ماتكون لمؤشر للبورصة؟!

لعبة الكراسي الموسيقية هي العنوان الأبرز لقادم الدورات، لكن دون أن تحمل معها الإثارة والشغف والترقب، بل الحيرة من المستوى المتذبذب لكل الأندية، فالنتائج غير منطقية ومتقلبة في كثير من الأحيان، الصورة تهتز في كل أسبوع فالذي يحلق بسرعة يهوي بلحظة والذي يصارع للهروب من الهبوط ينفض الغبار عنه دون سابق إنذار.

ربما يعود السبب في حالة الضياع هذه إلى المستوى الفني الضعيف والمتقارب بين كل الأندية، ناهيك عن أن التخبط الإداري ومسلسل إقالة المدربين يعتبر العنوان الأبرز لهذا الموسم، وربما يمكن تبرير غياب الحماسة في المستطيل الأخضر إلى غياب الجمهور بسبب الإجراءات الإحترازية ضد جائحة كورونا، كل هذا أفقد البطولة المتعة وجرها إلى ما يشبه اللعب لتخليص الذمة كما يقال وليس للإبداع.

إذا كانت الجولات السابقة من عمر البطولة ضعيفة فنيا في أغلب مبارياتها إلا ما نذر، فهل ستكشف المباريات القادمة من الثلث الثاني عن انطلاقة حقيقية تتناسب مع قيمة ومكانة البطولة الأبرز والأقوى عربيا وافريقيا؟ أم سيبقى تخليص الذمة هو السائد، وتبقى الرتابة والتقارب في الضعف الفني ويخرج البطل بفارق ضئيل عن أقرب مطارديه؟

ﺳﺨﻮﻧﺔ ﺍﻟﺘﻨﺎﻓﺲ ﺍﺗﻘﺪﺕ ﻧﺎﺭﺍ ﻣﻊ ﺗﻮﺍﻟﻲ ﺩﻭﺭﺍﺕ ﺍﻟﺒﻄﻮﻟﺔ ﺍﻷﻛﺜﺮ ﺣﺴﻤﺎ ﻭﺳﻜﺐ ﺯﻳﺖ ﻧﺘﺎﺋﺞ ﺟﻮﻻﺗﻬﺎ ﺍﻟﻤﺎﺿﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻧﺎﺭﻫﺎ، ﻳﻌﻨﻲ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﺎﺟﻲ ﻓﻲ ﺣﺮﻳﻖ ﺍﻟﺘﻨﺎﻓﺲ ﺍﻷﻗﻞ ﺗﻀﺮﺭﺍ ﻣﻦ ﻧﺘﺎﺋﺠﻬﺎ ﻭﺗﺠﺎﻭﺯ ﺍﻷﺳﻮﺃ ﻓﻴﻬﺎ، ﻟﻴﺼﺒﺢ ﺻﺎﺣﺐ ﻟﻘﺐ ﺍلبطولة ﺍﻷﺻﻌﺐ ﺁﺧﺮ ﻣﻦ ﻳﺘﻠﻘﻒ ﻛﺮﺓ ﺍﻟﻠﻬﺐ ﻭﻳﻘﺬﻑ ﺑﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺤﺮ، ﻋﻠﻬﺎ ﻻ ﺗﻌﻮﺩ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ ﻭﺍﻟﺘﻤﻨﻲ ﺑﻤﺴﺎﺑﻘﺎﺕ ﻣﻘﺒﻠﺔ ﻻ ﻭﺑﺎﺀ ﻓﻴﻬﺎ ﻭﻻ ﺧﻮﻑ ﺃﻭ ﺣﺬﺭ.