الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أفغانستان.. النار تشتعل من جديد

لم تعرف أفغانستان الاستقرار ولا شكل الدولة، منذ بداية تسعينيات القرن الماضي، عندما اشتعلت الحرب الأهلية بين جنباتها في أعقاب انسحاب السوفيت قبل ذلك بسنوات قليلة وبالتحديد عام 1989، وظهور حركات متشددة على أرضها أبرزها "حركة طالبان".
واذا كان البعض يؤشر بنموذج أفغانستان، كدليل قوي على فساد الحكم المتطرف، وفساد الحكم استنادًا إلى تصورات خاطئة للدين، فأنا أراها "النموذج الأبشع" لحكم المتطرفين. فتحت حكم ملوك الطوائف في أفغانستان، ومع ظهور حركة طالبان في عام 1994 لزعيمها التاريخي الإرهابي الراحل، الملا محمد عمر، فإن أفغانستان كانت ولا تزال مكانًا عصيًا على الاستقرار،  يستضيف كل "إرهابيي العالم" ويعد مفرخة للتطرف، ويُصدر خطابًا بشعًا غير متخيل لدولة مساحتها كبيرة، تصل إلى نحو 647 ألف كيلو متر مربع، ويصل عدد سكانها إلى نحو 34 مليون نسمة وفق إحصاءات عام 2005.
ما يحدث في أفغانستان، وما حدث لها، لا يمكن اختصاره في مقال واحد ولا حتى دراسة واحدة، بل إن "النموذج الأفغاني" طوال الثلاثين سنة الماضية، يستحق أن يكون مادة للدرس عبر العديد من أقسام العلوم السياسية في الجامعات المصرية، لأنه أضاع بلدًا بأكملها وأدخلها حربا أهلية، لا أول لها من آخر، ودمّر مقدرات دولة كبيرة وليست صغيرة، ومستقبل ملايين الأفغان الذين وجدوا أنفسهم، قبل نحو ثلاين سنة بين محسوبون على السوفيت، يقال عنهم شيوعيين وبين إرهابيين محسوبون على أقسى وأبشع التيارات الإسلامية المتطرفة، وعبر تدخل استخباراتي رهيب وعبث غير مسبوق، مرة يقال إنه من جانب الولايات المتحدة الأمريكية وفق ويكبيديا، وأخرى يقال إنه من جانب "الباكستان"، لمساندة ودعم عناصر هذه الحركة – طالبان-، ثم ثالثة يُقال أن ايران هى الأكثر لعبًا في أفغانستان ، ضاعت البلد تمامًا وأصبح" نموذج الأفغاني" التائه اللاجىء الفقير المشرد، الذي يُعاني الأمرين هو النموذج الغالب في العالم كله.
لكن لماذا حدث ذلك ولماذا الحديث أصلا عن أفغانستان؟
الأصل في حديث اليوم، هو اشتعال الأوضاع في أفغانستان من جديد، وبعدما أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن، سحب كل قواته من أفغانستان بحلول أغسطس المقبل، وبعد نحو 20 سنة من التواجد فيها في اعقاب هجمات سبتمبر الشهيرة . ورغم معارضة العديد من الدول الأوروبية لفكرة انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان، ومعرفة أن ذلك سيكون مؤشر لعودة الاحتراب الأهلي وهو ما حدث فعلا، واشتدت المعارك قبل  نحو شهر وحتى اللحظة، فإن بايدن، يريد أن يُنهي الوجود الأمريكي في أفغانستان ويشعر في "قرارة نفسه"، وبعد أن أعلن سحب أكثر من 90% من القوات الأمريكية بالفعل، أن أفغانستان لم تعد مصدر خطر على المصالح الأمريكية، كما كان قبل عقدين وقت توهج عمليات تنظيم القاعدة الإرهابي.
وعلى الأرض اليوم، وبعد التحركات الأخيرة، اشتدت مرارة الحرب الاهلية من جديد، وبدأ أن الدولة التي لم تنعم بالاستقرار طيلة 30 سنة، سوى فترات قليلة لا يمكن حسابها، على موعد جديد مع الدمار، بعدما أعلنت حركة طالبان دخولها مدينة قندهار ثاني أكبر المدن الأفغانية وسيطرتها، وفق ما نشرته قناة العربية ووسائل إعلام عالمية على 85% من البلاد. المثير إنه بعد رحلة وحشية دموية متخلفة في الحكم قضتها طالبان، لنحو 5 سنوات من 1996-2001 فإن الحركة المتطرفة الوحشية، لم تغير نهجها ولا يزال سكان أفغانستان يروون الأهوال عن متشددي طالبان، الذين لم يغيروا جلدهم، فلا تزال مشاهد ضرب النساء في الساحات العامة، واستهداف المدارس، خطف الطالبات، ومنع النساء من العمل أو حتى الخروج من منازلهن دون مرافق، موجودة، وتُنفذ بنفس الإرهاب والتطرف التي كانت موجودة به في بدايات ظهور الحركة!!
إذن ماذا تغير؟ 
لاشىء تغير في أفغانستان ولا شىء سيتيغير فيها، طالما بقيت هذه التيارات العميلة لدول شتى يصعب حصرها، والمعبأة بأفكار إرهابية غير صالحة للعيش، وغير مقبولة من ملايين الأفغان أنفسهم، موجودة على أرض الواقع.
أفغانستان، نموذج مرير لدولة إسلامية، استبيحت سيادتها من مختلف القوى وضاعت تحت أفكار ضّالة وفي النهاية يدفع ملايين السكان ثمن هذا الهراء.
 

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط