الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الثواب من الله مباشرة بلا واسطة أو حائل.. علي جمعة: 7 وصايا للنبي ينبغي اغتنامها

الثواب من الله مباشرة
الثواب من الله مباشرة بلا واسطة أو حائل.. علي جمعة: 7 وصايا

قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار علماء الأزهر الشريف، إن هناك عملاً ثوابه من الله مباشرة حيث لا توجد واسطة أو حائل، وقد أوصى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالحرص عليه.

وأوضح «جمعة» عبر صفحته بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، أن هناك سبع حقائق ووصايا في حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة‏». 

واستشهد بما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:‏ «من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة‏،‏ ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة‏،‏ ومن ستر مسلمًا ستره الله في الدنيا والآخرة‏،‏ والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه‏، ومن سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة‏،‏ وما اجتمع قوم في بيتٍ من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده‏،‏ ومن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه» ‏«صحيح مسلم‏».

وتابع: في هذا الحديث الشريف‏،‏ جمع لنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-  سبعا من الوصايا الثمينة‏،‏ والتي تعد من الأعمدة الرئيسية لبناء المجتمع الإسلامي‏،‏ المعينة له في أزماته‏،‏ والمحفزة على توثيق مشاعر الرحمة والمودة فيما بين أفراده‏، أولًا: تحث الوصية الأولي على تنفيس الكرب عن الناس‏،‏ وجعلها -صلى الله عليه وسلم-  في صيغة المفرد النكرة لتعظيم الثواب‏.

وأضاف أن الحساب على مستوي الكربة الواحدة مع الفارق العظيم بين كرب الدنيا وكرب يوم القيامة‏،‏ وجعلها غير مرتبطة بزمن للحث على فعلها طوال الوقت‏،‏ واختار الفعل نفس لتأكيد الراحة النفسية المصاحبة لزوال الكرب‏،‏ وجعل الثواب من الله مباشرة حيث لا توجد واسطة أو حائل‏،‏ جميع هذه الأمور اجتمعت في الوصية الأولى وهي وصية جامعة مطلقة تصلح لكل زمان ومكان‏.‏

وأشار إلى أن في الوصية الثانية‏،‏ تناول شكلا آخر من أشكال تنفيس الكرب‏،‏ وقد أفردها المصطفى -صلى الله عليه وسلم-  في وصية بمفردها لتأكيدها والحث عليها وبيان عظم أجرها‏،‏ فالمعسر في كرب مستمر ومن دعائه -صلى الله عليه وسلم-  اليومي «اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر وعذاب القبر»‏،‏ فاستعاذ -صلى الله عليه وسلم-  من الفقر كأنه بلاء‏،‏ وقرنه بالكفر وعذاب القبر لشدته على المؤمن‏.

وأفاد بأنه‏ قد جعل الإسلام سهما من أسهم الزكاة للغارمين تأكيدا لأهمية التنفيس عن المسلمين في أزماتهم‏،‏ والتيسير على المعسر‏:‏ منه فرض ومنه مندوب‏،‏ أما الفرض فهو الإنظار أي تأجيل الدين لحين ميسرة كما قال تعالى‏:‏ «وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ» ،‏ والمندوب هو إسقاط الدين عن المعسر‏،‏ ومن عجائب هذا الفرع أن المندوب هنا له أجر أكبر عند الله من فرضه‏،‏ وهو خلاف ما عليه أغلب الفروع الفقهية من كون الفرض أكثر ثوابا من المندوب إلا في أربعة فروع هذا منها‏،‏ والفرع الثاني هو البدء بالسلام الذي هو سنة وهو أثوب من رد السلام الذي هو فرض‏،‏ والفرع الثالث التطهر قبل الوقت‏، والرابع ختان الذكور قبل بلوغهم‏.

كما نوه بأن الوصية الثالثة تأمر بالستر‏،‏ وهو ضد الفضيحة وعليه مبنى الدين‏،‏ وفي عصرنا يدعو كثير من الناس إلى ما سماه الشفافية ولها معنى صحيح ومعنى قبيح‏،‏ والمعنى القبيح هو الدعوة إلى الاستهانة بالفاحشة وسيء القول والأخلاق بدعوى الشفافية‏، والشفافية بالمعنى الصحيح هي الصدق وليس الفضيحة‏،‏ قال تعالى‏:‏ «إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آَمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآَخِرَةِ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ».‏

وأكد أن الحقيقة الكونية الشرعية هي أن الله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه‏،‏ وهي وصية تدل على أن قلب المسلم يتسع للعالمين‏،‏ وأنه دائما على استعداد أن يتعاون على البر والتقوى‏،‏ لا على الإثم والعدوان‏،‏ وأنه كلما تعاون مع أخيه يشعر بأن الله معه‏، مشيرًا إلى أن الوصية الخامسة تجعل السعي إلى طلب العلم بكل أشكاله هو سعي في طريق الجنة‏،‏ وهي بلاغة لا نجدها إلا في كلام أفصح العرب وسيد المرسلين‏،‏ فشراء الكتاب وحضور المحاضرة والبحث العلمي من موجبات الجنة‏.

واستشهد بما قال تعالى‏:‏ «قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ» ،‏ وبين أن العلم لا يعرف الكلمة الأخيرة فقال‏:‏ «وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا» ،‏ وأنه لابد للباحث والعالم أن يتعلم أبدا‏،‏ قال تعالى‏:‏ «وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ» ،‏ وهذا نهايته الخوف من الله‏:‏ «إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ العُلَمَاءُ» ، منوهًا بأن الوصية السادسة توصي بجعل المسجد مؤسسة من مؤسسات المجتمع فيها بناء الإنسان قبل البنيان‏،‏ وفيها الاهتمام بالساجد قبل المساجد‏،‏ وفيها مفاتيح الخير من علم وذكر وفكر‏.‏

واستطرد: أما الوصية السابعة‏،‏ فهي تبين المعيار الذي يجب علينا أن نتخذه لقبول الأشياء وردها وتقويم الناس‏،‏ والذي يبنى على المساواة لا على الأحساب والأنساب، لافتًا إلى أن هذه هي صورة المجتمع الذي أراده لنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم‏،‏ وهناك قصور شديد في مجتمعنا المعاصر يشكو منه الكل ويطالبون بالعودة إلى الأزمان التي رأيناها‏،‏ فقوة الأمم بقوة المجتمعات‏.