الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

«واشنطن بكين بوتين».. الطريق إلى حرب باردة جديدة؟

 

لم يخرج اللقاء المرتقب بين بايدن وبوتين، بما كان متوقعًا من صدام أو عنف أو خلافات جوهرية وظهورها للعلن على العالم بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا. بل بدا اللقاء بينهما دبلوماسيًا هادئا.. وكان ودودًا للغاية. فقد قدم بايدن هدية دبلوماسية لبوتين. فيما قال بوتين، إن الرئيس بايدن "محترف سياسة"، لكنه ليس بالصورة التي صورها الاعلام عنه.
وانتهز الرئيس الأمريكي السابق، ترامب اللقاء، وعلق: إنه كان لقاءًا استراتيجيًا بالنسبة لروسيا، بينما لم نستفد منه نحن شىء.
ويرى مراقبون، أن لقاء بايدن- بوتين، كان لابد أن يظهر بهذه الصورة، ليس فقط لأنه اللقاء الأول في بداية حكم مدته 4 سنوات لبايدن، ولكن لأنه استبقته تصريحات عنيفة بين الطرفين، فقد اشتعلت المعركة بالفعل بين واشنطن وموسكو قبل لقاء الرئيسان. ولذلك فلم يكن هناك حاجة لتأجيجها خلال لقاءهما ثانية. وذلك بعدما قال بايدن: إنه سيحاسب روسيا ثم زاد فوصف بوتين بـ"القاتل". وهو ما علق عليه بوتين ولم يمرره، بأن مثل هذه الأوصاف يكثر إطلاقها في هوليوود.
والحاصل، إنه إذا كان اللقاء بين بايدن وبوتين باردًا في الوجه، فإنه مشتعلاً متأججا في الخلفيات. ووفق دراسة حديثة لمركز "كارنيجي أوروبا"، فإن روسيا تُشكل تهديدا حقيقيًا للولايات المتحدة الأمريكية في منطقة نفوذ تقليدي لها منذ عقود، وهى منطقة الشرق الأوسط. وأن تحركات روسيا وقواعدها في كل من سوريا وليبيا تُهدد الولايات المتحدة فعلاً، بل وصل الأمر للقول وفق دراسة المركز الذي تموله الخارجية الأمريكية، أن تحركات بوتين تسير وفق استراتيجية أعلن عنها منذ 6 سنوات في 2015، وقال فيها إن العالم لن يكون قوة واحدة وعلى الشركاء الغربيون، أن يفهموا ذلك فروسيا ستعود بقوة وقد كان. حتى إن "كارنيجي أوروبا"، يقول ان روسيا تكاد تحاصر الناتو والغرب من مكانها المتقدم ووجودها في سوريا وليبيا وعلى المتوسط. وبهذا فإن هناك مجالات صدام حقيقية بين بوتين وبايدن، تضاف للصدام الخاص بالقرصنة الالكترونية والهجمات الروسية الواسعة على المؤسسات الأمريكية وفق اتهامات معلنة من واشنطن، موجودة على الطاولة.
يضاف لذلك كله، ووفق وزير الخارجية الأمريكي بلينكن، فإن توجيهات الرئيس بايدن لهم أن تكون حقوق الانسان محركًا للسياسة الخارجية الأمريكية طوال السنوات القادمة، وهناك مشاكل وملفات حقوقية عدة بين موسكو وواشنطن أو بالأحرى تعترض عليها واشنطن، ستتفجر.
أما بخصوص الصين، فالأمر أكثر صعوبة، بعدما أعلن وزير الخارجية الأمريكي بلينكن، إنه تم اتخاذ العديد من القرارات مع الأصدقاء والحلفاء لمحاصرة النفوذ الصيني. وأن هناك تحركات فعلية على الأرض لمواجهة الصين، وإعلانه رصد مئات المليارات من الدولارات بالفعل لذلك. وأعلنت مجموعة السبع بمبادرة  من بايدن، رصد 40 تريليون دولار لإنشاء بنية تحتية في الدول "متدنية الدخل"، تنافس خطة طريق الحرير الصينية والتي تعمل بكين عليها منذ 12 سنة، تحت اسم الحزام والطريق وفي طريقها لإعلان هيمنة صينية بعد اختراقها 24 دولة وتمويلها مشاريع بنحو 100 مليار دولار.
فـ بروز الصين كقوة اقتصادية وعسكرية كبرى يقلق واشنطن القوة الأعظم في العالم.
وفي رأيي، فإن السنوات المقبلة، ستكون في الغالب أو ربما تتحول إلى حرب باردة جديدة، وهذه المرة بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين. ففي المرة الأولى كانت بين الولايات المتحدة الأمريكية وبين الاتحاد السوفيتي، وشهدت العديد من الأزمات العالمية وكانت هناك بوادر عدة لصدام مدوي واستمرت قرابة 4 عقود، حتى أعلن في بدايات التسعينيات انهيار الاتحاد السوفيتي وإعلان الولايات المتحدة الأمريكية القوة الأعظم الوحيدة في العالم.
وأرى أن هناك حربًا باردة تتشكل بين واشنطن وبكين، لا تزال في بدايتها، باعلان هذه المواجهة الاقتصادية المباشرة، مع مبادرة الحزام والطريق الصينية.
والسؤال هل تحسمها الولايات المتحدة الأمريكية لصالحها هذه المرة أيضا مثلما فعلت مسبقا مع الاتحاد السوفيتي؟ أم أن الصين تأخذ قيادة العالم ويصبح المارد الأصفر هو القائد الأعظم القادم؟
.. صراع القوى الكبرى، لا تفر منه صغار الدول، لأنها غالبًا ما تكون أشبه بالحشائش التي تدهسها الأفيال خلال عراكها في الغابة.

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط