الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

عملات زمان

عملات زمان.. أول ريال سعودي في التاريخ

ريال سعودي
ريال سعودي

 أول ريال سعودي في التاريخ.. في ظل الفوضى النقدية التي شهدتها السعودية خلال توحيد المملكة على يد الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل، عام 1902، أبقى على التعامل بالنقود المتوفرة بالأسواق آنذاك، إلا أن إيجاد نقد موحد يتم تداوله في مناطق نفوذه آنذاك، كان هاجساً يراوده كثيراً، لإدراكه التام بأن النقود تعد أهم مظهر من مظاهر سيادة الدولة السعودية، ولهذا نجد أن الملك عبد العزيز وخلال تلك الفترة المبكرة من مسيرة التوحيد كان يحاول جاهداً إصدار عملة نحاسية خاصة بسلطنة نجد السعودية آنذاك، رغبة منه في ضبط الأوضاع النقدية في أسواقها إبان تلك الفترة.  

 

وبحسب البنك المركزي السعودي، لم يكن أمام الملك سوى إقرار التعامل في محيط نفوذه السياسي بالنقود المتداولة آنذاك، وهي النقود التي جرى تداول معظمها إبان عهد الدولة السعودية الثانية، والفترة التي سبقت دخوله مدينة الرياض، ولعل أهم تلك العملات على الإطلاق التالر النمساوي، أو ما يعرف بـ "دولار ماريا تريزا" والمعروف محلياً باسم "الريال الفرانسي" وهو الاسم الذي أصبح مجازاً اسماً رسمياَ لهذا النقد في معظم أقاليم الجزيرة العربية، بل وبعض الأقطار العربية.

 

اقرأ أيضا:

عملات زمان.. أول جنيه مصري كان يعادل 7.5 جرام ذهب

ريال نحاسي

 

أما بالنسبة لهذا النقد فهو عبارة عن قطعة نقدية فضية كبيرة الحجم يبلغ وزنها أوقية واحدة، ولدقة وزنه أصبح فيما بعد وحتى الآن وحدة وزن في الأسواق الشعبية، وقد بلغ هذا النقد شهرة كبيرة، وتعلق به الناس، ووثقوا به كنقد رئيسي في معاملاتهم التجارية خاصة سكان الجزيرة العربية التي كان بعض أقاليمها يخضع لسيطرة الدولة العثمانية، بل إنهم كانوا يرفضون التعامل بغيره، حتى النقود العثمانية نفسها، الأمر الذي أضطر بعض ولاة الدولة العثمانية على تلك الأقاليم إلى الطلب من الآستانة توفير كميات كبيرة من الريال الفرانسي تفي بمتطلبات ولاياتهم.

 

وإلى جانب الريال الفرانسي تم تداول أنواع مختلفة من النقود العثمانية الذهبية والفضية والنحاسية، وان كانت النقود الفضية والنحاسية ومثلها النقود “الكوبر نيكل” هي الأكثر انتشاراً وسيادة في التداول بين الناس، ذلك لأن هذه العملات تمتاز عن غيرها بفئاتها المتعددة التي جعلت منها نقوداً رائجة في المعاملات التجارية.

 

وقد اشتهر من تلك النقود ما عرف بالريال المجيدي نسبة إلى السلطان العثماني عبد المجيد خان، كذلك البارات- جمع بارة – وهي نقود من (الكوبر نيكل) وتمثل في حقيقتها أجزاء للريال المجيدي.

 

 وتتميز هذه النقود بصفة عامة بأنها تحمل على وجهها توقيع السلطان المشتمل على اسمه كاملاً نقش بالخط الطغرائي، وعدد سنوات جلوس السلطان على العرش، أما الظهر فيشتمل على مكان وتاريخ السك، وتاريخ تولية السلطان.

متحف العملات السعودية

 

وإلى جانب تلك النقود جرى تداول الجنيه الإنجليزي الذي لا يقل شهرة عن الريال الفرانسي، وقد عرف بين سكان البلاد بأسماء محلية منها: جنيه جورج، نسبة إلى الإمبراطور جورج الخامس الذي سك هذا النقد في عهده، كذلك عرف باسم محلي آخر هو جنيه أبو خيال. لوجود صورة رجل يمتطي صهوة جواد على ظهر القطعة.

 

وبعد أن تمكن الملك عبدالعزيز من توحيد الحجاز مع نجد سنة 1925م أقر التعامل بالريال الفرانسي والنقود العثمانية وغيرها من النقود الأجنبية وكإجراء وقائي قام الملك عبد العزيز بدمغ تلك النقود بكلمة (الحجاز)، ولعل أندر تلك النقود المدموغة وحدة النقد البريطاني المعروف بالبيني البرونزي (Bronze Penny) المسكوك في عهد الإمبراطور جورج الخامس، (بريطانيا العظمى).

 

 أول ريال سعودي في التاريخ 

على الرغم من هذه الخطوة التي سمحت بتدفق النقود الأجنبية إلا أن حاجة السوق المحلية كانت تتطلب كميات أكبر من النقود، الأمر الذي دفع الملك عبدالعزيز إلى سك نقود تفي بحاجة السوق. 

 

فجرى سك كميات كبيرة من النقود النحاسية من فئة نصف القرش، وفئة ربع القرش. نقش على وجهها اسم الملك عبدالعزيز كاملاً (عبد العزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود) على هيئة طغراء أو بالخط الطغرائي، وتاريخ سكها سنة (1343هـ) أما ظهر الفئتين فقد نقش عليها القيمة النقدية لكل منهما، ومكان السك وهو أم القرى. 

 

وبذلك يعد هذا الإصدار بفئتيه (نصف قرش، وربع قرش) أول الإصدارات السعودية النقدية، بل إنه نقد قانوني جرى التعامل به وفقاً للأوامر الصادرة آنذاك وما نقش عليه من عبارات لا تختلف في مضمونها عن أي نقد آخر.

عملات سعودية أثرية

 أول ريال سعودي في التاريخ.. ونظراً لحاجة السوق إلى كميات إضافية من هذه النقود أمر الملك عبد العزيز في السنة نفسها بسك كمية أخرى جاءت على غرار طراز القطع السابقة مع بعض الاختلاف في طريقة نقش اسم الملك، حيث ورد على النحو التالي: "عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل)، ومع بداية سنة (1926م) أمر الملك عبدالعزيز بسك كمية أخرى من فئة نصف القرش فقط.

 

 وجرى سكها بشكل جميل جداً، خصوصاً ظهر هذه الفئة التي حملت نفس العبارات السابقة المشتملة على مكان السك وتاريخه، وقيمة النقد، حيث وزعت على مساحة ظهر القطعة بتصميم فريد للغاية، في حين نقش على الوجه اسم الملك عبد العزيز كاملاً بالخط الطغرائي دون إضافة أي لقب من ألقابه (عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود) ونقش أسفل الطغراء سنة (2) أي السنة الثانية من حكم الملك عبد العزيز بعد توحيد الحجاز مع باقي مملكته، ولعل هذا الإصدار يؤيد ما نحن بصدده من أن هذه الإصدارات النحاسية هي أول النقود السعودية الرسمية. 

 

وعلى أي حال تعد هذه النقود من أهم وأندر النقود المضروبة في مكة المكرمة، ذلك لأنها حملت أحد أسماء مكة المكرمة وهو (أم القرى) وهو الاسم الذي لم يظهر على النقود بصفة عامة قبل هذا التاريخ.

 

ومن الإصلاحات النقدية التي شرع  بها الملك عبد العزيز بعد دخوله الحجاز وتوحيده مع باقي أجزاء دولته، ما قام به في عام (1926م) حيث أصدر الملك عبد العزيز أمره بسك نقود جديدة من فئة القرش الواحد، وفئة نصف القرش وفئة ربع القرش والتي جرى سكها من معدن الكوبر نيكل، وقد حملت هذه النقود الجديدة اسم ولقب الملك عبد العزيز آنذاك (عبدالعزيز السعود/ملك الحجاز وسلطان نجد) نقش على وجه تلك الفئات على هيئة كتابة هامشية، في حين ورد على ظهر هذه الفئات كتابات اشتملت على قيمة القطعة النقدية بالأحرف والأرقام، وسنة السك، دون أن ينقش عليها اسم مكان سكها.

 

عملات أثرية

شهدت سنة 1929 العديد من التطورات النقدية الجبارة، فكان أولها أن قام عبد العزيز بإلغاء التعامل بجميع النقود المتداولة كالعثمانية والهاشمية وغيرها، حيث أمر بطرح نقوده الجديدة التي حملت لقبه السابق، ويظهر هذا اللقب على النقود التي جرى سكها من معدن (الكوبر نيكل) من فئة القرش، ونصف القرش، وربع القرش والتي جاء تصميمها مطابقاً لتصميم القرش وفئاته المضروب سنة 1927 . باستثناء سنة السك 1929 التي نقشت أسفل ظهر القطعة النقدية.

 

وخلال السنة نفسها قام الملك عبد العزيز بخطوة تعد من أهم المراحل التي مرت بها عملية الإصلاح النقدي إبان تلك الفترة، فقام يرحمه الله بطرح  أول ريال سعودي في التاريخ  عربي خالص، جرى سكه من معدن الفضة على غرار الريال المجيدي، الذي يعد النقد الفضي الرئيس المتداول آنذاك، وكأن الملك عبد العزيز أراد بهذا العمل تقبل الرعية لهذا النقد الجديد، إذ جرى سكه بشكل مطابق لوزن وقطر الريال المجيدي، كذلك نسبته من معدن الفضة. 

 

أما بالنسبة لتصميم هذا الريال وأجزائه من فئة نصف الريال، وفئة ربع الريال، فقد جرى سكه بشكل مميز وفريد للغاية، اشتمل على عبارات وأرقام، نقشت على هيئة كتابات مركزية وأخرى هامشية، فقد ورد على مركز الوجه داخل دائرة اسم الملك كاملاً (عبد العزيز بن عبد الرحمن السعود)، في حين تضمن الهامش لقبه (ملك الحجاز ونجد وملحقاتها) وشعار الدولة “سيفان متقاطعان داخل شكل شبه مستطيل نقش بجانبه نخلتان”، أما الظهر فقد نقش في مركزه مكان السك وتاريخه (ضرب في مكة المكرمة 1929)، بينما اشتمل الهامش على القيمة بالأحرف والأرقام.

 

ولتحقيق الانتشار لهذا النقد، ودعمه أمام تحديات النقود الأخرى التي شكلت لها قاعدة صلبة من تعاملات الناس اليومية، فقد أصدر الملك عبدالعزيز أمره السامي المتضمن أول تنظيم للوضع النقدي في البلاد والذي جرى نشره في الجريدة الرسمية (أم القرى) في عددها رقم (160) وتاريخ 1326/7/13هـ (1928/1/9م)، حيث تضمن العديد من المواد التي رسمت السياسة النقدية للدولة آنذاك، ومن أهم هذه المواد ما يلي:

الأصدارات الأولى

المادة الأولى: يسمى هذا النظام نظام النقد الحجازي النجدي المعبر عنه فيما يلي بالنقد العربي.


المادة الثانية: اعتباراً من غرة شعبان 1346هـ يبطل التعامل بالريالات العثمانية وأقسامها وتحل محلها الريالات العربية وأقسامها.


المادة الثالثة: الريال العربي مساوٍ بحجمه ووزنه وعيار فضته للريال العثماني ونصف الريال العربي مساوٍ لنصف الريال العثماني، وربع الريال العربي مساوٍ لربع الريال العثماني.


المادة الرابعة:
أولاً: الجنيه الإنجليزي هو الأساس المقياسي لأسعار العملة الفضية العربية.

ثانياً: يساوي الجنيه الذهب عشرة ريالات فضية عربية.

ثالثاً: يساوي الجنيه الذهب (110) قروش أميرية أي (220) قرشاً دارجاً.

رابعاً: يساوي الريال العربي الفضي (11) قرشاً أميرياً أي (22) قرشاً دارجاً.

 

وبصدور هذا النظام النقدي الجديد أصبح لزاماً على الجميع التعامل بالريال السعودي، ونبذ ما سواه من النقود الأخرى، الأمر الذي تطلب إعادة سكه مرة أخرى سنة (1930م) بجميع فئاته ووفق مواصفاته السابقة عدا سنة سكه (1930م)، حيث طرح للتداول وفق معيار صرفه من القروش الحجازية النجدية، التي أعيد سكها هي الأخرى خلال تلك السنة بجميع فئاتها، وطبقاً لمواصفاتها السابقة عدا تاريخ سكها (1930م).