مصطفى بكري في كتاب «برلمان الإخوان.. مجلس تصدير الأزمات»
- الإخوان كانوا ضد المؤسسة العسكرية منذ وصولهم إلى الحكم
- إصدار قانون العزل السياسي بهدف إبعاد المرشحين المتنافسين وإخلاء الساحة للمرشح الإخواني
- تربصوا بحكومة الدكتور كمال الجنزوري وهددوا بسحب الثقة
- محمد مرسي سعى إلى قطع الطريق على تفعيل حكم القضاء الإداري حال صدوره
اعتبرت السنوات من عام 2011 وحتى 2013 بمثابة كرة نار تتدحرج على الساحات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المصرية إلى أن جاءت ثورة 25 يناير لتطيح بالرئيس الراحل محمد حسني مبارك ونظامه السياسي عن الحكم، ولحق بها أزمات سياسية عديدة حتى أجريت الانتخابات الرئاسية والتي أتت بـ محمد مرسي رئيسًا للبلاد، ولم يمر الاستحقاق الدستوري مرور الكرام، فلحق به أزمات متلاحقة بدأ بالإعلان الدستوري وانتهت بثورة المصريين على نظام حكم الإخوان في 30 يونيو، تلك الثورة التي أعادت لمصر مكانتها على الساحة الدولية وأجهضت مخططات قوى الشر.
يرى مصطفى بكري عضو مجلس النواب، في كتابه أن الإخوان كانوا ضد المؤسسة العسكرية منذ وصولهم للحكم، كاشفا عشرات التفاصيل والكواليس التي دارت في الغرف المغلقة، في الفترة من 2011 وحتى إزاحة الإخوان عن الحكم.
وكشف النائب والإعلامي مصطفى بكرى في كتابه كواليس عن هذه الفترة الحساسة في عمر البرلمان، تحت عنوان “ برلمان الإخوان.. مجلس تصدير الأزمات”، الصادر عن "دار المعارف" والذي يرصد فيه ممارسات الإخوان تحت قبة مجلس النواب بعد أن امتلكت الأغلبية داخل مجلس 2012،مستعرضًا كشاهد على الأحداث و الأزمات التي تسبب فيها البرلمان منذ انعقاد أول جلساته في 23 يناير 2012 وحتى حله.
قال “ بكري” إن جماعة الإخوان الإرهابية تمكنت من الدخول إلى القصر الجمهوري وحكم مصر، واستيقظت القاهرة آنذاك على خبر فوز الرئيس السابق محمد مرسي، المحسوب على «الإخوان»، هي ذاتها التي ضمت بعد عام تقريبًا من تنصيب مرسي ملايين المتظاهرين الذي خرجوا ليهتفوا «يسقط.. يسقط.. حكم المرشد» .
وأوضح أن ثورة 30 يونيو «ما بعد تنصيب مرسي وقبل 30 يونيو» كانت بمثابة فترة زمنية فارقة في تاريخ مصر، مشيرا إلى أن البرلمان في تلك الفترة ، كان واحدًا من المؤسسات التي تأثرت بـوصول «الإخوان» إلى الحكم، حيث كان هدفه الأساسي من ضمن أهداف خطة «التمكين» التي سعت الجماعة الإرهابية لتطبيقها في مختلف مؤسسات الدولة.
وهو ما دفع النائب والإعلامي مصطفى بكري، لتأليف كتاب عن هذه الفترة الحساسة في عمر البرلمان، تحت عنوان «برلمان الإخوان.. مجلس تصدير الأزمات»، الصادر عن «دار المعارف» والذي يرصد فيه بكري ممارسات الإخوان تحت قبة مجلس النواب بعد أن امتلكت الأغلبية داخل مجلس 2012،
كما كشف بكري في كتابه عن كواليس الجلسات التي عقدت في دور الانعقاد الوحيد، والمشاورات والأزمات التي جرت داخل قاعة جلسات البرلمان، و الذي كان غالبية أعضائه ينتمون إلى التيار الإسلامي، والذي فاز بنحو 70% من مقاعده.
وأوضح أن جماعة الإخوان آنذاك كانت صاحبة الحل والعقد في هذا المجلس، حيث فازت وحدها بنحو 42% من مجموع الأعضاء ، وجرى انتخاب احد أعضاء مكتب الإرشاد رئيسا للمجلس ، علاوة على أنها أصبحت المتحكم الأساسي في غالبية لجانه.
كما كشف" بكري" عبر صفحات الكتاب عن سقوط عدد من رموز التيار الليبرالي في شباك هذه الجماعة بعد أن جرى توظيفهم لخدمة أهدافها، موضحا أن المجلس استمر لـ 144 يوما، تم خلال جلساته تقديم 169 استجوابا، و242 مشروع قانون، و911 سؤالا و96 طلب مناقشة عامة و2621 اقتراح برغبة، فضلًا عن عدد من طلبات الإحاطة، بالإضافة لتشكيل 3 لجان لتقصي الحقائق.
وأكد عضو مجلس النواب أن أغلبه هذه الأدوات التشريعية والرقابية التي جرى استخدامها من جانب نواب الإخوان، ماهي إلا محاوله لخلق مزيد من الأزمات وتصديرها للشارع، مؤكدا أن الجماعة سعت مع حلفائها لتوظيف أدوات المجلس التشريعية والرقابية لخدمة الأهداف السياسية والمصلحة، والمثال الصارخ هو إصدار قانون العزل السياسي بهدف إبعاد المرشحين المتنافسين وإخلاء الساحة للمرشح الاخواني، حيث ناقشت لجنة الاقتراحات والشكاوى على غير المتوقع مشروع قانون جديد تقدم به النائب عصام سلطان رئيس الهيئة البرلمانية لحزب الوسط يقضي بتعديل قانون «إفساد الحياة السياسية» لمنع أعضاء ورموز النظام السابق من الترشح لانتخابات الرئاسة، وجرى طرح المشروع بشكل عاجل في الجلسة التي ترأسها محمد عبد العليم داود وكيل المجلس، حيث قرر المجلس إحالة مشروع القانون إلى اللجنة التشريعية صباح اليوم التالي.
وتابع: نشب خلاف كبير حول هذا القانون حيث شكك البعض في مدى دستوريته، إلا أن الجماعة وحلفاءها كانوا مصرين على إصداره مستهدفين عمر سليمان وأحمد شفيق، اللذين أعلنا عن نيتهما في الترشح لانتخابات الرئاسة، وقد جرى عقد لقاء مشترك للجنتي الشئون الدستورية والتشريعية والاقتراحات والشكاوى صباح اليوم التالي برئاسة المستشار محمود الخضيري بالرغم من اعتراض الحكومة وتحذيرها من عدم دستورية هذا القانون، وخلال الجلسة اجتمع المجلس لمناقشة القانون وقدم النائب عصام سلطان تعديلات على المشروع تضمنت حظر ترشح رموز النظام السابق للانتخابات الرئاسية ليشمل كل من عمل خلال السنوات العشر السابقة على تنحي الرئيس السابق في 11 فبراير سنة 2011.
مستطردا: في هذه الجلسة شن العديد من النواب خاصة المنتمين منهم لجماعة الإخوان هجوما شرسا على ترشح عمر سليمان لرئاسة الجمهورية ، الأمر الذي أثار غضب العديد من النواب، لافتا إلى أنه عندما احتدم النقاش داخل القاعة وقف المستشار محمود الخضيري رئيس اللجنة التشريعية والدستورية ليطالب بتنحية الكلام عن الدستور والقانون واللجوء إلى الشرعية الثورية، وقال «إحنا غلطانين أننا معملناش فيهم زى القذافي وقتلنا حسنى مبارك ونائبه عمر سليمان».
ولفت" بكري" إلى أن مواقف مجلس الشعب أثارت في هذا الوقت ردود فعل رافضة في الشارع المصري، حيث كان الناس يصفون هذا القانون بأنه انتقائي حتى أن الشارع أطلق على هذا القانون «قانون عمر»، وقد رفض مشروع القانون لعدم دستوريته من قبل المحكمة الدستورية.
إرهاب المخالفين
و استعرض “ بكري” أزمة جديدة كان يفتعلها المجلس وهى التربص بحكومة الدكتور كمال الجنزوري، قائلا:" انقلب حزب الحرية والعدالة، ذراع الجماعة السياسية، على حكومة الدكتور كمال الجنزوي، مستخدما أساليب التهديد والوعيد بسحب الثقة، على الرغم من أن الإعلان الدستوري لم يعط المجلس هذا الحق.
وأشار إلى أنه وبعد فشل نواب الإخوان في إقالة الحكومة لجأوا لوقف الجلسات لمدة أسبوع (إضراب عن العمل)، موضحا أن هذه هي المرة الأولى التي يترك الأعضاء القاعة لينزلوا لميدان التحرير في جمعتين متتاليتين بقصد إرغام المجلس العسكري على تبني مطالب نواب الإخوان في المجلس بإقالة الحكومة، واستخدمت الجماعة أسلوب الخديعة والكذب وإرهاب المخالفين وقمع الآراء المخالفة، حيث أعلنت العداء مع حزب النور وهددت بإنهاء التحالف معه رسميا عندما علمت بموقفه الداعم لحكومة كمال الجنزوري».
تفكيك مؤسسات الدولة
استند “ بكري ” لمضابط الجلسات في رصد الجلسة الطارئة التي عقدها المجلس في الثاني من فبراير2012 بشأن حادث "ستاد بورسعيد"، و الذي راح ضيحته العشرات من مشجعي النادي الأهلي، وكيف وظف نواب الإخوان الحادث للمطالبة بتفكيك مؤسسات الدولة وفى مقدمتها الأجهزة الأمنية لتحقيق أهدافهم الانتقامية، مشيرا إلى أن الجلسة حملت أجهزة الأمن والمجلس العسكري مسؤولية هذه الأحداث حتى قبل أن تبدأ لجنة تقصي الحقائق التي شكلها المجلس و لم تجد الجماعة غضاضة في التقدم بعريضة اتهام ضد وزير الداخلية محمد إبراهيم يوسف موقع عليها من 120 نائبا تطالب فيها بعزلة ومحاكمته بالتواطؤ والمسؤولية.
وأكد بكري في كتابه أن جلسات المجلس شهدت منذ بداية انعقادها محاولات للانتقام وتحميل المجلس العسكري والنائب العام والحكومة مسؤولية التهاون في محاسبة من أسموهم بالمتورطين في قتل المتظاهرين أبان إحداث 25 يناير2011، وأيضا إهدار الحقوق المادية والمعنوية للشهداء والمصابين في هذه الأحداث، كما حمل النواب جهات الأمن ووزارة الداخلية المسؤولية عن هذه الأحداث والتقاعس عن اتخاذ الإجراءات الأمنية اللازمة لحماية المواطنين واللاعبين.
تطهير الداخلية
أكد “بكري” أن نواب جماعة الإخوان وجدوا الفرصة سانحة للمطالبة بتطهير وزارة الداخلية وإعادة هيكلتها، إلى أن وصل الأمر بأحد النواب إلى المطالبة بتشكيل لجنة من مجلس الشعب تتخذ من وزارة الداخلية مقرا وتشرف هي على تطهير الوزارة وإعادة هيكله أجهزتها بمعرفتها، مشيرا إلى أن الهجوم لم يقتصرعلى المجلس العسكري ووزارة الداخلية على نواب الإخوان فحسب ، بل شاركتهم في ذلك عناصر سلفية وتيارات سياسة وأخرى من حزب «المصريين الأحرار» وحزب «الكرامة» و«التيار الشعبي» و«المصري الديموقراطي»، و أحدثت المناقشات التي كانت تذاع مباشرة ردود فعل سلبية في الشارع المصري.
اجتماع وزارة الدفاع
وكشف “بكري” تفاصيل لقاء هام للمشير محمد حسين طنطاوي، رئيس المجلس العسكري، وقتها حيث وجه الدعوة لرئيس مجلس الشعب ومعه عدد من قيادات المجلس للاجتماع معه في مقر وزارة الدفاع، وبالفعل شارك كل من رئيس المجلس، محمد الكتاتني، ووكيل المجلس أشرف ثابت، ورئيس لجنة العلاقات الخارجية عصام العريان، في حضوره والفريق سامي عنان رئيس الأركان واللواء محمد العصار عضو المجلس الأعلى، واللواء ممدوح شاهين مساعد وزير الدفاع للشؤون القانونية والدستورية.
وأضاف أن الاجتماع تناول أحداث بورسعيد وتطوراتها، حيث أكد المشير أن التحقيقات ستثبت من هم الجناة الحقيقيون، وأشاد باللواء محمد إبراهيم يوسف وزير الداخلية، وطالب بدعم جهاز الشرطة، وأكد أن المجلس العسكري صمم على تنفيذ خارطة الطريق التي بدأها بالانتخابات البرلمانية، وصمم أيضا على تنفيذها كاملة والوفاء بكافه التعهدات والالتزامات وتسليم السلطة في 30 يونيو المقبل.
وتابع: خلال اللقاء قال طنطاوي إن «أعداءنا يطالبون بأن يتحول الجيش إلى إدارة مدنية حتى ننسى حماية الحدود والآمن القومي لكن ذلك مستحيل، وشدد بكري على أنه رغم التعهدات التي قطعها رئيس المجلس العسكري، إلا أن نواب الإخوان وحلفاءهم داخل المجلس لم يتوقفوا عن محاوله تصدير الأزمات إلى الشارع والسعي إلى التشكيك في مؤسسات الدولة، لاسيما الجيش والشرطة والقضاء.
الجمعية التأسيسية
وانتقل “ بكري ” بعد ذلك إلى واحدة من أشهر الأزمات في “ برلمان الإخوان” ، تمثلت فى قضية الانتهاء من تشكيل الجمعية التأسيسية للدستور، والتي كانت واحدة من أهم القضايا التي سعى المجلس إلى عرقلة انجازاتها قبيل الانتخابات الرئاسية، قائلا: " دأبت جماعة الإخوان تحت القبة على التشكيك في أحكام القضاء والتحريض ضدها بطريقة غير مسؤولة ، والتى لطالما تعارضت أحكامها مع أهداف الجماعة وإستراتيجيتها، الأمر الذي عكس كذب الجماعة وادعائها السابقة باحترام القضاء، حيث تصاعدت الأزمة بين المجلس العسكري وجماعة الأخوان بعد تأجيل محكمة القضاء الإداري، نظر طلب رد المحكمة التي تنظر في بطلان الجمعية التأسيسية إلى 30 يوليو 2012.
استهداف القضاء
قال “ بكري”: إن جماعة الإخوان الإرهابية ضربت بأحكام القضاء عرض الحائط، حيث أصدرت بيانا آنذاك قالت فيه إن قرار المجلس العسكري بحل البرلمان هو انتزاع للسلطة التشريعية بغير حق، كما أنه يمثل انقلابا على المسيرة الديموقراطية برمتها ويعيدنا لنقطة الصفر من جديد، مشددة على أن كوادرها لن يقفوا متفرجين على محاولات القضاء على أهداف الثورة في الحرية والديموقراطية والعدالة الاجتماعية والكرامة، حيث ظل الإخوان رافضين حكم المحكمة الدستورية العليا، و الذي قضى حينها بحل مجلس الشعب لوجود شبهه في عدم دستورية قانون الانتخابات، بعد إحالة قانون الانتخابات ، والذي أجريت على أساسه انتخابات مجلسي الشعب والشورى إلى المحكمة الدستورية العليا ،حيث تبين لها شبهه عدم الدستورية القانونية استنادا إلى الانتخابات البرلمانية التي أجريت وفقا لهذا القانون.
وأضح أن الرئيس المعزول محمد مرسي سعى إلى قطع الطريق على تفعيل حكم القضاء الإداري حال صدوره، وذلك بإعادة مجلس الشعب المنحل إلى الحياة مجددا في 10 يوليو،الأمر الذي تسبب في ردود فعل شعبية وقانونية وقضائية عارمة في مواجهه هذا التعدي على إحكام القضاء، مشيرا إلى أنه بدلا من أن تتراجع جماعة الإخوان، راحت تتحدى الإحكام القضائية من جديد وأصرت على التمسك بعودة المجلس لممارسة مهامه واختصاصاته ، وأمام إصرار المجلس العسكري على كيفية تنفيذ الحكم باءت كل محاولات الجماعة بالفشل.
الجلسة الباطلة
وأختتم بكري حديثه برصد تفاصيل الجلسة الباطلة التي عقدت بعد حل البرلمان،قائلا: رغم صدور حكم المحكمة الدستورية العليا بحل مجلس الشعب في 14 يونيو 2012 وموافقة رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة على قرار الحل ، إلا أن الدكتور محمد مرسي والذي انتخب في 24 يونيو 2012 أصدر قرارا بدعوة المجلس للانعقاد متجاهلا الحكم الواجب النفاذ، حيث رفض عدد من النواب تلبية دعوة الانعقاد.
وأشار إلى أن الجلسة حينها اشتملت كلمة واحدة ، ووحيدة ألقاها رئيس المجلس المنحل بدون جدول أعمال، و طالب فيها بإحالة الموضوع لمحكمة النقض للنظر والإفادة ، ورفعت الجلسة وأغلق المجلس أبوابه بشكل نهائي بعد حكم محكمة النقض ليصبح حكم الدستورية نافذا، ولم يستطع الإخوان، رغم محاولاتهم ومؤامراتهم، أن يعيدوا المجلس الباطل إلى الحياة مرة أخرى.
